التاريخ..أرجوك موليير ليس مغربيا!!

عندما يفحص المريض في المغرب يواجة بوصفة مكتوبة بلغة فرنسا! وحين يقصد أغلب الإدارات يرغم على تقبل الوثائق المدونة بلغة شعب فرنسا! ومنذ زمن ليس ببعيد كانت تخاطبه الأرصاد الجوية المغربية الأصل عن أحوال طقس بلاده، فيتم تحذيره وتقديم التوقعات إليه بلغة دستور فرنسا!

وحين نطق بعض السفهاء سابقا ممن يدعون حمل لواء الإنسانية زمن ظهور الوباء، أكدوا على تحويل الشعوب التي تتبجح بلغتهم إلى حقل تجارب للتلقيحات ضد الوباء المشؤوم. مستهدفين بهذا الكلام الشعوب الإفريقية المغلوبة على أمرها والتابعة للغة فرنسا!
وحين ندعو لأجرأة اللغات الدستورية نواجه بكلمة أن الترقي ممنوع لغير لغة فرنسا!

إذن هل نحن حقا من الأحياء!

فللأسف الكل يدعي أن الدستور أسمى قانون للدولة، واحترام الدستور هو احترام للإرادة الشعبية، وإخلاص للوطنيين الذين حافظوا على دوام تنوع هوية هذا الشعب المميز بثقافته، ولغاته ولهجاته، ميزة ميزته عن شعوب شمال البحر الأبيض المتوسط قاطبة، لكن واقع الحياة العامة يشوبه الاستغراب من حيث لغة التواصل المعتمدة في الكثير من القطاعات!!
.
ولعل التواصل باللغات الدستورية (العربية الأمازيغية) في هذه الفترة الحرجة بدأ يعطي أكله، بحيث زاد التفاعل، وترسخت القيم التضامنية بين جميع المغاربة، وهو تأكيد جازم على دور وأهمية اللغة في الحفاظ على لحمة الاخوة بين الشعب المغربي المتنوع الروافد.

فالدعوة إلى احترام اللغات الدستورية لا ينطلق من خلفيات عرقية كما يفعل البعض، خصوصا من أبدعوا وتفننوا في الهجوم المبطن والحاقد على لغة الضاد، ومكنوا للغة المستعمر، في حين يدعون ويتقنون خطابات المظلومية والهوية الثقافية المهمشة، بل ويطالبون للتشبت بلغة من يحتقرهم ويصنفهم ضمن فئة فئران تجارب ليس إلا!
فالأمل إذن قائم، ولن نيئس ممن يريد أن يستفرد بأحادية الفكر العنيد، الذي يرفض الحفاظ على الشخصية المستقلة للبلاد والعباد.

ففرنسة الثقافة والعلوم والادارة والاقتصاد، لم ولن يلحقنا بمصاف الدول الصاعدة. فإسبانيا تتعامل مع شعبها بالإسبانية، وهولندا تتعامل مع أبناء جلدتها بالهولندية، وإسرائيل التي تعلم قيمة الهوية في الحفاظ على لحمة شعبها، أحيت عبريتها وفرضتها في جميع المؤسسات.
فكل شعوب العالم تحافظ على لغتها بعيدا عن المزايدات أو ترسيخ النظرة الدونية للغاتها الرسمية أو الوطنية.

فالاقتصاد شيء، والتواصل مع الافراد والجماعات والمجتمع والأشخاص شيء آخر، إذ أن الارتباط بمفهوم المواطنة، والحفاظ على التراثين المادي واللامادي لشعب عريق اسمه أهل المغرب وكفى! يضمنه شيء واحد، هو الافتخار بمغربيتنا ولغاتنا الدستورية، وهذا ما يجب أن ينطبق على باقي المؤسسات الرسمية و غير الرسمية.

لذا، العودة للتاريخ ودراسة ما الذي كان يحاك للبلاد قبل الاستعمار، كفيل بفهم معمق للأمور، فالاستعمار أول ما خطط له هو طمس الهوية، وذلك لجعل الناس أمام هوية أخرى تغرس في العقول باسم العلم، والفكر والحضارة لكن دون الوصول لمرتبة الشعوب الاستعمارية، بمعنى القبول وعلى طواعية بانحدار قيمي تحت اسم مواطنة من الدرجة الثانية أو الثالثة.

فكل الدول الصاعدة تتعامل بلغاتها الدستورية وترفض التعامل في وثائقها الرسمية بلغات غير لغاتها الرسمية، وهذا نابع من القناعة بأن البلاد هي فقط لأهل البلاد لا غير،
لذا، الإجماع على دستور الأمة يحتم أجرأة اللغات الدستورية القائمة الذات في كل شيء في السياسة التعليم والاقتصاد والحياة العامة ككل يحتاج لجرأة الحسم من صناع القرار!

فتعلم اللغات نعم، خصوصا الانجليزية العالمية العلمية، بيد أن احترام الإجماع الوطني وأجرأة اللغات الدستورية شيء آخر وهو جوهر “التمغربيت”التي يرفع شعارها الكثير ممن يمكنون للغة الاستعمار القديم الجديد!

نحن في المغرب نرحب بالجميع. لكن أن تفرض علينا اديولوجية التبعية بدون نتيجة فهذا انحراف للحقيقة.
والحقيقة هي أننا مغاربة نعيش في أرض اسمها المغرب فلا تتركونا نستغرب!

ولعل النقاش اللغوي الخاص بلغة التدريس لم يحسم نهائيا بالإجماع، كا ولا زال الدل واسعا لحد الآن! بل وأظهر بعض الأحقاد، وفضح النفاق. لكن ربط التاريخ بالحاضر واستشراف المستقبل كفيل بالاجابة عن سؤال جوهري، يتلخص في كيف نلحق بالدول الصاعدة في ظل الاحتفاظ بلغاتنا الرسمية في التواصل الإداري والرسمي داخل المغرب وبين المغاربة!

فاللغات الرسمية موجودة في الدستور وأجمعت عليها الثقافة المتنوعة للشعب المغربي.
لذا من الأجدر والحكمة التعامل في الوثائق الرسمية بلغة أهل البلد فقط.
فتعلم اللغات ضروري لكن التعامل باللغات داخل الوطن يقتضي احترام أسمى قانون للأمة.
ففرنسة البلاد والهيمنة على أفكار العباد خطر على وحدة الصفوف.

لذا، تعميم اللغات الدستورية، خصوصا القائمة الذات في البرامج والمناهج التعليمية، والمؤسسات المالية والاقتصادية والادارية في القطاعين العام والخاص، واجبار البعثات على احترام اللغات الرسمية للبلاد في التدريس، وفي التعامل والوثائق تعد سيادة وطنية ..
بيد ان محاولة تحويل النقاش اللغوي الى سجال عرقي لن يجلب إلا الخراب.

فتراب أرض الوطن لا يقدر بثمن، وشعب أرض الوطن بتنوعه، يتنوع الخير وتتعدد الثقافات وتسود الأخوة عوض المكر والخديعة.ولعل مصلحة الكل تكمن في احترام ثقافة الجميع، و التاريخ، ومبدأ التعايش واحترام الثقافات وليس فرض نموذج ثقافي معين على بلد له ثقافة عريقة جدا.
الجغرافيا ثابتة والتاريخ كنز.
والمعروف أننا نعيش في المغرب .لذا أتركوا المغرب للمغاربة.
اللغات الرسمية واضحة في الدستور.!
لكن أغلب المواقع والادارات الرسمية، والشبه الرسمية، والخاصة تتعامل بلغة موليير!
إذن من يخرق القانون الأسمى للدولة !؟

أرجوكم موليير ليس مغربيا.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى