انفجار بيروت.. والحاجة إلى المصالحة العربية

 بقلم : نورالدين برحيلة

انفجار الثلاثاء الأسود بضحاياه الأبرياء، وخسائره الفادحة، مهما اختلفت الفرضيات والتخمينات، يصبّ في موقعية واحدة، أن المشروعالتفكيكي التفتيتي للعالم العربي متواصل، وإشعال فتيل العنف والتدمير في كل الدول العربية.

الذين يريدون قتل لبنان، هم الذين يريدون قتل السودان، الصومال، ليبيا، سوريا، العراق وأخواتها، لذلك يجب الاستماع إلى نصيحة الملكمحمد السادس، وإنجاز المصالحة العربية، لأن السرطان الإمبريالي يستهدف الجسد العربي، وعملية الدول العربية بعد سرطنتها بالعنفالداخلي بتلويناته المتنوعة، الهوياتي، الطائفي، العقائدي، العرقي،  السياسي، الاجتماعي، الاحتجاجي..، لا دولة عربية مستثنية منمشروع القتل الإمبريالي.

لذلك يجب تسريع إيقاف النزيف، وإعلان ميثاق المصالحة العربية، وعودة الأخوة الأعداء إلىالبيت العربيولمِّ الشمل العائلي، يجبالاستماع إلى صوت الحكمة والتعقل، وامتلاك بعد النظر، وتذكر حكمةالثور الأحمرأكلت يوم أكل الثور الأبيض.

كلّ الأدلَّة الجنائية تؤكِّد أن العصابة الإجرامية الصهيوإمبريالية مُتورِّطة في جريمة الاغتيال الفاشِلة للبنان، والذين يريدون منا أن نتخلَّىعن نظرية المؤامرة، سنسمعهم كلام الحاخام عودافيا يوسف زعيم حزب شاس الديني المُتطرِّف يقول: “نحن شعب الله المُختار لإذلال العرب،حرام علينا إبداء أية رحمة نحو العرب، امطروهم بالصواريخ، اقضوا عليهم، إنهم أفاع سامّة، وأشرار ملاعِنة“.

الخطة الإمبريالية، تتكرر بنفس سيناريوهاتالخريف العربي“.. استغلال ورقة الفساد، وإضرام نار الاحتجاجات الجماهيرية البريئة ضدالفساد السياسي، واختراقها بالجواسيس والمرتزقة، وتحويلها من المُطالبة بالإطاحة بالفساد والسياسيين الفاشلين إلى الإطاحة بلبنان، ومنإرادة إسقاط النظام الحاكِم، إلى إسقاط الدولة، والتشجيع على التخريب والعنف ضد البلاد، بدعوى الحرب على الفساد.

بعدها يبدأ المُندسِّون بتخريب البنى التحتية، وتحطيم ونَهْب المتاجِر والمؤسَّسات، وتحويل الاحتجاج من وسيلةٍ مدنيةٍ للتغيير إلى غايةٍ هدفهاتدمير الدولة وإغراقها في العنف الدموي الذي لا ينتهي.

كانت أول رواية قرأتها في حياتي هي تراجيدياالأجنحة المُتكسِّرةللأديب المُبدِع جبران خليل جبران. كنتُ حينها طفلاً في آخر قسمإبتدائي وعبرها أحببت لبنان من أول نظرة، كما أحبّ بطل الروايةسلمىمن أول نظرة.

في الحقيقة المُقارنة بين سلمىالأجنحة المُتكسِّرةوأجنحة لبنان المُنكَسِرة اليوم، تمنحنا الكثير من الترابُطات. سلمى وريثة المجد والثراءوالبهاء. لبنان وتكالب ذئاب الإمبريالية الطامعين في كنوزه وثرواته مازال متواصلاً، وكأن قدر هذا البلد هو قدر البطل سيزيف. لبنانالسيزيفية يُعيد حمل صخرة حياته بمقاومة لا تنكسر، مهما دحرجتها أيادي المُستعمرين والطامعين والناهبين والسفَّاحين والخائنين.

روايةالأجنحة العربية المُتكَسِّرةاليوم تكتبها تصدّع الوحدة العربية، وتضخم موسوعة الهجاء العربي، حيث يتلذذ الفرزدق بطعن جرير فيالظهر، وهو لا يعلم أن جريرا سقاه سمّا ناقعا، يدمر العرب بيوتهم بأيديهم.. اليمن دُمِّرت.عراق بيت الحكمة خُرِّبت. سوريا ذُبِحَت. ليبياسُحِقَت، السودان قُسِّمَت، الصومال دُكَّت، مالي شُتِّتَت، وقصائد الهجاء العربي في أبهى عصورها، مع اتهامات الأنظمة بعضها بعضاًبالعَمالة والخيانة، وسرطان العدو الإمبريالي  ينخر جسد الرجل العربي المريض.. ومواصلة التهام البلدان العربية بعدما توهّم أنه التهمفلسطين التي تحولت إلى شوكة في حلقه تؤلمه فيزداد سعارا.. والوحدة العربية ليست يوتوبيا خيالية، بل حقيقة تاريخية..فعلا الحلم كبير.. والأمل أكبر ..

بيروت الأميرة الحزينة.. كما وصفها الشاعر نزار قباني ذات يوم.. وكأنه مُقدَّر عليها أن تكابد جراحات سيزيفية قاسية.. لا تكاد تلملم حزناحتى تعانقها حشود أحزان متزاحمة.. نرثي أوجاعك يا بيروت الصبورة.. وفي تعازينا لك وللشعب اللبناني الشقيق ما عادت تكفينا الدموع.. لست وحيدة يا لبنان.. كل شرفاء العالم في جنبك يقدمون التعازي بقلوب منفطرة موجوعة.

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى