!أن تكون أنثى

الكاتبة : زينبة بن حمو

لا يمكن لأي رجل، مهما كان مساندا للمرأة مدافعا عنها، ومتبنيا لقضاياها، ان يفهم ماذا يعني أن تكون محاصرا في جسد أنثوي، لا يستطع أن يفهم كيف يكون شعور الشخص حين يكون محملا بأثقال تجره إلى الأسفل مهما حاول الصعود، مربوط بسلاسل تجره إلى الوراء مهما كان قوي العزيمة ثابت الخطى،
لا يستطيع أن يفهم ماذا يعني أن يعيش داخل جسد يحمل كل اللعنات منذ بدء الخليقة.

لن يفهم ماذا يعني أن يكون هناك سد منيع بينك و بين النجاح اسمه “الجسد”، لا يفهم معنى أن تبدل جهدا مضاعفا، وقوة مضاعفة، وصبرا مضاعفا، و إصرارا وإلحاحا ومثابرة لتحقيق ما يحققه الذكر دون أدنى جهد، فقط لأنك محاصر داخل جسد أنثوي.

لن يستوعب أن مجرد الحق في المشي في الشارع دون خوف يكاد يكون حلما، لا يفهم معنى أن يكون عليك التعايش مع تسلط المتحرشين و دناءتهم ووقاحتهم،وفي أحسن الأحوال، نظراتهم التي تكاد تجردك مع عفتك حتى لو كنت تلبسين برقعا و خمارا، فقط لأنك محاصر داخل جسد أنثوي. ثم تكون متهما بممارسة الإغواء و الشيطنة و استفزاز الوحش الذي لا يستكين ولا يدان ولا يجرم ولا يعاتب ولا يلام لأنه ذكر.
لا يمكن أن يدرك معنى أن تكون ممنوعا من كل ملذات الحياة، لأنك محكوم بالسجن المؤبد داخل جسد أنثوي.

لن يدرك معنى أن تتسع عليك لائحة المحرمات و تضيق على جسده الذكري، رغم أن الدين هو ذاته و القرآن يكاد يساوي بين النساء و الرجال، لا يفهم معنى أن يوهمك الآخر أن كل شيء تحصلين عليه بالجهاد، هو مجرد هدية و جميل من الرجل الذي تكرم بالافساح لك عن بقعة في المجال الذي هو بقوة القانون و العادات و الأعراف و الشرائع ملك خاص به و مشاع له، فقط لأنه لا يسكن جسد أنثوي.

لا قدرة له على فهم معنى أن يكون شرف الأسرة والعائلة، والقبيلة والعشيرة والوطن رهين بجسدك في حين يستبيح هو لنفسه كل المعاصي دون مساءلة.

لن يشعر ابدا بالغبن لأنه مجبر على إلاستاكنة و تقبل كل أشكال الرقابة والكبت والمنع، وليت ذلك ينفع، فقط لأنه يسكن جسدا أنثوي.

لا يقدر قسوة الإحساس بالخزي و العار دون جرم ارتكبته في مناطق كثيرة من بلاد العرب، لأنك اخترت الطلاق طوعا أو غضبا حلا لعذابك، فقط لأنك تسكن جسدا أنثوي.

أن تكون أنثى، في كثير من البقاع، معناه ان تعيش في دوامة من الخوف، من الهلع، من الشك، من الخزي، من الكبت…
و من الضعف رغم قوتك.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى