هواية “السورف” الحقوقي بشواطئ مراكش

بفارق أسبوع تقريبا تقاطرت ثلاث بيانات “مختلفة المصدر” ومتطابقة الموضوع، فبعد بيان فرع “الجمعية المغربية لحقوق الإنسان” بالناظور حول موضوع المهاجرين الأفارقة غير الشرعيين المقيمين بالمغرب وما رافقه من زوبعات في فنجان الجمعية، سيطفو لسطح الأحداث بيان آخر بنفس الخط التحريري أو بتعبير أدق نسخة كربونية لسابقه مع اختلاف في التاريخ والتوقيع، حيث كان بتوابل دولية ممثلا في فرع “أمنيستي” بالمغرب.

هذا الأخير لم يخرج عن دائرة كيل التهم المجانية للسلطات المغربية في تعاطيها مع ملف الهجرة، دون الاستناد على أسس واقعية تجعل منه مقبولا حتى لدى غالبية المهاجرين الأفارقة المقيمين بالمغرب. غير أن أغرب هذه البيانات والذي تم توقيعه بالمجهول تحت يافطة (ممثلي وممثلات منظمات وشبكات المجتمع المدني والمركزيات النقابية وجمعيات حقوق الإنسان وجمعيات المهاجرين والفعاليات في مجال الهجرة ومنظمات المغتربين المغاربة بأروبا… ).

وقبل الخوض في حيثيات وتفاصيل هذا البيان والتي لا تستحق من القارئ غير الرجوع للبيانين السابقين (أمنيستي وAMDH) ليلمس نوعية الحبر الواحدة التي فاضت منهما لتصيغ البيان الثالث، لا بد من التعريج على مسألة أساسية في أدبيات صياغة البيانات والتي لا تغيب عن المبتدئ فما بالك بهذا اللفيف من “الفعاليات” وهي توقيع البيان بأسماء التنظيمات الحاضرة، خاصة وإن كانت من حجم ما تم ذكره في مقدمة البيان، لكن الكاتب جعلها بصيغة المبني للمجهول محاولا الاختباء وراء جملة ربما كلماتها أكبر ضعفين من عدد الحاضرين، ما يحصر كاتب المقال في زاوية التدليس من السطر الأول فحق فيه القول (خرج من الخيمة عوج).

وبالعودة لمضمون البيان المؤرخ في 8 شتنبر 2018 والذي لم يأتي بجديد مقارنة ببيانات “الجمعية المغربية لحقوق الإنسان” ذات الباع الطويل في “تبياع العجل” وهواية الركمجة وركوب كل موج عابر أملا في الاستمرار والبقاء بعدما أصبحت تعيش على هامش اهتمامات واختيارات الشعب المغربي، بل وضد قضاياه المصيرية ومنها قضية الوحدة الترابية التي تصطف فيها الجمعية في خندق واحد مع أعداء الوطن أملا في دعم قد يأتي من هنا أو هناك، فقد حاول بيان “الفعاليات المجهولة” هو الآخر إظهار المغرب بصورة نمطية تجاوزتها التقارير الدولية التي تشهد بالمجهودات الجبارة التي يبذلها في مجال الهجرة غير الشرعية، عكس ما رمى له أصحاب البيان كون المغرب صار دركيا لأروبا أو غيرها لغايات تمويلية لا تستند لأي واقع غير ما يختلج مخيلة الكاتب المهووس ب “التمويل” فصار كالسفيه الذي يرمي الناس بما فيه، متناسيا أن المغرب دولة ذات سيادة تمارس سلطتها فوق ترابها الوطني وفق ما تنص عليه قوانينه الوطنية والتي لا تتعارض مع التزاماته الدولية. وقد حاول أصحاب البيان تكييف الأحداث الأخيرة عند السياج الحدودي مع سبتة المحتلة بكون الاعتقالات كانت على أساس عرقي!! ما يجعلنا نتساءل باستغراب هل كان ضمن المهاجمين للسياج مغاربة تم غض الطرف عنهم مقابل اعتقال غيرهم من جنوب الصحراء؟!

ومما كرره البيان كسابقيه هو ضرورة احترام المغرب لمطالب المهاجرين غير الشرعيين والتي لم يذكرها البيان مع أنها مختزلة في مطلب واحد هو العبور للضفة الأخرى، فكيف يطلب البيان من المغرب الالتزام بالقوانين الدولية المتعلقة بالمهاجرين ويقفز في الآن نفسه على قوانين أخرى تلزمه بحماية الحدود والجوار، مع أن القاعدة تقول بأن الحقوق لا تقبل التجزئ ومعها أيضا القانون، وفي مقابل ذلك فالمغرب وفي إطار التزامه بتعهداته الدولية فقد سعى منذ سنة 2013 إلى العمل على سياسة وطنية للهجرة منح بموجبها حق الإقامة لأزيد من 50000 مهاجر غير شرعي منهم 90٪ من دول جنوب الصحراء، ووضع برامج عديدة لتأهيلهم وإدماجهم من أموال دافعي الضرائب المغاربة وليس هبة من أحد كما يظن محترفو “التمويل”.

وقبل الختم، تجدر الإشارة إلى أن تعدد البيانات وتزاحمها حول موضوع واحد دون غيره من المواضيع التي يعيشها المغاربة والمهاجرون على السواء وبزخم منقطع النظير، يجعلنا نجزم بما لا يدع مجالا للشك أن هذا مجرد إحماءات إنشائية غرضها بالأساس هو لعب “دور البطولة” خلال المنتدى العالمي للهجرة والتنمية المزمع تنظيمه بمراكش أيام 5، 6 و7 دجنبر 2018 ولو على حساب معاناة المهاجرين أنفسهم.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى