أرانب السباق الانتخابي في زمن النفاق السياسي

محمد منفلوطي_ هبة بريس

وكأنهم نسوا خطاب الملك محمد السادس نصره الله حين شدد في خطاباته على أن الانتخابات هي فرصة تمنح المواطنين سلطة القرار في اختيار ممثليهم، وأن عليهم إحسان الاختيار لأنه لن يكون من حقهم غدا، أن يشتكوا من سوء التدبير، أو من ضعف الخدمات التي تقدم لهم…

هكذا أرادها الملك أن تكون حرة نزيهة منبثقة من رحم المجتمع دون مناورات ولا مزايدات، فإذاكان الأمر يتعلق هنا بحسن اختيار النخب السياسية ذات البعد التبصري والحسن الوطني والتكوين الأكاديمي، فإن المسألة تبقى دينا ثقيلا على عاتق الأحزاب السياسية لكي تلعب دورا محوريا في عملية انتقاء ممثلين بكفاءات عالية بعيدا عن منطق “الشكارة والطبالة والغياطة”، وتشجيع الشباب لخوض غمار هذا الاستحقاقات التي صارت حكرا على وجوه بعينها عمّرت طويلا على كراسي المسؤولية.

لكن المعطى الجديد الذي يحز في النفس ويجب التحذير منه ونحن نعيش مغرب الألفية الثالثة، هو مابات يعرف بلعبة سباق الأرانب، وللأسف أصبح بعض الشباب من أبطالها ومن المروجين لها بخطاباتهم الحماسية الشبابية التي اعتادوا عليها واعتادت عليهم لتحقيق المأرب بمنطق السرعة القصوى…يا للأسف…

إنها لعبة السباق الجديد ياسادة، سباق الأرانب الذي ما أن يقترب موعد الحسم حتى ينسحبوا تاركين الساحة لأولي نعمتهم من الساسة المحترفين من أطياف حزبية أخرى، بعد أن أفلحوا في خلق نوع من الشرخ الذي ساهم بدوره في إعادة ترتيب الأوراق من جديد والافراز عن نتائج غير التي كانت متوقعة.

هنا، تنسحب الأرانب جانبا، لتختفي عن الأنظار وبسرعة البرق، وهي التي ظلت طيلة مرحلة الاستعدادات والمخاض العسير تقدم الكلام المعسول والشعارات الرنانة ظنا منها أنها تعمل على إزاحة ممن عمّروا طويلا…. يا للأسف..

أرانب السباق هاته، على اختلاف ألوانها واديولوجياتها، تبقى أليفة ولا أنياب سياسية لها ظاهرة للعيان، لكنها تبقى مسؤولة أمام الله وأمام التاريخ وأمام من منحوها ثقتهم، مسؤولة على تلك اللعبة السياسية التي لعبتها وأتقنتها بكل احترافية معبدة الطريق للقادمين من الخلف بعد أن أخذت نصيبها وانسحبت.

ونحن نعيش زمن كورونا والاستعدادات للاستحقاقات، معهما انتشرت مشاهد وصور ومقاطع فيديوهات على مواقع التواصل الاجتماعي لأناس لم يحلو لهم سوى الظهور بمظهر المُتفّنِّنين في اقتناص الفرص وأخذ الصور من مختلف الزوايا، يركبون على مختلف الأحداث بدون استحياء، حتى آلام العباد ودموعهم لهم فيها نصيبا مفروضا، لا يأبهون لطفل جائع ولا أرملة بائسة، همهم التفنن في القفز على الأحزان بطعم الإحسان، ومنهم من بدى وهو ينسج خيوط الحملات الانتخابية المبكرة والركوب على موجة الانفاق في زمن الجائحة مدعوما بزبناء كاميرا شوفوني.

لكي يكون للكلام معنى ودلالات، ولكي لا نسقط في مبدأ العمومية على الرغم من العبارات تضمنت كلمة “بعض”، فهناك شباب ورجال ونساء، شرفاء، من أبناء الوطن، شرفهم ومواقفهم هي أغلى ما يملكون، لا يسألون الناس الحافا، ومنهم من انخرط طواعية في تلبية حاجيات العباد دون “بهرجة” ولا اقتناص فرص، وانصرفوا في صمت، عكس البعض ممن ارتأوا التشهير طرب البندير وامتهان الكرامة والتفنن في التقاط الصور وتوزيعها على مواقع التواصل الاجتماعي بنكهة الانتخابات، ومنهم من سخّر في ذلك جميع امكانياته وذروعه البشرية لاقتحام الدوائر الانتخابية لغريمه في حين غفلة منه، على الرغم أن الدولة حذرت في وقت سابق على لسان وزارة الداخلية من الركوب على الأحداث لدواعي انتخابية.

فإلى متى يعدل هؤلاء المحترفون الذين باتوا يعتمدون على أرانب السباق الأليفة في حملاتهم، ألم يان لهؤلاء أن تخشع قلوبهم ويضعون مصلحة الوطن ومواطنيه فوق كل اعتبار بعيدا عن منطق المصالح الشخصية الضيقة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى