“بولفار” البيضاء و لياليه السوداء.. سخاء في الدعم و أحداث بلون الدم

هبة بريس ـ ياسين الضميري

لا حديث في مواقع التواصل الاجتماعي في الأيام الأخيرة سوى عن واقعة “البولفار” و ما رافق إحدى السهرات الشبابية من أحداث عكرت صفو الأجواء و أعادت للأذهان مجموعة من الذكريات التي يمكن وصفها بالسوداء.

و تصدرت مشاهد العنف و الشغب و الفوضى و التراشق بالحجارة و العصي و التلويح ببعض الأدوات الحديدية في قلب ملعب الراسينغ الجامعي بالدار البيضاء مواقع التواصل الاجتماعي بالمغرب نظرا لخطورة الفعل و تداعياته.

ففي إطار فعاليات الأسبوع الثاني من مهرجان “البولفار” الذي يحتفي بموسيقى الروك والراب، و هو بالمناسبة مهرجان تدعمه وزارة الثقافة و الشباب و التواصل من المال العام، تحول الحفل الذي أحياه مغنو الراب طه فحصي الشهير بـ”طوطو” و”المورفين” و”دوليبران” إلى أشبه ما يكون بساحة حرب مفتوحة بين عشرات الشباب الطائشين و الذين كان غالبيتهم في حالة تخدير.

مهرجان “البولفار” تشرف على تنظيمه جمعية التربية الفنية والثقافية البولڤار “EAC-L’BOULVART” و هي وفق قانونها الأساسي جمعية غير ربحية تنشط في إطار تنمية الموسيقى الحديثة بكل أنواعها والثقافة الحضرية في المغرب.

تنظم هاته الجمعية منذ سنة 1999 أنشطة تدور حول اكتشاف ومرافقة الشباب من خلال تنظيم حفلات وتداريب و ورشات ولقاءات و مهرجانات (مهرجان البولڤار، مسابقة الترومبلان، BoulvarDoc، صباغة باغة، مهرجان فن الشارع بالبيضاء، ومهرجان جدار- فن الشارع بالرباط…).

أحدثت الجمعية سنة 2010 ما يسمى ب”البولتيك”، أول مركز للموسيقى المعاصرة المغربية، وهو أيضا الجهة الناشرة لـ”الكناش”، إصدار جماعي مخصص للإبداع البديل، وكل التخصصات المتدخلة فيه.

يعتبر البولتيك مركزا موجها للفنانات والفنانين المتواجدين في المشهد الفني البديل والمعاصر، وهو مكان للقاء والتبادل والتداريب ولعب الموسيقى، و البولتيك هو أول مركز للموسيقى المعاصرة المغربية، في الوقت نفسه مكان للعمل والتبادل وإعطاء المشورة والنصح للمجموعات والفنانين الناشطين في المشهد الحضري، و يضم المركز 3 استوديوهات للتداريب مجهزة وقاعة للسهرات الموسيقية و استوديو راديو و غرفتي تدريب ثم استوديو تسجيل.

عودة لموضوعنا، فقد أفردت الحكومة خلال عام 2022 ميزانية 60 مليون درهم لدعم القطاع الثقافي والفني، منها 20 مليون درهم لدعم المسرح، و11 مليون درهم للكتابة والنشر، و12 مليون درهم للموسيقى والفنون، و9 ملايين درهم للجمعيات الثقافية والمهرجانات.

مهرجان “البولفار” واحد من عشرات التظاهرات الفنية التي ترعاها وزارة الثقافة والشباب و التواصل، حيث و حسب ما تضمنه المنشور الرسمي للمهرجان فالأخير حظي بدعم الوزارة الوصية.

فضلا على الدعم العمومي، فالبولفار حظي هذا العام بدعم و مساندة عدد من الشركات و الجهات و المؤسسات، حيث دعمته على سبيل المثال لا الحصر مؤسسة “التجاري وفا بنك” بصفتها مستشهرا رسميا و كذا إدارة “مرجان” و “اليانصيب الوطني” و “كازا أنفا” و “أفيردا” و “ريدبول” و “تكنوبارك” و المعهد الفرنسي و غيرهم.

و بالرغم من كون الجهة المنظمة لم تفصح لحدود الساعة عن تفاصيل الدعم المادي بالتدقيق و بالأرقام، غير أن المؤكد أن المهرجان له موارده المادية التي سمحت له باستقطاب عدد من فناني الراب و الهيب هوب المعروفين.

من بين هؤلاء الفنانين نجد الثلاثي “طوطو” و “المورفين” و “دوليبران”، و الذين باتت أغانيهم تحظى بنسب و أرقام مشاهدة يمكن وصفها بالمحترمة بالرغم من اختلاف الرؤى بخصوص جودة محتوى “الطراكات” التي ينتجونها و الكلام الخادش للحياء الذي تتضمنه عدد من مقاطعها.

من بين من اعتلوا منصة ملعب الراسينغ في مهرجان البولفار من حرض على استعمال المخدرات و أحيانا على العنف و لو بطرق غير مباشرة، علما أن أغلب جمهور المهرجان من فئة القاصرين و الشباب الذين أطالوا المقام في مرحلة المراهقة الانتقالية.

ما وقع من أحداث اختلط فيها الحابل بالنابل و الدم بالندم، في ليلة البولفار السوداء، جعل عديد المهتمين و المتتبعين الذين كانوا حتى وقت قريب يعتقدون أن الشغب لصيق بصافرة حكم أو ضياع ركلة جزاء في ملعب كرة قدم يغيرون أفكارهم لدرجة اليقين بأن شبابنا في طريقه للضياع و الهاوية إذا ما استمر واقع الحال على ما هو عليه.

عدد ممن حضر سهرات البولفار لم يكن هدفهم الاستمتاع بسماع الموسيقى بل لاستغلال هذه التجمعات لإفراز مكبوتات تخالف القانون والأعراف، و هو ما يمكن تفسيره بكون أغلب المعتقلين كانوا في وضعية غير طبيعية، تحت تأثير أنواع شتى من المخدرات.

“البولفار” و ما وقع به من أحداث لا يجب أن تمر مرور الكرام، فما وقع يحمل دروسا بليغة لجهات عدة، من الأسرة وصولا للدولة، شبابنا يسير في الطريق الغلط و مهرجان “البولفار” دق ناقوس الخطر لمستقبل غامض و لربما مجهول ينتظر شبابنا و ينتظرنا جميعا…

مقالات ذات صلة

‫3 تعليقات

  1. وكم أفردت الحكومة من مليون درهم لنشر الدين والأخلاق والوعي بين شباب المغرب
    ومن له الجرأة على دحر وتوقيف هذه المجموعة الشاذة

  2. الشركات التي تدعم مثل هذه الجراثيم بحال التجاري وفا بنك وما جاورها شركات برهنت على بث السموم في أبناء الوطن

  3. هذه بعض نتائج ثقافة التفاهة والانحلال
    الاحزاب والجمعيات التي تدعم هذا النوع تعبر عن نفسها

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى