المحلل الاقتصادي زهير الخيار: وجود التضخم لا يجر متاعب فقط بل قد يجلب بعض المنافع

أثار الحديث عن التضخم في الاقتصاد الوطني جدلا اقتصاديا وسياسيا ومؤسساتيا، خاصة بعد التصريحا التي أدلى ها المندوب السامي للتخطيط أحمد الحليمي، وما خلفه من التباس لدى المغاربة في فهم معنى التضخم وعن الأليات الممكنة لتجاوز هذه المحنة التي يمر ها الاقتصاد الوطني وانعكس على القدرة الشرائية للمواطنين ..

في هذا الحوار الذي أجرته هبة بريس أول أمس الأربعاء، يفكك الباحث في الاقتصاد السياسي زهير الخيار ويفصل بالارقام والمعطيات التضخم الاقتصادي

ما هي منابع التضخم الحاصل في المغرب عل هو محلي أم مستورد وهل سببه العرض أم الطلب

كما هو معلوم فإن معالجة أي مشكل كان تأتي أولا من التعرف على أسبابه ثم التصدي لها ثانيا وقضية التضخم هاته تتطلب منا أولا أن نتحدث عن ما يسمى بمنابع التضخم و التي تنحصر في ثلاثة مصادر و هي: إما أن يأتي التضخم من الكلفة أو يأتي من الطلب أو يأتي من السوق النقدي، ولا ينبغي أن نخلط بين منابع أو مصادر التضخم و أنواع التضخم، فالتضخم المستورد يدخل في أنواعه وليس منابع التضخم كما نتحدث أيضا عن أنواع أخرى كالتضخم الجامح والتضخم الزاحف وتضخم الرقمين وغيرها من التسميات التي تعبر كل واحدة عن مضمونها، و لا يتسع المجال لشرحها واحدة واحدة، بل الذي يهمنا الآن هو تحديد طبيعة هذا التضخم الحاصل بالمغرب وما السبب المباشر فيه.
فالتضخم المرتبط بالأثمان، يقع عند ملاحظة الارتفاع المضطرد لأثمان السلع و الخدمات دون مصاحبة هذا الارتفاع برفع الدخول بشكل موازي أو أكثر، وبالتالي فالأسعار لابد أن ترتفع سنة عن سنة ولكن ليس بهذا التسارع الذي نشاهده اليوم، فقد تكون هناك ارتفاعات غير ظاهرة في الأثمان إذا ما تم تغطيتها برفع موازي أو أكثر للدخول، و بالتالي تبقى القدرة الشرائية للفاعل الاقتصادي مستقرة أو ترتفع من حين لآخر، إذا يمكن القول أن التضخم لا يعدو إلا أن يكون عدم قدرة الفاعل الاقتصادي على اقتناء أو استهلاك ما كان يقتنيه من قبل ارتفاع الأسعار، وبالتالي فعلى المسؤولين أن يحافظوا على التوازن بين تغير الوتيرتين؛ وتيرة ارتفاع الأسعار ووتيرة ارتفاع الدخول، وعليه فإن هذه التلازمية بين هذين المجمعين الاقتصاديين هي التي ينبغي أن نحرص عليها حتى لا يحدث مشكل التضخم بل ينبغي أن نحافظ عليها حتى في حالة الانخفاض.

في نظركم ما هي مسببات التضخم في الاقتصاد الوطني؟

النقاش الدائر الآن حول مسببات هذا التضخم، يحيلنا أولا إلى استبعاد أن يكون هذا الارتفاع ناتج عن الطلب، أي أن الأسعار ارتفعت لأن هناك ارتفاع للطلب على السلع و الخدمات، ويعتبر هذا الرأي مردودا على صاحبه لأنه أولا: كل المؤشرات تؤشر على تدهور الطلب عند كل الفاعلين الاقتصاديين وخصوصا منهم المستهلكون، وبالتالي فالطلب الذي من المفروض أن يظل مرتفعا لأنه في مصلحة النمو الاقتصادي أصبح متدنيا بالمغرب، ثانيا: يمكن الملاحظة أن الارتفاع يطال المواد الأساسية بالدرجة الأولى، وهنا نقف عند تحليل الميكانيزمات الاقتصادية في علاقة الطلب و الأثمان، وهو ما يصطلح عليه بقانون العرض و الطلب، هذا القانون الذي يفيد أنه كلما ارتفعت الأسعار كلما انخفض الطلب، و العكس صحيح، وبما أن الارتفاع الحاصل الآن يخص بالدرجة الأولى المواد الأساسية فإنه يجدر بنا أن ندكر أن قانون العرض والطلب لا يسري مفعوله في ثلاثة حالات تسمى بالحالات الاستثنائية لقانون العرض والطلب وهي: الاستباق الراشد، والذي يعني أن الفاعل الاقتصادي حينما يحس بارتفاع الأثمان ويتوقع أن هذا الارتفاع سيستمر فإنه عوض تخفيض حجم طلبه، فإنه يرفعه بالرغم من ارتفاع الأثمنة أما الاستثناء الثاني، فهو المتعلق بسلع الرفاه أي السلع غير الضرورية و التي يستند فيها الأغنياء على الثمن في حد ذاته لا تخاد قرار الطلب من عدمه، وفي هذه الحالة كلما ارتفعت الأثمنة، كلما زاد الطلب على هذه النوعية من السلع، لأنها تصنف في خانة النفقات التظاهرية أما الاستثناء الثالث وهو الذي يهمنا في هذا المقام فهو مرتبط بالسلع الأساسية، و التي مهما ارتفع ثمنها فإن الفاعل الاقتصادي لا يستطيع أن يتخلى عنها، و الحال أن المواد الاستهلاكية هي التي نلاحظ ارتفاع ثمنها وبذلك فأي سياسة خارج خفض هذه الأثمنة لن تكتب لها النجاعة المطلوبة و هو الأمر الذي يجعلنا نستبعد هذه الفرضية، لنقول أن هذا التضخم لا يأتي من ارتفاع الطلب.

وماذا عن التضخم المستورد الذي كثر الحديث عنه في الآونة الأخيرة؟

بالنسبة للتضخم المستورد، فبالرغم من كونه نوعا وليس من منابع التضخم فإننا نعتبر أنه رأيا لا يجد أساسا من الصلابة، فالتضخم يكون مستوردا إذا أتى بحاله من الخارج ولا يكون دخل للمغرب فيه، بمعنى أن نشتري السلعة من الخارج بثمن مرتفع ونضطر إلى بيعها بالمغرب على حالها بأكثر من ذلك، وهنا يظهر أولا عنصر الاضطرار، ذلك أن اقتناء السلع من دول أخرى يعتبر مشروطا بعدم توفرها بالمغرب أو عدم توفر بديل لها بالمغرب أو عدم القدرة على تطبيق مبدأ الإحلال substitution ، ويفيد هذا المبدأ أن تستطيع أي حكومة أن تقايض بطريقة غير مباشرة، بمعنى أن أبيعك منتوجا بثمن يتماشى حجمه مع الأثمنة التي تبيعني بها سلعتك، وهنا أيضا يشترط في سلعك أن تتوفر على قدرة تنافسية عالية، وعليه فإذا كنا مضطرين إلى الاستيراد وليس لنا بدائل عن السلع التي نستوردها ولا نستطيع حتى أن نقايض بسلعنا، فإن الأمر سيصبح تبعية تامة للاقتصادات الأخرى .
هل يمكن أن تشرح أكثر..

على فرض أننا إذا سرنا على منوال التضخم المستورد، وقلنا إن تضخمنا مستوردا، فهذا يعني أننا لا ننتج أي شيء داخل المغرب وكل ما نبيعه داخله هو آت من الخارج، والحال أن هذا الأمر غير صحيح، وإذا ما اعتبرنا أن جزءا من نسبة التضخم تأتي من الخارج فهذا يعني أن الأثمان التي سترتفع هي أثمان السلع الواردة وليست كل السلع، وهذا يتنافى مع التعريف المتفق عليه بين كل الاقتصاديين في العالم، وهو أن التضخم يعرف على أنه الارتفاع المضطرد والعام وأشدد على كلمة العام أي كل الأثمنة. إذا فالقول باستيرادية التضخم، يوحي بعدم الإنتاج على المستوى الداخل،ي وأستحضر هنا من يقول: إن السبب في ارتفاع الأسعار هو ارتفاع أسعار المحروقات المستوردة، وبالتالي: فالتضخم مستورد وهنا نقول إن المحروقات والطاقة تندرج أساسا في خانة المواد الأولية لأنها تستعمل في انتاج أو نقل المنتوجات من فاعل إلى آخر ، وبالتالي إذا كان ثمنها مرتفع فهذا التضخم يصطلح عليه بالتضخم الناتج عن كلفة الإنتاج وليس المستورد …. وعليه فتضخمنا هذا والذي نعيشه مرتبط أساسا بارتفاع كلفة الإنتاج وبالتالي بغلاء السلع والخدمات المرتبطة بها
وماذا نسمي هذا الوضع إذن؟

نحن أمام أزمة عرض كيفما كان مصدرها أي أن الإنتاج المحلي انخفض من جراء عدة عوامل، وبالتالي ترتب عليه ارتفاع في أسعار هذه المنتوجات التي أصبحت بطبيعة الحال، قليلة بالأسواق وعليه ينبغي إيجاد حلول مرتبطة أساسا بتقوية العرض التنافسي أي الإنتاج المتوفر مع مصاحبته بقدرة شرائية مرتفعة وقوية ودائمة
إن التحليل الاقتصادي يتطلب منا أن ننتبه إلى بعض الأمور التي قد لا تظهر لأي كان وقد يفسرها حسب ما يظهر له فمثلا حينما نقول: انخفض العرض فضمنيا فإن الطلب أصبح مرتفعا مقارنة مع العرض الجديد ولكن هذا الطلب ليس هو الذي ارتفع بل العرض هو الذي انخفض وأصبح يبدو لنا أن الطلب هو الذي ارتفع وبالتالي نبني سياستنا على أساس هو أصلا غير صحيح وتمثيلا لذلك إذا اعتبرنا أن العرض يصل إلى 1000 فتوازنيا حجم الطلب ينبغي أن يكون 1000 أيضا و في حالة اختلال هذا التوازن مثلا ينخفض العرض من 1000 إلى 700 فيصبح التوازن المختل هو 700 مقابل 1000 وبمجرد النظر إلى هذه المعادلة الأخيرة قد يقع اللبس و الاختلاف ونقول لقد ارتفع الطلب ولكن الأصل في المسألة هو أن العرض هو الذي انخفض

هل في نظركم سيصبح التضخم معطى بنيويا في المغرب وعلينا أن نعتاد على التعايش معه؟

إن البنيوية من عدمها مرتبطة بنا نحن، فإذا أردنا لهذا التضخم أن يصبح بنيويا سيصبح كذلك و إن أردنا أن نوقفه عند حده فيمكن ذلك. إن المنهجية المتبعة الآن إن استمرت ستؤدي ليس فقط إلى بنيوية التضخم وإنما إلى مخاطر ولوج الاقتصاد إلى ما يسميه الاقتصاديون بالحلقة المفرغة التي يجب تكسيرها بأسرع وقت، وذلك بإيقاف زحف التضخم وتحويله إلى مشكل عابر ويصل إلى معدلات مقبولة وذلك بالابتعاد أولا عن السياسات التي تعمق المشكل ولا تتركه على الأقل على حاله، وبما أننا نعيش أزمة عرض مناسب، أقصد بالعرض المناسب هو توفير المنتوجات أولا ثم إخضاعها لأثمنة يمكن للفاعل اقتنائها، والقدرة على الاقتناء تأتي من أمرين اثنين إما خفض الأثمنة أو رفع قدرة الفاعل على اقتناء هذه السلع و الخدمات أو هما معا .. و مادام الأمر يتعلق بارتفاع الأثمان فإن المسالة ان استمرت هكذا فلن تقف عند بنيوية التضخم بل ستؤدي إلى الانهيار التام للطلب وبالتالي سنقع في الحلقة المفرغة التالية: رفع الأثمان يؤدي إلى خفض الطلب الذي يؤدي إلى خفض الإنتاج الذي يؤدي إلى الاستغناء عن العاملين الذي يؤدي انخفاض الطلب من جديد الذي يؤدي إلى خفض الإنتاج وهكذا… و ترتيبا عليه ينبغي تكسير هذه الحلقة بشكل سريع وذلك بالإسراع في البحث في مكانيزمات تقليل كلفة الإنتاج مع القيام بالرفع من كميات الإنتاج التي تخفض لا محالة الأثمان دون أن ننسى الدور الرئيسي للإنفاق العمومي الذي يساهم بشكل مباشر في دعم القدرة الشرائية لكل الفاعلين الاقتصاديين.
ألهذه الدرجة يؤثر التضخم سلبا على الدورة الاقتصادية ؟
إن هذا الأمر يجرنا إلى الحديث عن موضوع مختلف عن ما دأبنا نتحدث عنه، وهو المنافع المرتبطة بالتضخم في حد ذاته، فوجود التضخم لا يجر فقط متاعب بل قد يجلب بعض المنافع التي يمكن أن يستفيد منها الفاعل الاقتصادي، فمثلا هناك علاقة عكسية بين نسبة التضخم ونسبة الدين العمومي، لأنه معروف أنه كلما ارتفعت نسبة التضخم كلما يجب أن ينخفض الدين العمومي، كما أنه معروف أنه كلما ارتفعت نسبة التضخم كلما ارتفعت المداخيل الجبائية، لأنها تحسب بناء على مداخيل المقاولات، وبالتالي فارتفاع الأثمان يرفع من مداخيل المقاولات، وعليه ترتفع نسبة الضرائب فيها، كما أنه معروف أن ارتفاع نسبة التضخم تؤدي إلى تحسن المردودية المالية للمقاولات وغيرها من الآثار الإيجابية التي ينبغي أن تعود بالنفع على كل المغاربة، وهو الأمر الذي لم يحدث لسببين اثنين أولا: أن ارتفاع التضخم لم يفرز هذه النتائج الجيدة وثانيا: وحتى و إن افرزها فمفعولها لا يعمم على الجميع، أي الذين تحملوا عبئ التضخم المرتفع، و بالتالي فلو ان الفوائد التي ذكرناها تحققت على أرض الواقع لما وصلنا إلى هذه النسبة من التضخم، لأن هذه الفوائد تلعب دور المعالج الفوري لآثار التضخم، أي أن الدورة الاقتصادية تفرض هذه المعالجة التلقائية وسأعرض عليكم بعض الأرقام التي ينبغي أن تتطور بحكم تطور معدل التضخم ولكن سنلاحظ أنها بالعكس ذاهبة إلى الانخفاض

ولكيلا نثقل كاهل القارئ بالمعطيات الرقمية، سنقتصر على هذا الجدول القصير وهو مجرد مثال لشرح المسألة المرتبطة بالاستفادة من محاسن التضخم ويجسد هذا الجدول تطور كل من نسبة التضخم والدخل الوطني وكذا الدين العموني
وفرضياتنا الاقتصادية هي:
كلما ارتفع التضخم انخفض معه الدين العمومي
كلما ارتفع التضخم ارتفع الدخل الوطني

السنة الدخل الوطني الديم العمومي معدل التضخم
2018 108,686 901,25208 1,80392%
2019 1130,27552 925,5789 0,30339%
2020 1073,39724 1007,2139 0,70597%

وعليه يمكن القول إن فرضياتنا لم تتحقق فالملاحظ أنه بالرغم من ارتفاع معدل التضخم فالدخل الوطني في تنازل وبالتالي فالنمو في تراجع وبالرغم من ارتفاع التضخم فالدين العمومي يتزايد إذا هناك تحمل لأعباء التضخم دونما الاستفادة من الإيجابيات التي تصاحبه

هل الحل المرتبط بالسياسة النقدية في نظركم يكفي لكبح جماح التضخم أم نحن نحتاج إلى إصلاحات هيكلية لسياسة الإنتاج ؟

إن الدور الذي تلعبه السلطات النقدية و المالية يأتي من أجل الحفاظ على التوازنات الماكرواقتصادية، و في حالة الخلل تتدخل هذه السلطات لإعادة الأمور إلى نصابهاـ وكما هو معلوم فهذه السلطات يمكن لها أن تتدخل من خلال آليتين اثنتين : ويتعلق الأمر بالآلية النقدية والآلية الموازانتية وفي حالتنا هذه فقد اختارت السلطات النقدية الآلية المرتبطة بسوق النقود وذلك برفع سعرها إلى 3 في المأة وكما سبق وقلنا في مقام آخر فهذا الرفع كان الهدف منه ثني البنوك عن استجلاب القروض و بالتالي ثني الفاعلين عن الاقتراض و بالتالي تنقص كمية النقود المتداولة التي ستؤدي إلى تحجيم الطلب و عليه تتراجع الأثمان وهو الأمر الذي عوض أن يؤدي إلى تحجيم الأثمان قد يساهم في مضاعفتها لأن معدل الفائدة يعتبر أولا وقبل كل شيء كلفة النقود – إذا ما أخدنا برأي المدرسة الاقتصادية القائلة بسلعية النقود – و بالتالي وبالرغم من رفع هذه الكلفة لثني البنوك عن الاقتراض فإن هذه الأخيرة لن تتراجع عن أرقام معاملاتها و بالتالي ستتحمل هذه الكلفة وستنقلها إلى المقترض المستهلك أو المقترض المستثمر الذي سينقلها أو ضعفها إلى المستهلك وبالتالي سترتفع الأثمان مجددا وهو الأمر الذي فيه مخاطر تغذي التضخم من جديد.
أما على المستوى المباشر، وكما هو متفق عليه عند كل الاقتصاديين فإن العلاقة التي تربط سعر الفائدة والاستثمار تعتبر علاقة عكسية وبالتالي فأي رفع من معدل الفائدة فهو يؤدي حتما إلى خفض الاستثمار وبالتالي تراجع كل الفوائد المرتبطة به كالتشغيل مثلا.
وعليه، فالرفع من سعر الفائدة يقوض بشكل أوتوماتيكي الاستثمار لأن رفع سعر الفائدة سيحفز الفاعلين الاقتصاديين على ترك أموالهم مجمدة في البنوك عوض استثمارها لأنهم سيحصلون على فائدة مرتفعة وبالتالي تصبح الأفضلية للادخار وليس للاستثمار وإذا ما توجه الفاعلون كلهم أو أغلبهم إلى سياسة الادخار لأنه بهذا الرفع أصبح محفزا فإن الاستثمار خصوصا بالقطاع الخاص سينخفض وبالتالي تنخفض معه القدرة الشرائية من جراء الخفض من التشغيل

ما الحل أمام هذه الاشكالية؟
إن الأمر مرتبط أساس بتقوية الطلب الداخلي والاستهلاك الذي هو الجزء المهم في الطلب وبالوقوف على تحليل دور الاستهلاك في السياسة الاقتصادية سواء كانت نقدية أم موازناتية، فنحن نؤكد أن أي سياسة تم اتخاذها لا تكتب لها أي فاعلية إلا إذا كانت نسبة الاستهلاك مرتفعة أي أن يكون ميل الفاعلين إلى الاستهلاك أقوى من ميلهم إلى الادخار فالاستثمار مثلا لا جدوى منه إذا كان الاستهلاك ضعيفا لأن كل ما سننتجه سيصبح حبيس المخازن وهذا مبني على أساس نظري يسمى بالكاتور أو المضاعف الذي يفيد أن تغيير أي معلم اقتصادي في ظل استهلاك ضعيف لا يؤتي أكله المطلوب
ونضرب مثلا لحالتين اثنتين لنبين الأهمية البالغة للاستهلاك في نجاعة السياسة العمومية.
في سنة 2017 استثمر المغرب ما قيمته: 346807000000 وفي سنة 2018 استثمر ما قيمته 370242000000 أي أن هناك ارتفاع كبير في حجم الاستثمار وبالتالي فالنفع الذي ينبغي أن يجنيه المغاربة من ذلك هو ارتفاع النمو وذلك عن طريق ارتفاع الدخل الوطني ولنبرز أهمية الاستهلاك في هذه السياسة الاستثمارية وذلك إعمالا لمبدأ المضاعف سنفترض افتراضين اثنين:
المغاربة يستهلكون بنسبة 80% وبالتالي فالأثر الناتج عن الرفع من الاستثمار على الدخل الوطني سيكون هو:

370242000000 – 346807000000 = 3435000000

وبذلك نسجل ارتفاعا في حجم الاستثمار أما أثره على الدخل الوطني سيكون كما يلي:

3435000000 * 1/ (1-0.8) = 117175000000
إذن فالرفع من الاستثمار بالحجم المذكور سيرفع من قيمة النمو بالحجم الذي احتسبناه
أما إذا كان استهلاك المغاربة متدنيا مثلا إذا كانت النسبة هي 0.3 فالأثر سيكون كالتالي:

3435000000 * 1/ (1-0.3) = 33478571429

وبالتالي يظهر جليا أنه بالرغم من ضخ مبالغ ضخمة في الاستثمار فإن النتيجة تعتبر ضعيفة إذا كان الميل إلى الاستهلاك ضعيفا
وعليه وللخروج السلس من هذه الإشكالات سواء كانت مستوردة أو محلية ينبغي الاهتمام بتقوية ميل المغاربة إلى الاستهلاك وذلك بتقوية قدرتهم الشرائية عبر استغلال كل الفرص التي تتيح لهم الحصول على مداخيل دائمة وقارة
إذن فقد بينا أن أصل المشكل ليس نقديا وبالتالي لا نحتاج إلى سياسة نقدية الآن كما بينا أن أصل المشكل ليس طلبيا وبالتالي لا نحتاج إلى سياسة موازناتية بقدر ما هو مشكل العرض وبالتالي نحن نحتاج الآن إلى سياسة الدخل une politique de revenus

وعلى السلطات النقدية والمالية أن تقوم بتنظيم مستوى الطلب الكلي الداخلي عموما والاستهلاك على الخصوص وذلك بالاهتمام بالطلب الداخلي وتقويته كمبدأ أساسي لضمان نجاعة كل السياسات والإجراءات التي تقوم بها السلطات المالية والاقتصادية المرافقة، كما ينبغي الحرص على تجويد وتنويع السلع والخدمات التي ينتجها الاقتصاد الوطني والتي تظهر اتساع وعمق القدرة الإنتاجية لاقتصادنا، كما ينبغي العمل على ضرورة التخفيف من تبعية الاقتصاد المغربي للاقتصادات الأخرى.

الا ترون أن إطلاق الحكومة لدعم بعض مشاريع الشباب يتناقض مع رفع سعر الفائدة الرئيس ويشكل عدم انسجام في هذه القرارات ?

بالطبع لا ينكر أحد أن دعم المشارع التنموية أمر محمود وخصوصا في صفوف الشباب لأنه ينعكس إيجابا على حياتهم وعلى بلدهم لكن هذا الدعم سرعان ما سيؤخذ باليد الأخرى من جراء الرفع من سعر الفائدة ليس لأن هؤلاء المقاولين الشباب سيدفعون فوائد مرتفعة فقط بل سيضطرون إلى اقتناء المواد التي ستساعدهم على انتاج منتوجاتهم بأثمنة مرتفعة وبالتالي سيضطرون إلى رفع أسعارهم لأن كلفة الإنتاج مرتفعة و بما أنهم مقاولون مبتدؤون ومغ المنافسة الشرسة للمقتولات الكبرى و المتواجدة عدة سنوات سيضطر هؤلاء الشباب إلى مغادرة السوق واشعار افلاسهم أو بمعنى أدق سيتم ظردهم من السوق.

مقالات ذات صلة

‫2 تعليقات

  1. عن اي خبير تتكلمون هذا مشهور بفشله و دونية مستواه الجامعي وغياب منهجية البحث لديه و انتم تقدمونه على انه خبير اقتصادي . هزلت

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى