جودة الخدمات والانفتاح على التنافسية الأجنبية

عبد اللطيف مجدوب

” .. فالذين يرفضون انفتاح بعض القطاعات التي لا أريد تسميتها هنا ،
بدعوى أن ذلك يتسبب في فقدان مناصب الشغل ، فإنهم لا يفكرون
في المغاربة وإنما يخافون على مصالحهم الشخصية ..”
ـ من خطاب العرش 2019 ـ

هل سيقطع المغرب مع الانغلاق الاقتصادي ؟

ظلت الأسواق الاقتصادية الداخلية في المغرب ؛ منذ عقود ؛ خاضعة في منتجاتها وتسويقها لمواصفات ومعايير قلما تتناولتها المراقبة وأسئلة الجودة ، بل كان المواطن/المستهلك على الدوام مضطرا إلى اقتناء هذه المادة أو تلك في مناخ من الهيمنة والاحتكار ، لكن في العشر سنوات الأخيرة وجدنا شركات منتجة جديدة اقتحمت السوق الوطنية بمنتجات استهلاكية ؛ تبدو بسيطة في عرضها وترويجها لكنها سريعة الربح لارتفاع معدلات استهلاكها اليومي كمواد الحليب ومشتقاته والمياه “المعدنية” والسكر والزيوت والدقيق والمواد الصيدلياتية .. هذا فضلا عن قطاعي المحروقات ومواد البناء . وتكاد التنافسية بين هذه الشركات وبالمفهوم الاقتصادي الذي يحرك في المنتجين دوافع تجويد سلعهم منعدمة ، بقدر ما كانت “تنافسية غير بريئة” تتحايل على المستهلك بشتى الطرق ، كتحريك سلعة مقابل تعطيل أخرى أو الترويج لها لدى مؤسسات سياحية ومطاعم وإقامات وجهات معينة ..

احتكار متعدد الأطراف

المغاربة يستهلكون سمك السردين بـ 20ده/كلغ ، بعد أن ظل في مستودعات التصبير مدة لا تقل عن 3 أو 4 أسابيع ، وقبل وصوله إلى المستهلك يخضع في تداوله وتسويقه لمحتكرين وسماسرة لا يقل عددهم عن 15 وسيطا ، اقتنوه أول الأمر بـ 3ده/كلغ .. لكن تضخم عدد السماسرة رفع سومته إلى 25ده/كلغ ، وهكذا يجد المواطن/المستهلك نفسه أمام أسواق ملتهبة الأسعار على الدوام ؛ سواء تعلق الأمر بالأسماك أو الفواكه أو الخضر ، أو السلع الموسمية الأكثر استهلاكا كالتوابل ورؤوس الماشية .

حماية المستهلك مجرد شعار فارغ !

في أدبياتنا الاقتصادية ، وتحديدا القوانين الزجرية ، نلفي أنفسنا أمام تراكمات من القوانين والتشريعات المنظمة للسوق الاستهلاكية الداخلية ، لكنها تظل مجرد كليشيهات لا أثر لها في الميدان والأسواق بالرغم من بعض الإجراءات الحمائية التي تبديها السلطات المحلية تجاه المواطن المستهلك كأرقام خضراء لإبلاغه عن زيادة أسعار أو تدليس .. في مادة من المواد ، بل إن هناك مؤسسات وطنية “بعدد نجوم السماء” مهامها حماية المستهلك وقمع الغش وفضح المواد الفاسدة ، لكن نشاطها الميداني ينحصر بالكاد في تحرير تقارير نمطية ومراكمتها أو رفعها إلى وزارة الاقتصاد لتقبع هناك في الظلام ، ويبقى المستهلك يكتوي بنيران الزيادات والغش والرداءة .

وجود تنافسية أجنبية هو الحل

خطاب العرش لهذه السنة 2019 كان واضحا في مراميه ، سيما منه الفقرة المتعلقة بالاقتصاد الداخلي وتجويد خدماته .. لكن يطرح في هذا السياق تساؤل عريض ؛ هل بإمكان المغرب أن يكسب رهان التحدي ويقف في وجه سرطانات الاحتكار لينعش المنتوج الداخلي أولا ويرفع من مستوى جودته ويضع حدا للتلاعب في الأسعار ثانيا ؟
يبدو أن ركوب تجربة التنافسية الأجنبية هو الحل الفعال والقمين بإنقاذ المستهلك المغربي من الخناق الاقتصادي الذي جثم عليه لأمد طويل ، فلم يترك له مجالا أو فضاء لاستبدال سلعة بأفضل منها وبأقل تكلفة ، إلا أن السماح لدخول المنافس الأجنبي غمار السوق الوطنية ستترتب عنه معيقات “مسطرية” ضخمة قد تنفره بطريقة غير مباشرة من المساهمة في الاقتصاد الوطني ، ذلك أن هذا الوافد الجديد سيلج السوق بتسويق سلع ذات جودة مسجلة في السوق الدولية وبتصميم على تجويد منتجاته وبوسائل لوجيستيكية حديثة وبمضاعفة اليد العاملة … حينها سيكون أمام الشركات المنتجة الداخلية المغربية أن تغير عقليتها التي تتجه دوما إلى الربح السريع ، وبالتالي لن تستطيع منافسة المستثمرين الأجانب سواء على مستوى الجودة أو الأسعار أو التسويق .. وسيكون أمامها فقط اللجوء إلى المناورات وإغلاق كل المنافذ التي من شأنها ربط المستهلك المغربي بسلع المنافس الأجنبي ، بالاحتيال تارة والبقشيش أخرى !

 

مقالات ذات صلة

‫2 تعليقات

  1. يظهر أن الحال سيبقى كما هو عليه ،أن الاقتصاد الوطني هو الدين يشرع القوانين -مثلا-الأبناك التشاركية

  2. اظن ان جلالة الملك يتكلم عن قطاع الصحة من شركاة صنع الدواء و المستشفيات الخصوصية و الجامعات الخاصة و المدارس العليا الخاصة التي تتميز بالاسعار الصاروخية و الجودة الرديئة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى