مراجعة اللعنات

بقلم عمر كرام كاتب ومفتش للتعليم

لن ألعن السماء بعد اليوم، فقط لأنها تبخل بقطرات المطر… سألعنك أنت أيتها الأرض العطشى؛ سألعن فيك الانتظار والقعود، سألعن فيك مقام الدون… سألعن عطشك المذل…
بعد اليوم…
لن ألعن الحجارة البارزة على سطح الأرض. ولا الأشواك الحادة التي تحاكي في وخزها سم الأفاعي… ولا حتى الأقدام الحافية المغدورة بخف مزقه خنجر الأيام؛ سألعن الألم الساكن في الأجساد من أخمص القدم حتى قنة الرأس… سألعنه وهو يذيب في ماء التعب قطعة الصبر جانب فنجان أهملنه قارئته منذ عقود…
بعد اليوم كذلك…
لن ألعن الريح ولا إلهها “بورياس” لأنهما يخونان في عتمة البحر وعتمة الليل وعتمة الحبر وعتمة المجهول أشرعتي الساذجة المبللة بماء الثقة الخرساء… لن ألوم موجك المتلاطم يداعب بيد الغدر سفينتي؛ سألوم الخوف الأبله الجاثم بين الضلوع، سألومه وهو يخر منهزما أمام فكرة المواجهة وفكرة الغرق وفكرة الموت…
لن ألعن الأيام والساعات والدقائق تجري، لا تلتفت تتفقدني أغالب الأنفاس المتلاحقة تخنقني؛ سألعنك أيها التأمل المكفوف وأيتها العيون تطيلين النظر عبثا في المجهول، فتأتي على الباقي من لحظات العمر.
غدا…
لن ألعن من بالغ مقتربا مني حتى حجب عني نورك أيتها الشمس… لن ألعن من تعالت أصواتهم وشوشة وصراخا، حتى بموسيقى الوجود امتزجت. فأفسدت على لذة الإنصات؛ سألعنك أيها القرار الرخو وقد عجزت عن كسر التردد وهو يمنعني الابتعاد…
لن ألعن الخارج… سألعن الداخل…
لن ألعن الموضوع… سألعن الذات…
لن ألعن الآخرين…
لن ألعن ما صنعوا…
لن ألعن السحر ولا السحرة… سألعن تمائمي…

مقالات ذات صلة

تعليق واحد

  1. تحية للاستاد الشاب عمر كرام مسيرة أدبية ونقدية موفقة رغم تكوينه الفرنسي لكنه إلى الا ان يتحفنا بهده المقالة الرائعة سلمت اناملك.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى