موقف حامي الدين من الملكية: بين دسائس الغرب وانكشاف نهج التقية لدى “البيجيدي ” والابتزاز الشخصي ؟
اذا كان حزب العدالة و التنمية قد اثار الكثير من القيل و القال ، و اسال الكثير من الحبر من لدن مختلف الباحثين و المهتمين بالشأن السياسي خصوصا ، و بالشأن العام عموما ، فإن الزمن السياسي كفيل وقمين بكشف المواقف الحقيقية للحزب ، و بإظهار المعدن الحقيقي لقياداته ومنظريه الذين ملأوا الدنيا ضجيجا بسبب مواقفهم التي تثير الكثير من التساؤولات الحارقة .
و بقدرما كان الحزب كله مستفزا للباحثين ، بقدرما كانت مواقف بعض ” صقوره ” فريدة لدرجة تسترعي الكثير من الحيطة و من الحدر في فهم دواعي ميلادها و علل وجودها ؛ و تندرج الخرجة الاخيرة للسيد حامي الدين في سياق هكذا خرجات غريبة و مثيرة للإستفهام .
لقد كان حامي الدين من رجالات الحزب العدالة والتنمية الذي لم ينجح في تفادي الإنتقادات الأتية من كل الجبهات . فالرجل كان ابنا للحركة الاسلامية داخل رحاب الجامعة في سياق تميز باحتدام الصراع بين الدولة و اليسار الذي كان يحتكر الجامعة من خلال واجهة الاتحاد الوطني لطلبة المغرب الذي كانت مواقفه صلبة و جذرية في احايين كثيرة . و امام ذلك الصراع المحتدم بين الدولة و اليسار ؛ كانت الايديولوجوجيا الاسلامية توظف من اجل فرملة اليسار ، و بغية ضبط ايقاعات الاتحاد الوطني لطلبة المغرب الذي كان فضاء للجدل السياسي العميق .
و في ظل سياق الجدل وضبطه ؛ كان السيد حامي الدين عنصرا نشيطا في صفوف الحركة الاسلامية ، و ما يزال ملف أيت الجيد كابوسا وشاهدا وصما للاتهام يطارد الرجل أمام القضاء، يطفو على الواجهة أحيانا ويخبو لفترة غير أنه يأبى النسيان . و الأساس بالنسبة للمقال هو ان حامي الدين كان و ما يزال من رجالات الحزب ” الاسلامي ” بشكل يجعل خرجاته مضبوطة و دقيقة و غير عفوية .
و لذلك اود ان اناقش الموقف المعبر عنه ازاء الملكية . و ادعي ان تصريف مثل ذلك الموقف في هكذا لحظة تاريخية دقيقة ؛ لا يمكن ان يكون دون خلفيات و دون اهداف متوخاة . وبلغة اخرى فانه من المستبعد ان يكون الموقف مجانيا و دون تكتيك مضبوط و محكم بقواعد اللعب المؤطرة للحزب العدالة والتنمية . و منهجيا يجوز التساؤل حول خلفيات الموقف الذي عبر عنه حامي الدين ؟ و لماذا اختيار هذا الوقت بالذات ؟ و لماذا ثم الربط بين الملكية و إعاقة التنمية ؟ و كيف ثم الربط بين الملكية و ابن كيران ؟.
إن مثل هذه الاسئلة تستند الى مرجعية حزب العدالة والتنميةالمرتبطة بتجربة الحركة الاسلامية التي تعتمد على مفهوم ” التقية ” كمفهوم استراتيجي يضبط مختلف تكتيكات الفعل السياسي . و التقية تعني اظهار عكس ما تضمر الروح من مواقف ، في انتظار السياق المناسب من اجل البوح و تسويق المواقف الحقيقية التي ظلت مستترة لعقود تحت سلطة التقية .
و يجوز تعميق التقاش في فحوى الموقف من الملكية و الذي عبر عنه السياسي ، مثار المقال ، خاصة امام ارتفاع الصيحات في بعض ربوع الوطن بشكل يسمح بوضع فرضية مفادها ؛ هل الملكية مستهدفة ؟ إن مثل هذا السؤال لا يخلو من مكامن قوة سيما اذا استحضرنا الدفاع المستميث على شخص ابن كيران باعتباره القادر على مجابهة الملكية ، على حد قول حامي الدين ! و اجزم ان الرجل قد عبر عن موقف خطير ازاء الملكية . ببساطة لان الموقف بعتمد تكتيك التقية لمراوغة الملكية في انتظار نضج الشرط الموضوعي ( السياق ينتج المعنى كما يقول المناطقة ) .
و مهما كانت مبررات الخطاب و مصوغاته ، فإن الخلفية واضحة ، و المبدأ حيال الملكية يبقى ظرفيا جامحا . اننا امام موقف بحسب على حامي الدين ، على وجه التحديد ، و على تيار ابن كيران بشكل عام . و اذا كانت ورقة الحزب خلال اعداد دستور 2011 اقرب الى ما صرح به حامي الدين ، فإن توجيه الاتهام مباشرة للملكية ؛ و بتلك الطريقة العجيبة ، يثير اكثر علامة استفهام ، و يدفع الى شرعنة استحضار الخطر المحدق بالمغرب بسبب دسائس الغرب من جهة ، و بسبب استئساد خطاب التقية من لدن الحزب الاغلبي داخليا وتحقيق مآرب شخصية .
خبير في القانون الدولي_ الهجرة ونزاع الصحراء