تشخيص الإستراتيجي أساس التنمية المحلية

التشخيص الإستراتيجي أساس التنمية المحلية

يعتبرب التشخيص الإستراتيجي للجماعات الترابية عملية ضرورية لمعرفة نقاط قوهتا وضعفها وكذا التنبؤ بالفرص والتهديدات التي قد تواجهها في محيطها الخارجي، وهو يعد أحد المراحل الرئيسية المنصوص عليها في القوانين التنظيمية 113.14؛114.15 المتعلقة بالجماعات و الجهات، خصوصا في مرحلة إعداد “برنامج التنمية الجهوية” او “برنامج عمل الجماعة” لمجالس الجهات أو الجماعات.

يعود مصطلـح التشخيص diagnostic إلا الكلمة الإغريقية diagnôsis وهي تعني المعرفة والإدراك بالشيء. ولقد شـاع استخدامه في مجال الطب والذي يقصد به تحديد المرض انطلاقا من أعراضه لوصف الدواء، تم تطـور استخدامه في مجال الإقتصادي خاصة منذ سنة 1971 مع بداية الأزمة الإقتصادية العالمية.

إذن فالتشخيص في المجال الإقتصادي هو تحليل ومعرفة نقاط ضعف وقوة المؤسسة.
من جانب آخر، أي في إطار تحديث تدبير الإدراة العمومية اي ما يسمى ب “New management Public” بمعنى اخر آستراد تقنيات و آليات التدبير المعتمد في القطاع الخاص وتكييفها في القطاع العام. فيمكن تعريف التشخيص، خاصة في مرحلة إعداد “مخطط التنموي للجهة” او “برنامج عمل الجماعة”، بالاداة التخطيطية للنجاح في التعامل مع المحيط المتغير وهو تقييم يتفحص الظروف الداخلية و الخارجية للجماعات الترابية سواء كانت مناسبة أو غير مناسبة وذلك من خلال استنباط نقط القوة و الضعف.
ومنه فإن التخطيط الاستراتيجي ينقسم إلى تخطيط استراتيجي داخلي و تخطيط استراتيجي خارجي.
يتمثل تشخيص المحيط الداخلي للجماعات الترابية في قيام المكتب المسير للجماعة وما يملكه من كفاءات بشرية (أعضاء، موظفين، باحثين ،مجتمع مدني…) بتحليل مختلف الوظائف الداخلية للجماعة. و ذالك و من خلال تكييف النموذج الاقتصادي لمايكل بوتر مثلا، والمتمثل في ما يسمى بسلسلة القِيمة. للقيام بالتشخيص الداخلي قام جون بورتر بتقسيم انشطة المؤسسة إلى أنشطة رئيسية و أخرى ثانوية واللتين من خلالييهما، يجب ان تمر جميع الخدمات العمومية كمدخلات، و عرضهاعلى المواطنين و المرتفقين كمخرجات التي يجب ان تكون متوافقة مع حاجياتهم.بمعنى آخر تجويد الخدمات العمومية.و يمكن تلخيص هذه العمليات الرئيسية حسب بورتر في :
تشخيص اللوجيستيك الداخلي و الخارجي للجماعات الترابية؛
تشخيص عملية إنتاج و توفير الخدمات من طرف الجماعات الترابية
تشخيص قدرات الجماعات الترابية في التواصل مع مواطنيها
تشخيص مدى فعالية الخدمات المقدمة من طرف الجماعة
إلى جانب الانشطة الرئيسية يجب تشخيص الانشطة الثانوية التي تتمثل حسب بورتر في ما يلي :
تشخيص مقتنيات و لوازم الجماعات الترابية.
تشخيص الامكانيات التكنولوجيا المتوفرة لدى الجماعة والمخصصة لتقديم خدماتها وتلبية احتياجاتها و احتياجات مواطنيها.
تشخيص تدبير الموارد البشرية والمالية و التكنولوجيا للجماعات الترابية
تشخيص البنية التحتية للجماعات الترابية و طريقة تدبير إدارتها.
وفيما يتعلق بتشخيص المحيط الخارجي فهو عبارة عن جمع المعلومات المتعلقة بهذا المحيط بشكل مستمر دون انقطاع، حيث من خلاله يمكن للجماعات الترابية أن تحدد الفرص والتهديدات المحيطة بها، والتي تتولد من خلال التغيرات الحاصلة في المحيط، حيث يتوجب على هذه الأخيرة البحث عن الفرص و السعي لإغتنامها قبل فقدانها .الامر الذي يتجلى في القدرات التفاوضية للرئيس والمجلس المسير نأخذ على سبيل المثال طريقة و كيفية إقناع الجهات المعنية بهدف عقد شراكات وجلب تمويلات.و لتشخيص المحيط الخارجي هناك عدة أدوات اهمها نجد النموذج المختصر في كلمة “PESTEl “بحيث :
(أ) (P) : تشخيص العوامل السياسية : كيف يمكن للحكومة و السياسات القطاعية والبرامج التنموية الاخرى ان تؤثر على السياسية والتوجهات في برنامج عمل الجماعة الترابية او في المخطط التنموي للجهة؟
(ب) ,(E): تشخيص الجانب الإقتصادي : ما هي الاتّجاهات الاقتصاديّة و التنموية الّتي يمكن للمجلس ان يقود الجماعة الترابية في اتجاهه مدينة صناعية، مدينة سياحية…
(ج),(S): تشخيص الجانب الإجتماعي . تشخيص الاتّجاهات الاجتماعيّة والسّكانيّة ؟
(د) ,(T): تشخيص الجانب التكنولوجيّ . تشخيص الابتكارات التكنولوجيّة الّتي يمكن أن تؤثر على الجماعة الترابية خلال تقديم خدماتها؟
( ه) ,(E): تشخيص الجانب البيئي . تشخيص الجوانب البيئيّة التي يمكن الاعتماد عليها تماشيا مع المواثيق و الاتفاقية الدولية و التوجهات الاستراتيجية للدولة
(و) ,(L): تشخيص الجانب القانونيّ: تشخيص التغييرات التشريعية .

و منه فالجماعات الترابية باعتبارها نظاماً مفتوحاً يعمل في محيط معقد وغير مستقر، خصوصا في ظل الأزمات الحديثة، فنجاحها مرهون بمدى قدرهتا على التكيف والتفاعل مع ظروف محيطها، والذي يتحقق من خلال التشخيص الإستراتيجي، من أجل اختيار البرامج و المخططات الملائمة لسد حاجيات سكانها. وطبقا للمقتضيات الدستورية و القوانين التنظيمية المتعلقة بالجماعات والجهات، يجب على الجماعات الترابية الاعتماد على التشخيص الإستراتيجي كٱليات من أجل بلورة مخططاتها التنموية و برامج علمها خلال مدة ولاية مجالسها.لكي تكون أكثر تلبية لحاجيات سكانها وتجويد خداماتها. الامر الذي لم نراه في العديد من الجماعات الترابية. فالجماعة الحضرية مريرت مثلا واحدة من الجماعات الترابية التي لم تعتمد على التشخيص الاستراتيجي في مرحلة إعداد برنامج عملها.
و المؤسف في ذالك، هو ان اغلب الجماعات الترابية تتعاقد مع احد من مكاتب الدراسات التي أغلبها تقتصر على تعديلات في البرامج السابقة مع إغفال اعتماد “التشخيص الاستراتيجي “كٱليات لإعداد برنامج عمل الجماعة أو مخطط التنموي للجهة . الامر الذي يطرح العديد من التجاوزات و التلاعبات، رغم ان الجماعات الترابية لديها من الكفاءات خصوصا، من خلال إدراج الطلبة الباحثين وجميعيات المجتمع المدني …،كل حسب تخصصه ،في إعداد هذه البرامج لانهم من جهة، هم الأدرى والأقرب بمشاكلهم.ومن جهة اخرى يندرج في إطار تحسين التدبير المالي للميزانية والمال العام

زازيع اسعيد
باحث في الشان الإقتصادي و السياسي المحلي و الوطني وحاصل على ماستر في تقييم السياسات العمومية

.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى