بين “جبرون” و”رشيد اوراز” تختلف القناعات حول موجة ” الحريك “
عادت قوارب الهجرة غير الشرعية بين المغرب وأوروبا إلى الحياة بعد سنوات من السبات، خاصة بعد قيام المهاجرين بنشر صور وأشرطة فيدو توثق عمليات الهجرة الجماعية، ما جدد المخاوف من أن يبتلع البحر الأبيض المتوسط ارواح الشباب
الموجة الجديدة للهجرة إلى اروبا ، خلقت جدلا داخل المغرب، وتحديدا لأنها جاءت بعد توقف سنوات امتدت منذ الربيع الديموقراطي العربي، ما دفع الباحثين إلى الحديث عن الموجة الحالية باعتبارها دليلا آخر لأزمة السياسة بالمغرب .
الباحث المغربي، محمد جبرون يرى أن ” الهجرة بحثا عن فرصة حياة أفضل في أرض الله الواسعة تطلع مشروع، لكن المغامرة بالحياة، والتنكر للوطن سلوك غير أخلاقي، وانحراف خطير وجبت مواجهته بكل الوسائل المتاحة”.
واعتبر جبرون ان التشجيع على الحريك “جريمة أخلاقية”، قائلا “أتتبع بألم وحسرة شديدين أخبار الهجرة السرية (الحركة) التي عادت للواجهة هاته الأيام، وتتضاعف حسرتي عندما أقرأ تدوينات لأشخاص يفترض فيهم أن يكونوا مصادر أمل وتفاؤل جيل المستقبل، لكنهم على العكس من ذلك، لا يتحرجون في كتابة تدوينات تبرر “الحريك” بدعوى ضيق الأفق في البلد، والخوف من المستقبل”.
ويرى جبرون في تدوينة على صفحته الشخصية في “الفيسبوك” أن “المغرب ليس جنّة، ولا جنّة فوق الأرض، لكنه أيضا ليس جهنم”، مضيفا أنه “لا مبرر -إطلاقا- لشباب قاصر في المغامرة بحياته للوصول إلى الضفة الأخرى، في الوقت الذي هو مطالب بالمغامرة في الدرس العلمي، والتكوين، والمثابرة، والكفاح من أجل فرص العيش الكريم في هذا البلد”.
الباحث في المعهد المغربي لتحليل السياسات، رشيد أوراز، كشف ان “السبب الرئيسي والمباشر لتجدد ظاهرة الهجرة من المغرب، فقدان الأمل وانسداد الأفق وسيادة الإحباط”.
وقال ايضا”، أن المغاربة الذين عبروا عن وعي معتبر في التفاعل مع الدولة طيلة السنوات الأخيرة لم يتقبلوا الطريقة التي تم بها مثلا تدبير الدولة لملف رئيس الحكومة السابق، وكيف جرى التخلص منه بطريقة لم يقبلها الكثيرون.
وتابع الباحث الاقتصادي المختص في تأثير التعليم والمؤسسات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية على الدينامية الاقتصادية: “لقد انطلق الإصلاح مع ابن كيران، غير أن الإصلاحات توقفت، وهو ما عكس لدى المجتمع شعورا متزايدا من الخيبة وفقدان الأمل، شرعت التراجعات السياسية والاقتصادية والحقوقية في تغذيته وصناعة اليأس الذي تفجر في عودة الهجرة السرية”.
وأفاد أن الأمر لم يتوقف عند هذا الحد، بل حتى المؤسسات الدستورية الرسمية من خلال تقاريرها تعلن أن الموقف متوقف عن الإصلاح، وأن الفساد والرشوة تستفحلان في المغرب.
واعتبر أن “أخطر ما في هذه الموجة الجديدة للهجرة، هو هجرة الأسرة بكاملها، الأب والأم والأطفال، ففي السابق كان الأب وحده من يهاجر، أما اليوم فالأمر أصبح أكثر رعبا لأن الأب لا يمكن أن يغامر بأبنائه ويرمي بهم في البحر دون سبب”.
وشدد في تصريح صحفي لـ ” عربي 21 على أن موجة الهجرة الجديدة، تجاوزت الزبائن التقليديين لهذه المجال، حيث أن المهاجرين الجدد هم مهندسون يشتغلون في شركات دولية كبرى بأجور جد محترمة، ومع ذلك قرروا الهجرة خارج الوطن بحثا عن أمل.