close button

مُحامي لهبة بريس: انتقلنا من العنف المأْلوف إلى العنف الاستعراضي

محمد منفلوطي_ هبة بريس

يبدو أن منسوب الاعتداءات والتشرميل والتطاول، لم يعد يقتصر على المواطنين العاديين، بل طال حتى السلطات العامة ممن يسهرون على الأمن وسلامة الممتلكات، بل وطال حتى رجال التربية والتكوين، لتمتد شرارته إلى بيوت الرحمن.

وقد انتشرت في الآونة الأخيرة، فيديوهات وصور لأشخاص يعتدون على دركيين وأمنيين وأساتذة وإداريين، وحتى مواطنين عاديين، إما تشرميلا أو طعنا أو تنكيلا، بطرق وأساليب يغيب عنها الحس الإنساني..

إن ظاهرة العنف اليوم أضحت تتصدر مواقع التواصل الاجتماعي بالصوت والصورة والثقة في النفس من أبطال هذه الآفة، مما يستدعي الوقوف عن أسبابها ومسبباتها، وطرق علاجها بل والتصدي لها بكل حزم.

طبعا، هي ظاهرة نالت نصيبها من النقاش العمومي، إذ أن كثيرين طالبوا بإعادة النظر في المقاربة الزجرية وإدخال تعديلات العقوبات السجنية بفرض الأعمال الشاقة على مرتكبي هذه الجرائم مع ادخال الخدمة العامة، من قبيل حفر الخنادق ومد الطرقات وشقها، وبناء القناطر والسدود وتكسير الأحجار لتشييد السدود التلية، وعدم الاحتفاظ بالمسجون داخل سجن واحد..

الأستاذ “كمال العايدي” محامي بهيئة المحامين بسطات وفي تصريح لهبة بريس، قال: إن موضوعنا هذا يستمد راهنيته من تفشي ظاهرة العنف بكل أشكاله، ومعه أضحت الظاهرة واقعا يتطلب فتح نقاش جريء وواضح وموضوعي بعيدا عن المزايدات أو الاصطفاف نحو فئة معينة سواء تعلق الأمر بالضحية أو المتهم عبر تبني منطق حقوق الانسان أو الحق في الحياة، وإنما الأمر يقتضي البحث في الموضوع كونه ظاهرة أضحت مقلقة، وأن البحث عن علاجها يتطلب التجرد من بعض القواعد المُعتبَرة قواعد مشتركة أو سامية تُحصن الحرية أو تحصن الحياة.

وأضاف الأستاذ كمال العايدي أن دور العقوبة في الحد من الظاهرة، هو دور مسكوت عنه، ذلك أن البحث في الفقه القانوني أو الاجتماعي السوسيولوجي هو بحث ينصب دائما على معالجة المتهم أو الوقوف إلى جانب الضحية دون البحث عن حلول جذرية حقيقية للظاهرة الاجرامية في أي مجتمع.

ولفت المحامي كمال العايدي النظر إلى كون المجتمع المغربي استفاق متأخرا على وجود أنماط اجرامية جديدة من قبيل الجريمة الالكترونية وجرائم القسوة التي باتت منتشرة على مواقع التواصل الاجتماعي، هذه الأخيرة التي ساهمت بدورها في انتشارها بشكل مخيف ومتسارع، كما استفاق أيضا على أنواع جديدة من العنف في الجريمة الذي تخطى المألوف ليبلغ العنف الاستعراضي، وبات المتهم معه يحمل سيفا طويلا يفوق طول قامته، ليتباهى به داخل المجتمع معربدا ومعتديا على الممتلكات واعتراض سبيل المارة، ذلك أن الاعتداءات اليوم تجاوزت المواطن العادي وممتلكاته، لتصل حد التجرؤ على السلطات العامة بسلاحها من أمن وطني ودرك ملكي.

وأشار المحامي كمال العايدي إلى أن استفحال الظاهرة يدعو إلى الحديث عن دور العقوبة في الحد منها، وهو ما يتطلب البحث فيها من عدة زوايا، أولا من نوع العقوبة الذي يتطلب نقاشا بعيدا عن الانتماءات السياسية والثقافية، بل يجب أن يكون ملتصقا بالانتماء لهذا الوطن وأثر الجريمة على الوطن والمواطنين، فعندما نطبع مع هذا النوع من السلوك فإننا نؤسس إلى مجتمع عنيف.

وأضاف الأستاذ كمال العايدي أن تكديس الناس في السجون ليس بعقوبة، وليس بحل للحد من تنامي الظاهرة، بل لا بد أن يكون الفعل من جنس العمل وأن تكون هناك قسوة في الجريمة التي يؤدي التطبيع معها إلى قبولها داخل المجتمع يعني (القسوة).
.
وشدد الأستاذ كمال العايدي على أن العقوبة في نظره يجب أن تتخذ أشكالا متعددة من قبيل خروج المحكوم عليه إلى الشارع ليؤدي الخدمة العامة، هذه الأخيرة ستجعل من رأسه متطأطئا لا يستطيع حينها على حالة العود، لاسيما وأن السجن أحيانا لايرذع المجرمين بل يؤهلهم لخوض جرائم أكبر، وهنا (يقول الأستاذ كمال العايدي)، لا بد من الوقوف وقفة صريحة وجريئة للحديث عن الكيفية التي سيتم بها معالجة الظاهرة من خلال وقع العقوبة على المتهم وعلى محيطه، لاسيما في ظل تبني بعض العائلات والأسر لأسلوب تبرير جريمة أبنائها أو أقاربها تحت طائلة ” والله أولدي غير مظلوم مسكين…”، وهو ما يتطلب إعادة النظر في دور العقوبة للحد من ظاهرة الجريمة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى