شتّان بين هُنا وهُناك

كل تشابه أو تطابق في الشخصيات، أو حتى في طريقة التدبير العشوائي التي تنهجها بعض الجهات المنتخبة، فهي من قبيل الصدفة…

ونحن نعيش على ايقاع الدقائق الأخيرة من وقت الولايات الانتخابية بالعديد بالمدن المغربية…محطة تقييمية يحق للمرء أن يسائل نفسه وغيره، عن ما تحقق بمدينته وقريته وقبيلته من منجزات ومدى ملامستها للقضايا ذات البعد الاقتصادي والاجتماعي…وهل فعلا كان أداء هؤلاء المنتخبون والمسؤولون في المستوى المطلوب انسجاما مع ما تم التعهد به أمام المواطنين من برامج انتخابية؟.

ونحن نعيش على الأمل في انتظار أن تهب جماهير المواطنين صوب صناديق الاقتراع لخلق الفارق وإحداث تغيير جذري، يحق لنا جميعا أن نحلم بغد أفضل، تكون فيه المصلحة الفضلى للوطن هي السمة البارزة، ومادون ذلك فلا قيمة له…لا قيمة لأولئك الذين يبحثون عن مصالحهم الشخصية وقضاء مآربهم وذويهم وعشيرتهم.

ونحن نعيش على ايقاعات العطلة الصيفية ولو في زمن التباعد والتدابير الاحترازية، يحق للمرء أن يقارن بين المدينة التي اختارها لقضاء عطلته، ومدينته الأم، لا شك أنه سيجد الفرق…وهو يهمس في أذن صاحبه يحتسي فنجان قهوة سوداء على شاطئ البحر …شتان بين هنا وهناك.

شتان بين مدينته التي تركها على ايقاعات آلات الحفر العشوائية التي لم تتوقف عجلتها طوال السنة، وبين وجهته المفضلة بمدن الشمال التي تتغنى جمالا وهدوءا وحس بالمسؤولية…هناك الجمال يتغنى بألف معنى، ويرقص فرحا بقدوم الزوار من مختلف الديار، هنا شمال المغرب الزاهي يستهوي هواة السباحة والسياحة والغوص في أعماق المتوسط، وهناك بمدينته القادم منها، تكمن سياسة الترقيع و”الصراع الخاوي”، وضعف التسيير والتدبير، وتبكي الشوارع والأحياء دما على ما طالها من تهميش.

يحق لأخينا هذا، أن يجالس نفسه حينا، ويشارك جليسه في الحديث حينا آخر، ولسان حاله يقول: شتان بين هنا وهناك.

هنا، بالمنطقة التي حط بها الرحال بحثا عن الاستجمام، لامست قدماه الرمال الذهبية وانتعش جسمه النحيف بمياه المتوسط الزرقاء الصافية، هنا تقاسم مع رفاقه أحلى اللحظات وأجملها، لعلها تنسيه أزمته النفسية…هنا استهوته المناظر الأخاذة واستوقفته المشاهد الخلابة، فيها اختلط الجبل بالرمال والغابة، مكونين جميعا لوحة فنية رائعة.

هنا غابت عن أخينا تلك المظاهر المشينة التي تعوّد سماعها من سب وشتم وعراك وكلام نابي، وانتشار للمخدرات ومظاهر العربدة والصراعات، وعربات الخضروات والجر بالدواب، وصور لقطعان الكلاب الضالة..هنا وجد الهدوء والسكينة وحسن الخلق….هناك ترك مَعاوِل الحفر، وآليات الردم تعاود الحفر ذاته.

هنا حيث استقر مؤقتا لقضاء ما تبقى من عطلته، وجد نفسه أمام مظاهر تجسد بالملموس حسن التدبير والتسيير، مرافق عامة نالت نصيبها من برامج التنمية، وعمال نظافة وأعوان الانعاش الوطني مرابطون بدون كلل ولا ملل، يسهرون الليالي حفاظا على جمالية المكان، واخراجها في أبهى حلة لمرتفقيها، هناك، من حيث أتى، ترك وراءه كثر الهرج والمرج، وسوء التدبير والتسيير وتغليب المصالح الشخصية الضيقة على المصالح العامة، و مظاهر البداوة والعصور والوسطى، وكثرة النفايات…

حاول أخونا، أن يبحث لنفسه عن جواب لسؤال ظل ملازما له طيله رحلته: ” علاش مدينتي ماشي بحال هنا”؟ ” واش الأمر يتعلق بعقلية مواطنيها أم له علاقة بغيرة وجدية وكفاءة مسييرها ومدبري شؤونها الداخلية؟ أم هما معا؟ .

لَمْلَمَ أخونا جراحه وآلامه استعدادا للعودة إلى مدينته أو قريته، وكله أمل في نتائج الانتخابات المقبلة سواء محليا أو جهويا أو وطنيا، أن تفرز صناديقها نخبا سياسية وطاقات شابة بكفاءات عالية، برؤى حديثة وتدبير معقلن، غير التي تبحث عن مآرب شخصية بتدبير عشوائي، وضعف لمستواها العلمي والتكويني.

مقالات ذات صلة

تعليق واحد

  1. يقال تزول الجبال ولا تزول الطباع
    هذا المثل ينطبق على أحوال المنتخبين في المغرب ، لا يؤمل منهم الكثير بل لا أمل فيهم ، فهم يرضعون من نفس الحلمة.
    من أراد يرى ثمار هؤلاء فليتسلح بصبر أيوب وليتمتع بعمر نوح .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى