بالخط الأحمر : إنتخابات 2021 هل حققت الاحزاب مطالب المغاربة ؟؟

بدأ النقاش العمومي السائد الأن في الشارع المغربي أو داخل الاحزاب حول الانتخابات المقبلة المزمع تنظيمها في شتنبر القادم على أبعد تقدير .

فبعد أن إنتهت الدورة التشريعية الاسبوع الماضي ، وانهت وزارة الداخلية سلسلة لقاءات مع الفاعلين السياسيين، وقبول بعض مذكراتها حول تصوراتها للقضايا المطروحة على الاقتراع المقبل، والمصاحبة لتنظيمه، سواء تعلق الأمر بالانتخابات التشريعية، أو الجماعية والجهوية والمهنية .

وبالرغم من الاختلافات المتباينة بين مذكرات الأحزاب، أكثر عناصرها جوهرية إحتساب القاسم الانتخابي للمسجلين، والذي عارضه حزب ال ” بيحيدي” وحسمت فيه المحكمة الدستورية بقبوله، الى جانب التفاهم حول نمط الاقتراع أو الانتخاب: هل تجب العودة إلى الاقتراح الفردي، كما ظل مطبقا في المغرب حتى سنة 2002، أم الإبقاء على المزج بين الاقتراع الفردي واللائحي كما هو معمول به، أو يُستحسن تكريس النظام اللائحي لوحده؟

وفي كل الأحوال تُعتبر كل هذه العناصر جوهرية وذات تأثيرات على النتائج المنتظرة من الانتخاب، وعلى مراتب الأحزاب وأوزان قوتها في القادم من الاستحقاقات. لكن بالمقابل، ثمة شعور مشترك بأن اللحظة السياسية الحالية ليست واضحة كما ينبغي، وأنها ذات حمولات كثيرة، أكثرها سلبية على الأحزاب وعلى البلاد معا، تكمن في استمرار ظاهرة العزوف عن المشاركة لدى فئات واسعة من المواطنين، وديمومة الإحساس بعدم جدوى التصويت لاختيار النخب المقبلة على الصعيدين الوطني (البرلمان) والمحلي (انتخاب الجماعات الترابية بكل مستوياتها).

ثمة صورة رمادية عن مستقبل الانتخابات المتزامنة في خريف 2021، كما لا تقنع استعدادات الأحزاب، بمختلف مراتبها، بأن لها القدرة الكافية لاسترجاع ثقة الجسم الانتخابي، وتحفيز القاعدة الواسعة من الناخبين على التصالح مع السياسة .

ما يبدو واضحا في المشهد السياسي المغربي اليوم أن ثمة صورة رمادية عن مستقبل الانتخابات المتزامنة في خريف 2021، كما لا تقنع استعدادات الأحزاب، بمختلف مراتبها، بأن لها القدرة الكافية لاسترجاع ثقة الجسم الانتخابي، وتحفيز القاعدة الواسعة من الناخبين على التصالح مع السياسة، والعودة إلى التعاطي مع الشأن الانتخابي بحماسة ودون تردد.

ثم إن الظرفية العامة الناجمة عن “جائحة كورونا” والآثار المترتبة عنها على الاقتصاد والأوضاع الاجتماعية لعموم المواطنين، قد تعقد فرص الاندماج من جديد في كسب رهانات الانتخابات المقبلة. فالأوضاع الداخلية للأحزاب لا تبعث على الارتياح، من نوعية أدائها، وطبيعة علاقتها بالمواطنين، كما أن تماسكها الداخلي ليس بالقوة التي تدفع بكامل أعضائها نحو الانخراط بإرادة في سيرورة الانتخابات القادمة.

يمكن التأكيد، بدون تردد، على أن منسوب شعبية جل الأحزاب السياسية، المحسوبة على الأغلبية والموجودة منها في المعارضة، لم تُحدث تغييرا جوهريا من شأنه تطوير قاعدتها الشعبية، وتنويع قوائم المنخرطين في صفوفها، بل ما حدث لبعضها تراجع قوتها الكمية والنوعية معا، بسبب ترهل أدائها، وتفاقم الخلافات الداخلية، التي وصلت حد الانسحابات الجماعية أو الانشقاق، وانغلاقها على نفسها، وعجزها عن فتح الأبواب أمام مناضليها للترقي في سلم المسؤوليات ومراكز صنع القرار الحزبي.

ثم إن بعض الأحزاب المشاركة في قيادة العمل الحكومي خلال السنوات الأخيرة، إما انساقت مع تطبيق سياسات تمّ تقديرها بأنها غير اجتماعية، أو ابتعدت تدريجيا عن قواعدها الانتخابية واستسلمت لإغراءات السلطة وجاذبيتها، فوجدت نفسها ضعيفة، وغير قادرة على إعادة بناء ذاتها من جديد.

لا تبدو الصورة مشجعة على القول بإمكانية حصول جديد في الانتخابات المقبلة، لا سيما من زاوية تجديد جوهري للنخب البرلمانية والحكومية، وتجدد المسؤوليات على صعيد الهيئات المنتخبة الترابية. كما لا نميل إلى تحقق قطيعة مع الممارسات الماضية من قبل مجمل الفاعلين السياسيين، بسبب أن التغيير المعبر عنه بالقطائع يحتاج، من جهة، إلى إرادة تواقة إلى التغيير الحقيقي، وهو ما لا يمكن ملامسته في خطابات الأحزاب السياسية وممارساته، وإن اختلفت ألوانها واتجاهاتها، ثم يحتاج من زاوية ثانية، إلى مناخ وطني عام يحفز على التغيير نحو الأفضل ويحفز عليه، وهو ما يبدو غير واضح في الواقع المغربي بما فيه الكفاية. بيد أن ما يمكن أن يحصل، مع وعينا الكامل بصعوبة قراءة المستقبل بجزم ووثوقية، هو تحقق مشهد الاستمرارية مع تغييرات لا تمس جوهر العملية السياسية، وإنما تطال تفريعاتها وأطرافها. وهو ما يعني استمرار النخب الحالية مع ترميمات محدودة في المواقع والوجوه والأوزان داخل البرلمان والجهاز الحكومي.

خريطة التوازنات الحزبية قد لا تشهد تغييرات جوهرية، كما لن تعرف التحالفات والتقاطبات السياسية تغييرا جذريا، يمكن أن يدخل حزبا ويخرج آخر من دائرة التحالفات الموجودة. ومن الراجح جدا أن يتقاسم حزب العدالة والتنمية الانتخابات المقبلة مع حزب الاستقلال أو تشكيل تحالف ثلاثي بين البيجيدي والاستقلال والاحرار، بالرغم من أن رؤية ثالثة واردة في المستقبل وهو سيطرة الاستقلال والاحرار على نتائج الانتخابات المقبلة.

ونميل إلى الظن، في ضوء ما سبق بيانه، بأن خريطة التوازنات الحزبية قد لا تشهد تغييرات جوهرية، كما لن تعرف التحالفات والتقاطبات السياسية تغييرا جذريا، يمكن أن يدخل حزبا ويخرج آخر من دائرة التحالفات الموجودة. ومن الراجح جدا أن يبقى تصدر الانتخابات المقبلة للحزب الحاكم الان ، على الرغم من الانتقادات التي وُجهت إليه، وأبانت بشدة عدم حصول قبول لأدائه منذ قرابة عشر سنوات.

أما مصدر ترجيحنا لهذا التقدير، فمرده إلى أن “الإسلاميين” حافظوا بشكل كبير على تماسكهم الداخلي، على الرغم من تعرضهم لهزات سياسية داخلية وفي علاقتهم بمحيطهم، وحافظوا أيضا على قواعدهم الانتخابية، على الرغم من كل عمليات النقد والتشهير والتبخيس التي طالتهم خلال السنوات الأخيرة. ويمكن التأكيد، من زاوية ثالثة، أن التقدير حاصل على أنهم أقدر من غيرهم على المحافظة على الاستمرارية، وهي استمرارية مطلوبة وضرورية للانخراط في المشاريع المهيكلة التي سيقدم عليها المغرب، والتي ورد بعضها في الخطاب الملكي الأخير بمناسبة افتتاح الدورة التشريعية الأخيرة للبرلمان.

– كيف ستقنع الاحزاب المغاربة ببرامجها

من الصعب التكهن بمستوى ” قناعة ” المواطن المغربي بخطاب الاحزاب، فمستوى الرجات المعيشية والاخفاق الذي تعرض له المواطن المغربي من برامج الحكومة، وما لوحظ من ضعف في الاداء الحكومي حول عدة قضايا منها عدم تخصيص دعم لقطاعات تشغل شريحة كبيرة من المواطنين دون الحديث عن الطبقات الهشة التي بقيت تواجه الى اليوم مصيرها مع معيشها اليومي.

كما أن ممثلي الاحزاب على مستوى الجماعات الترابية، بدورهم سيتواجهون مع المواطنين، وغالبا الحساب سيكون عسيرا لبعض من دبروا المجالس في المرحلة السابقة، وعدم الوفاء بالالتزامات في برامجها التي صوت عليها المواطنين ولم يتحقق جزء كبير منها، كما أن هناك فئة عريضة من المواطنين ” العدميون” سيواصلون مسيرتهم في تبخيس حتى القليل كالعادة، ولا يشاركون ، مما سيؤتر على العملية الانتخابية المقبلة، وامكانية رجوع الاحزاب الى الاساليب الغير الديمقراطية او الشفافة ( استعمال المال والولائم) مما سينتج عنه رجوع وجوه الامس الى الكراسي واستمرار ” اللغط” في المرحلة القادمة.

مقالات ذات صلة

تعليق واحد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى