لذباب الخونة المبجلين… طنطنة أخيرة في شبكة العنكبوت

محمود هرواك – مراكش

من يكسر أسنانه بقشر الجوز لا يأكل لُبّه! هكذا هي، قصة مؤامرة أشبه ما تكون بعَضّة كلاب مسعورة! عَضّة؛ ظنت أن لها النيل من ارتباطنا بالوطن! لقد خالت أن بوسعها فصل القشرة المتماسكة الصائنة اللب عن بعضها، مستعينة بفك متهالك و أسنان منخورة مهترئة؛ فما كان من الفاه كريه الريح نتِن القيح بمحاولاته البائسة اليائسة سوى أن تهشم؛ آتية أنيابه الغادرة على بعضها، ناهشة خمجها من لثتها! ليبقى الجوز النافع للأرض فهي خير له من الوقوع ببطن السحت داخل جسد جاحد للنعمة.
هكذا فجأة و على غير ميعاد صارت الخيانة وجهة نظر! فحدثَ أن تهاطلت زخات الحجارة الغادرة لتستهدف مؤسساتنا تباعا من خلف ستار، ذاك في سكن الليل كما في واضحة النهار، بل على مرأى و مسمع من العالم! فقد سَلّ طابور عُرّاب الغدر خناجرهم من أغمادها و أشاروا بها بكل حقارة صوب المغرب الشامخ بقضائه ومصالحه الأمنية و أعينه التي لا تنام.
و من المؤسف اليوم بنقرة واحدة على المتصفح العنكبوتي أن نجد الكثير من المواد المنزوعة الدسم، إلا الغباء عند عديد المتلقين؛ فدسمه يزداد أكثر فأكثر لينضاف بكمه عدد التافهين الذين وفرت لهم الوسائط الرقمية و شبكات التواصل الاجتماعي و خصوصا قنوات (يوتوب Youtube) الفرصة المقتنَصَة للظهور و الانتشار كالفطريات بعدما تَطبّع الناس تدريجيا مع هذا العبث من خلال الإدمان على مشاهدة محترفي صناعة الكذب و الممتهنين ترويج الادعاءات الباطلة بين الناس من مبتكري وصفة ملء السوق الممتاز للفضائح.
وها قد استقل قبل شهور مصاعد النجومية نكرات دفع بهم الانهيار القيمي و الأخلاقي و الثقافي كما الاجتماعي نحو مدارج الصعود الذي ما أراه إلا على جرف هار وشيك الخَرِّ كعصا سليمان التي أتت عليها الأرضة؛ ولو أنهم تسللوا البيوت عنوة بضع سويعات فإن وجودهم الافتراضي في الداخل سينتهي لا محالة سحقا بالمبيدات تماما مثل الحشرات المضرة التي تسترق الفتات ليكون سببا في هلاكها. و لعل السنة الجديدة بشارة انطفاء شاشات التهريج التي من فرط نشاز جعجتها لم تدم في طبل الآذان إلا هنيهات و حن من اليوم سماع الجمهور لجميل المديح و رفيع الذوق المليح أما الزبد فيذهب غثاء ليلقي ببعضهم في يم مزبلة تاريخ قمامة التفاهة ذات الصلاحية المنتهية.
القصة أعزائي ابتدأت من يوم هوت شمس الثقافة أرضا وحجبها السطح، حينها ظهر الأقزام للمغاربة بملمح التعملق و العمالقة؛ ومن ثمة إلى حدود كتابة هذه الأسطر استوطن البؤس الفكري المشهد الرقمي و أحكم لقطاء الهَرَج قبضتهم على “يوتوب” من خلال قنوات ترضعهم إلى الآن ثديا من أموال “الأدسنس” فيه ما يروي عطشهم من تعقب عورات الناس و فضائح الفنانين و الحياة الخاصة للمسؤولين لينفخوا بلعابهم النجس فقاعات إعلامية نافثين السموم المغلفة بعناوين مثيرة و قُصاصات أغلبها مفبركة.
إلى هنا عدت أحبتي و الهدهد للكتابة بعد غياب طويل ورجع معنا فن الرأي بالعمود؛ نضعه الموضع الصحيح، مجددين الولاء للوطن و الشوق للقراء و البصق في وجه الأعداء! مقتحمين حقولا من الأشواك مليئة بحفر الألغام و طنطنة ذباب ملأ الأبواق!
و في هذه السلسلة نسقط ورقة التوت عن الخونة الذين باعوا الوطن.. ذلك أن الأوطان لا تباع إلا على أيدي السفلة من أبنائها!! أولئك الذين قدموا شرفهم وما بقي من كرامتهم بضاعة في سوق المصالح رغبة في فتات بقشيش أسيادهم!! ولفرط حبهم الجم للمال باتوا أشبه بالقوادين الذين يكشفون عورات الوطن للمتربصين.. و قد صاروا اليوم منبوذين من الجميع حتى ممن يخدمونهم فهؤلاء بدورهم لا يرونهم إلا وسيلة و حاجة لقضاء مآرب؛ ذلك أن الخونة لا عهد لهم ولا أمان و لهم نقول: لا تعتذروا عقوقكم للمغرب بأنكم له ناصحون وعليه حريصون ومما سيأتي قلقون و خائفون؛ فالخير معلوم والشر معروف و بأبخسها و أخسها بعتم أنفسكم سلعة رخيصة لتكونوا جزءا من أجندة عدو وطنكم!
إن من يفقد وفاءه لمسقط رأسه فلن يسترد كرامته في وطن غير وطنه وبلد غير بلده !! و أعمال هؤلاء المرتزقة لن تمر دون عقاب فأيدي العدالة طويلة وستنالهم أينما ذهبوا ومهما استمروا في غيهم وظلالهم، ذلك أن قبضة العقاب لا ترحم المجرمين ومصير الخونة إلى زوال لأن ثمن الخيانة كبير يتحمله من باع ضميره ووجدانه وأدار ظهره للأمة. الوطن هو الأم والأب والأخ الإبن والحبيب و الرفيق.. ومن يطعن الوطن من الخلف فقد طعن كل هؤلاء لأن خيانة الصديق أو الحبيب لها أثر على الفرد أما طعنة الوطن فأثرها على شعب بأكمله.
و إذا كان للإخلاص درجات و مراتب فإن الخيانة ليس لها سلم لأنها عملية انحدار وانحطاط دون الخط الأدنى للإخلاص..

مقالات ذات صلة

‫3 تعليقات

  1. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته شكرا جزيلا لكم على المجهودات وعلى كل ماذكرتموه من كدمات وأزمات أصابت المشهد الأخلاقي والذي يلصق عنوة بالمغاربة الذين عرفوا منذ القدم بدماثة الأخلاق والَكرم وحسن الجوار والإسراع إلى التكافل وإغاثة كل من استنجد بهم دون ميز يذكر للانتماء العشائري أو العقائدي أو…أصبحنا الآن نرى في القنوات الكثير من غثاء السيل لافائدة منه تُرجى ورغم كل هذا نجد أن المشاهدات تجاوزت الملايين وبالمقابل نجد قنوات مشرفة لمغاربة يحبون وطنهم ويقدسون انتماءهم ويحسون بالمسؤوليةتجاه الوطن وتجاه التاريخ ااذي لا يغفل شيئا بل كل مسجل و”مزممَ ” يراقبون أنفسهم والله يبارك خطواتهم، وفي خضم هذا التشويش والصخب الإعلامي وأمام فقر قنواتنا الوطنية وافتقارها لمناعة اجتماعية وأخلاقية توجه بها مشاهديها وأمام ندرة البرامج التقويمية للَشاهد الغافل عن دقة الظرفية التاريخية للبلد ككل ولنفسه وأسرته ومحيطه… يبقى الحال على ما هو عليه” يا أهل الحال…ناس الغيوان” وللحديث بقية…

  2. السب بتعابير لغوية ملتوية وركيكة تُنَفر..كان عليك الإستدلال بأمثلة عمن تقصد..الحجة ومقارعة الدليل بالدليل..هذا مادرسناه في أكبر جامعات الغرب المتحضر..وهي مهارات لاتُدَرس في المغرب للأسف..لذا ففاقد الشيء لايعطيه
    المعارضون من أجل المواطن الغلبان ومن أجل الوطن، هي ظاهرة صحية لمسار المغرب نحو الخروج من غياهب الجهل والتخلف..فلو سكت أهل الخارج كسكوت أهل الداخل، لسار المغرب للهاوية بأعمال الفساد الهدامة، دونما منبه
    مع أني لاأتفق مع الطرق المنحطة لبعض اليوتوبرز،الإستدلال المنطقي يكون بمقارعة الدلائل بالدلائل وليس بِسَبٌِ المعارضين وتهديدهم..

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى