بالخط الأحمر : نصف المغاربة لا يثقون في الحكومة والأحزاب

ع اللطيف بركة : هبة بريس

بالموازاة مع النقاش العام الذي خيم على المجريات السياسية بالمغرب، قبل أيام بخصوص جمع الحشد والتكثل من أجل تمرير قانون ” القاسم الانتخابي” وما أعقبه من تشكيل جبهات مؤيدة له وأخرى رافضة، وحجم الحضور والحشد الذي أبداه الحزب الحاكم ال ” بيجيدي” من أجل التصدي للقاسم الانتخابي بإحتساب عدد المسجلين، والذي اعتبره تراجعا ديمقراطيا، في حين أن أحزاب تشارك حزب المصباح في تسيير شؤون الحكومة صوتت لصالح القانون، وقف المواطن المغربي عاجز عن تفسير وتحليل ما يقع بمؤسسته التشريعية، ولماذا اصلا هذا الجدال في ظل أزمة ” ثقة” في الاحزاب، إبتدأت أيام حكومة التناوب التوافقي، وبعدها تحكم التقنوقراط، لتليها التراجعات حتى في زمن الربيع الديمقراطي الذي أنتج دستورا جديدا، لم يستطع أن يحرك المشهد السياسي المغربي، رغم الاصلاحات التي جاء بها .

– نصف المغاربة لايثقون في الحكومة والاحزاب

أظهرت نتائج استطلاع رأي حديث في المغرب أن 68.7 في المائة من المستجوبين لا يثقون في حكومتهم، وهو ما يطرح التساؤل العريض حول أسباب تراجع تلك العلاقة بين المواطنين والسلطة الحاكمة.

وكشف التقرير السنوي لمعهد تحليل السياسات المستقل حول “مؤشر الثقة وجودة المؤسسات”، أن نسبة الذين عبروا عن ثقتهم في الحكومة لم تتعد 23.4 في المائة، في حين تتمتع الشرطة والجيش بأعلى معدلات الثقة في أعين المغاربة.

ويبلغ مستوى الثقة بالشرطة 78 في المائة ، في حين أن 83.3 في المائة من المغاربة يثقون بالقوات المسلحة، فيما تنخفض مستويات الثقة نسبيا بالنسبة للقضاء، حيث تصل إلى حوالي 41 بالمائة.

كما عبر حوالي 68.8 في المائة أنهم فاقدون للثقة في جميع الأحزاب السياسية على اختلاف توجهاتها، و25 بالمائة فقط يثقون بالنقابات العمالية، في حين بلغت نسبة الذين لا يثقون في مؤسسة البرلمان 57.5 في المائة .

دراسة مؤشر الثقة أظهرت أن 32.7 في المائة فقط من المستطلعين يثقون في البرلمان، بينما لا يثق باقي المغاربة في هذه المؤسسة. وكانت الفاجعة أن أكثر من نصف المغاربة لا يعرفون دور البرلمان، وحتى عندما يعلمون، فهم ليسوا متأكدين على وجه الدقة من جميع صلاحياته وأدواره.

– لماذا تراجع مؤشر الثقة في الاحزاب والحكومة ؟؟

وقف المواطن المغربي وجها لوجه مع حكومته ، إبان ظهور أول بوادر جائحة كورونا ، فخيم الانتظار على الجميع لأول إمتحان أمام المغاربة والعالم جميعا ، فجاءت المبادرة من القصر الملكي عوض الاحزاب ، فكان لتأسيس صندوق خاص بالجائحة والتتبع لطريقة تمويله بشكل تضامني وطريقة صرف المساعدات على المواطن في زمن فرض الحجر الصحي ، أول درس ، إكتشف المغاربة أن مؤسساتهم المنتخبة عاجزة عن مسايرة توقهم للتنمية والعيش الكريم ، وبات واقعيا أن دور مؤسسة القصر هو الفاعل الحقيقي في حل الازمات الطارئة بل طرح البدائل والاصلاحات الاجتماعية والاقتصادية ، وهو ما مكن المملكة من تجاوز عدة أزمات بات المواطن المغربي يفتخر بها ، لكن مهما أن باحثين في المجال السياسي المغربي ، يرجعون إندحار دور المؤسسات المنتخبة، بسبب غياب التواصل والمعرفة الضرورية للمواطنين ، وبالتالي جزء مهم منهم لا يعرفون كيف تشتغل هذه المؤسسات المحاطة بأسوار، التي تأبى بدورها التواصل وإيصال المعلومة

كما أظهرت نتائج الدراسات المنجزة في هذا الشأن، الى الحاجة للاحتكام إلى التربية على المواطنة، التي تعد معطى أساسيا ومهما مرتبطا بهذه المؤسسات التي يعتبر المواطن أنها تستنزف المال العام، دون أن تكون قادرة على تحقيق شيء لصالحه.

– ماهي علاقة الأحزاب بالسلطة ؟؟

مرت العقود من الزمن على المشهد السياسي المغربي ، ولم تتغير الامور بشكل المتوقع ، فبقي ما يسمى ب ” الاعيان ” و ” أصحاب الشكارة” الوجه البارز للمشهد السياسي المغربي ، بعد أن سمحت لهم ” السلطة ” بتمثيل المواطنين عبر تسهيل حصولهم على المقاعد بمجلسي النواب والمستشارين ، لكن في السنوات الاخيرة خصوصا بعد دستور 2011 بدأ المغاربة يستحضرون مسألة ” الكفاءة و التشبيب “، والتي تعد واحدة من العوامل التي ساهم عدم تفعيلها في انخفاض منسوب الثقة بين المغاربة ومؤسساتهم المنتخبة، إذ أنهم يعتبرون المنتخبين والبرلمانيين أميين في حين البلد يهجره الاطر والكفاءات الى دول أخرى .

هذا الاعتبار عززته المعطيات التي أماطت اللثام عنها رئيس مجلس النواب قبل سنتين، عندما أفاد بأن 5 نواب من أصل 395 لم يدخلوا المؤسسة التعليمية، وأن 1.27 نائبا يمثل الأمة بدون مستوى دراسي، وأن ربع البرلمانيين غير حاصلين على شهادة الباكالوريا (الثانوية العامة) وان 49 برلمانيا لم يقدموا ولو سؤالا واحدا بداخل قبة البرلمان .

– تجارب سابقة أفقدت ” ثقة ” المواطن في السياسيين

شكل مرور التجارب، وبشكل خاص تجربة قيادة “الاتحاد الاشتراكي” للحكومة في 1998 وبعدها ” التكنوقراط” و”العدالة والتنمية” في 2011، جعل الشعب يفقد الثقة بل والاحترام أيضا للهيئات الحزبية الموجودة في المؤسسات وأصبح يعتبرهم ذوو مصالح -فقط- ولعل التجارب الأخيرة وبالأخص حدف تقاعد البرلمانيين و الابقاء على تقاعد.الوزراء والتقاعد الاستثنائي والدائم لرئيس الحكومة السابق عبدالإله بن كيران، أدت إلى نكسة كبيرة جدا في صورتهم.

وضعية ” مقلقة” يشهدها المشهد السياسي المغربي، خلصت أن جل المستجوبون عبروا عن عدم رضاهم عن الاتجاه العام للبلاد، وأعرب 69 بالمائة من المبحوثين عن قلقهم من المستقبل.

وقد أعرب نصف العينة عن احتجاجها على الوضع الاقتصادي للبلد بعد الجائحة وقبلها ، وهو ما ظهر بحسب المعهد عندما شارك نصف المغاربة في حملة المقاطعة لبعض المنتجات الغذائية احتجاجا على غلائها، أي أكثر من عدد المغاربة الذين شاركوا في الانتخابات التشريعية عام 2016.

وشددت إدارة المعهد بنشرها للنتائج إلى أنها تسعى إلى تقديم توصيات ومقترحات لصناع القرار لتغيير القواعد المؤسساتية وإصلاحها في سبيل تعزيز الثقة وتمتين المؤسسات، خاصة وأن المغرب مقبل على انتخابات تشريعية جديدة خلال هذه السنة 2021.

وهناك إتجاه آخر من المهتمين بالشان السياسي بالبلد يحمل المسؤولية ل ” السلطة ” باعتبارها سببا في خلق هذا الفراغ في الساحة السياسية والفجوة بين الشعب والأحزاب.

– البدائل الممكنة

من أهم البدائل الممكنة للاصلاح السياسي بالمغرب، هو معاقبة ” المفسدين” واسترجاع الاموال المنهوبة، التفعيل الفوري لقانون التصريح بالممتلكات الاجباري للمنتخبين ومسؤولي المؤسسات العامة، تجديد الاحزاب المغربية وتقليصها، تفعيل ربط المسؤولية بالمحاسبة لتخليق الحياة العامة، محاربة الفوارق الاجتماعية، جعل الكفاءة أهم محدد لتقلد المسؤوليات، منع ” الاميين ” ولوج المؤسسات المنتخبة ” البرلمان والجماعات الترابية”، خلق التكوين والتأطير للنساء والشباب من أجل ولوج الممارسة السياسية والتدبيرية، وتأهيل الناشئة على المواطنة وفهم الشأن المحلي، وتتفعيل الجهوية الموسعة بصلاحيات مالية وتدبيرة بعيدة عن المركز، تفعيل دور الرقابة للمؤسسات المنتخبة ومؤسسات الدولة، محاربة الريع الاقتصادي بكل أشكاله .

مقالات ذات صلة

‫4 تعليقات

  1. البدائل الممكنة لا تخدم السياسيين الفاسدين والغير مؤهلين وهذا ويجعلهم يعارضون أي إصلاح حتى يبقى الوضع على حاله
    ولن يحدث أي تقدم في الانتخابات االقادمة .

  2. هذا الإحصاء لا معنى له , لأن تقريبا 70 في المئة من المغاربة لا يهتمون بالحقل السياسي ( انظر الإنتخابات الأخيرة) .كيف لشخص أن يتتقد هذه الحكومة وهو لم يقم بواجبه الوطني…؟ باز…باز….يا كاتب المقال, كن صريحا, هل قمت بواجبك الوطني.’؟ كيف يمكن لبلد ديمقراطي أن يختار من يحكمه بدون انتخابات ؟

  3. كنت اتمنى ان تنسحب هاته الأحزاب الكرتونية و تدع ملك البلاد يختار اعضاء الحكومة و كتابهم و و و و اسدلوا الستار عن هذه المسرحية الديموقراطية فقد مللنا من هاته الوجوه التي هي في حقيقتها اشد علينا ضراوة من كورونا … و الله -كورونا – كورونا متحورة – كورونا متزحلقة _سمها ما شئت _أرجم من هؤلاء الوصوليين الذين لا يملكون ذرة حياء لا من خالقهم و لا من ملك البلاد

  4. مادامت نفس الوجوه الجشعة تتصدر الاحزاب المغربية فإن 85 % من الشعب لا يثق في هذه الاحزاب و هذه الحكومة
    نفذل ان يتم التصويت للاشخاص اللامنتمون بدل هذه الاموال التي تضخ في ارصدت الاحزاب دون فائدة او طائل يعود على المواطن و الوطن

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى