يوميات رمضان…ألم يأن لصُناع التفاهة أن تخشع قلوبهم؟
قُلنا وقالوا معنا من لهم رأي وحكمة بالغة، بأن رمضان هو شهر التصالح مع الخالق، وهو شهر معظم، فيه ترفع الأدعية إلى السماء وتتحقق، فيه تسود الرحمة والعتق من النيران…
لكن الحقيقة كل الحقيقة التي لا يمكن إلا لجاحد أو متنطع انكارها، هي أن التفاهة والسخافة والحموضة والرقص بالمؤخرات لم تقتصر على شهور بعينها، بل امتدت لتطال حتى شهر رمضان، إذ لازال العديد من صُناعِها البؤساء يخلقون الحدث ويوزعون المُنكرات والفواحش ما ظهر منها وما بطن، بعد أن أضحت الشهرة لديهم هي ” تسول اللايكات والمشاهدات”، يكيفهم في ذلك، حصولهم على هاتف ” بليد”، لينخرطوا في توثيق ” خزعبلاتهم” بطعم الرقص بالمؤخرات تارة، أو بحركات مثيرة لأجزاء من أجسادهم تارة أخرى، أو قد تصل بهم وقاحتهم إلى توثيق ذلك حتى على فراش نومهم رفقة زوجاتهم، في زمن غابت عنه عناوين النخوة والرجولة واختلطت فيه آثارهم بآثار الخيول الأصيلة..
هُم صناع التفاهة الذين لا لوم عليهم في الحقيقة، بل العيب كل العيب يقع على كل من يهرول وراءهم ويتتبع عوراتهم ويساهم في الرفع من منسوب المشاهدات لديهم، نعم، هم يخلقون بمواقفهم هاته مواضيع تافهة بضحكات وابتسامات مصطنعة بلا مضمون ولا معنى ولا قيمة، متسلحين بالكم الهائل لمتتبعيهم من بني جلدتهم الذين يعزفون على وثر الرداءة والسخافة ذاته ، همهم الوحيد والأوحد خلق” البوز الخاوي”، لمضاعفة مداخيلهم المالية ولو على حساب الشرف والكرامة…
هُم صناع التفاهة إذن، الذين استفادوا من هامش الحرية الذي مُنح لهم على مواقع التواصل الاجتماعي في غياب رقابة صارمة مع ترتيب الجزاء….
استفادوا من هامش الحرية هذا، ليصنعوا لأنفسهم أسماء من ورق سرعان ما تندثر ويغيب بريقها مادام دافعهم الأساسي، الجشع وحب المال لعرض مابقي لهم من شرف على مواقع التواصل الاجتماعي.
ونحن نعيش على نفحات شهر مبارك، لعله يمحي ذنوب شهور مضت، تعالوا لنقول كلمة سواء بينا وبينكم، أن لا ننزاح عن الأهداف الرئيسية التي جاءت بها وسائل التواصل الاجتماعي والتكنولوجيا بشكل عام، وأن لا نُسيء فهم ذلك ونُسيء التعامل معها، فبدل أن يسخروها هؤلاء في خدمة ماهو إيجابي، تاهت بهم السبل فوظفوها في ما هو أسوأ… يا للأسف…
هُم صُناع التفاهة الذين لاحدود لهم ولا حرمة زمان ولا مكان، وبهدف تحقيق الشهرة والربح السريع دون عناء، يتاجرون في ما بقي لديهم من شرف، لكن في المقابل هناك فئة طويلة عريضة ولكونها طواقة لتتبع العورات وحشر الأنوف في كل صغيرة وكبيرة بغرض التتبع والتقصي وحب الاستطلاع، تراهم يدعمون مثل هاته التفاهات تماشيا ومقولة ” يخ منو وعيني فيه”…..
هنا يقع الدور على وسائل الاعلام والصحافة النزيهة في تصحيح المسار، لزرع بذور الثقافة بين المجتمع وليس “استبلاده”، والحقيقة الغائبة الحاضرة هي أن كل فرد من أفراد المجتمع لديه ما يكفي من الوعي والفكر للتمييز بين الأشياء ، لكن إنه هو غض الطرف وانغمس في مشاهدة و متابعة هذه الفضائح والسخافات، لامحالة سيكون مسؤولا أمام نفسه والتاريخ وأمام الله عز وجل، وهو القائل : “إنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ”…
لهؤلاء نقول، على الأقل احترموا هذا الشهر الفضيل، واصنعوا أشياء تتماشى وحرمات هذه الأيام المباركة، لعلها تكون سبيلا لكم لتغيير المسار….