الفقيه المقاصدي يبرئ بوعشرين ويجرم ضحاياه
أثارت قضية بوعشرين الكثير من ردود الأفعال لا سيما في محيط المستفيدين من الخدمات الإعلامية التي اغتصب بها الحقيقة قبل أن يتهم باغتصاب عاملات جريدة الأخبار. في تصريح الريسوني مؤخّرا قال بأنّ النساء اللواتي تقدمن بشكاية ضد بوعشرين هنّ من استعملن في اغتصابه في كرامته وحريته الخ. بهذا التصريح أكد الفقيه المقاصدي بأنّ لا قيمة للقضاء في المجتمع الذي تبتغيه شريعة المقاصديين وبأن المغتصبات انقلبن إلى غاصبات، هذا في الوقت الذي لا زال المتّهم أمام القضاء والتحقيق جاري في مضمون 50 شريط تمّ مواجهة الظنين به في المحكمة. بالنسبة إلى قضية بوعشرين فهي الآن أمام القضاء ولا يمكن استباق القضاء في الإدانة أو البراءة، إلاّ أنّ ما يثير النظر في تصريح الريسوني هو استغلال الدين حسب الموقف والمصلحة الخاصة التي يسميها مقاصد الشريعة وهو ما يجعل المقاصد في نظر الريسوني نوعا من صكوك الغفران وليس تحقيق مصلحة الشريعة والمتشرع.
يحاول الريسوني أن يدافع عن مدير نشر جريدة لعبت دورا كبيرا في الدفاع عن جماعة الريسوني بل أكثر من هذا شكلت مقاولة يشتغل فيها أقرباء الريسوني بالإضافة إلى حامي الدين الماثل اليوم أمام القضاء في ملف مقتل آيت الجيد المنحدر من جماعة الرابطة قبل اعلان الوحدة مع جمعية بنكيران وولادة التوحيد والإصلاح. أقرباء وشبكة الريسوني عاملين داخل جريدة أخبار اليوم كما أن الريسوني قدم خدمات من الدوحة لصالح مدير النشر المتهم باغتصاب الصحفيات العاملات في مقاولته بالإضافة إلى تهمة الاتجار في البشر.
العلاقة بين بوعشرين والريسوني طبخت على نار هادئة. ويعتبر تصريح الريسوني الأخير المضلل للرأي العام والمشوش على القضاء وغير المهتم بشكاوى المغتصبات من النساء والذي يعتبر بمثابة رد الجميل لمدير نشر استطاع من داخل جريدته أن يمنح الريسوني الذي كان داعية في جماعته صفة الفقيه المقاصدي قبل سنوات قليلة، الصفة التي ولدت داخل الصحافة ويعتمدها الريسوني شهادة لتضليل زملائه في السعودية وقطر الذين وقعوا في فخّ التسمية وبرزوه في تنظيماتهم حيث ظلّ يقترب من الشيخ القرضاوي ويظهر له الولاء لكي يصبح خليفته في الاتحاد العالمي للعلماء المسلمين. ومع أن الريسوني لم يقدم أي فكرة جديدة في المقاصد واكتفى بترديد أفكار القرضاوي مستغلا بساطة الرأي العام المغربي بهذا الخصوص، فقد حول المقاصد الى أداة لخدمة مصالحه الخاصة ومصالح جماعته المقربة ولو اقتضى الأمر قلب الحقائق.
تشكل السرقات الأدبية أداة فعالة في ما يكتب الريسوني، أغلبها من طلبته الذين كان يسطوا على جهودهم وقبل أن تناقش بحوثهم ورسائلهم كما فعل حين أحال في أحد كتاباته على الحكيم الترمذي مستشهدا بنص له من كتابه”إثبات العلل”، بينما لم يكن الكتاب قد تم تحقيقه بالفعل ولا توجد أي نسخة له، ولكنه سرقه من أحد طالبه. وقد تكرر هذا الأمر المخل بالأمانة العلمية لمن سميّ في صحافة بوعشرين بالفقيه المقاصدي.
.
وقد يتساءل المتتبع البسيط: أين تتجلّى مقاصد الريسوني في تصريحه الأخير؟
سيجد المتتبع أنّ مقاصد الريسوني هي تتبع المصالح وتدور معها، أي وبتعبير آخر هي تدور مدار مصلحته ومصلحة جماعته. فهو لا يؤمن بدور القضاء في تعزيز المقاصد ولا يعتبر الإنصاف من مقربيه هو من المقاصد. وبهذا تحولت ضحايا المتهم في مقاصد الريسوني إلى مجرمات وتحول المغتصب لهن الى مغتصب(بفتح الصاد) وتعليله هو أن النساء المشتكيات استعملن في اغتصاب حريته. فقد تجنّى الريسوني على كل المعطيات والحجج دون أن يتحقق، متجاهلا أنّ المقاصد تتطلب التعليل والتعليل يتطلب التحقيق. وبعد أن يدين ضحايا الاغتصاب ويجعل منهن مجرمات يعطي الأولوية للحرية على العدالة. وقد نسي الريسوني أن الطاهر بن عاشور التونسي حين أضاف الحرية إلى مقاصد الشريعة لم يضعها لكي تناقض ركنا أساسيا في مقاصد الشريعة ألا وهو حفظ العرض. إن الريسوني يتنكر للمقاصد بطريقة بلطجية حيث الترتيب في المقاصد له اعتباره في التعليل والقياس الشرعيين. وأنّ حفظ العرض هو من مقاصد الشريعة ، وهو سالب للحرية عند وقوعه. وأن الامام الشاطبي واضع أسس المقاصد اعتبر من الضروري تعريض المتهم لكل الوسائل في استخلاص المعلومات فكيف إذا كان مخلاّ بواحدة من مقاصد الشريعة.
تصريح الريسوني في قضية بوعشرين مخالف لمقاصد الشريعة وهو يحاول التشويش على القضاء. لقد تحدث الريسوني مرات كثيرة عن مهرجان موازين واعتبره نشاطا يحرض على الفواحش كما اعتبر الخمور خطيرة لأنها تؤدي إلى الفواحش، ولكنه يحاول اليوم وباسم المقاصد أن يبرئ حليفا له من تهمة الاغتصاب. ليس في تصريح الفقيه المقاصدي المزور أي مقاصد في تصريحه الأخير، لا حفظ الدين ولا العقل ولا العرض ولا النسل، وربما فيه حفظ المال الخاص بالمقاولة وحفظ أصل آخر لم ينتبه له لا الشاطبي ولا علال الفاسي ولا ابن عاشور: حفظ الألقاب المزورة مثل لقب الفقيه المقاصدي الذي لا يميز بين الفقه والابتزاز السياسي. يتساءل كثيرون كيف لداعية اعتبر في تقارير دولية من الداعمين لداعش في بدايتها والجماعات المتطرفة أن يكون فقيها مقاصديا كما سماه بوعشرين؟ ومن يدري يا ترى إن كان الريسوني مقتنعا بأن 50 شريط تتهدد حفظ العرض والدين في المغرب هي من مقاصد شريعة زواج المصياف الذي توسط فيه بعض المقربين منه بين ضحية مغربية والأب الروحي للشبكة لبوعشرين وحامي الدين المدعو أحمد منصور في القضية التي عرضت على المحاكم المغربية أيضا. الريسوني يريد ان يحول المجتمع المغربي إلى ضيعة للفساد المقاصدي لإخوانه في الداخل والخارج ولأصحابه وشبكاته بأن يهتكوا أعراض المغاربة وليس للقضاء أن يقول كلمته ولا أن يستمع للضحايا. إن تصريحا يرسل أحكاما قضائية قبل القضاء هو فضيحة للمستوى العلمي لفقيه المقاصد حسب الصفة التي منحها اياه الصحفي بوعشرين وسرعان ما خرجت من المحيط الضيق إلى الآفاق في عملية تزوير هي الأكبر من نوعها في تاريخ الألقاب الدينية. القاعدة التي غابت عن الريسوني المقاصدي المزيّف هو أنه لا شيء يمنح الحق لأحد في اتهام أحد من دون بينة حتى لو كان الآخر عدوا سياسيا أو شخصا أو شخصية معنوية. وإذا فعل سقطت عدالته في الشريعة الإسلامية. إنه اعتمد خدعة إخوان يوسف الذين اتهموا الذئب بأكل أخيهم، بينما تبين بعد ذلك براءة الذئب من دم يوسف التي خلدها مأثور العدالة في تاريخ المقاصد الشرعية..