الصحافة نحو السخافة..

و انتقلت الصحافة بذلك من مهنة المتاعب الى مهنة السخافات…

يمكن ان يرجع الامر إلى انتشار عدم المهنية، فليس كل صحفي بصحافي! او ربما الى متطلبات المجتمع التي أصبحت تتلذذ بالفضائح و العبث.

لن نعمم القول بل سنخصصه ولكن حسب قانون الاغبيية تفوز. فلا يخفى علينا ان الصحافة و كيغرها من المهن تخضع لتوجيه معين ضمن قوانين و التزامات لا يمكن تجاوزها او حتى محاولة الطعن فيها. فمهما طالت حرية الصحفي لا يمكن ان تبلغ شروطا محددة. مع ان المدارس تختلف و التوجهات ايضا غير ان الهدف يبقى واحدا : نقل الخبر.

من مدرسة السلطة الى مدرسة الحرية التي سادت بشكل ملحوظ في الآونة الأخيرة. فلم تعد مهنية الصحفي تتجلى في نشر الخبر بموضوعية و شفافية بل اصبح الغرض من ذلك هو البحث عن اقرب فضيحة ممكنة لخلق الحدث.

كل هذه الصفات لا تنطبق الا على ما نسميه بالصحافة الصفراء؛ هذه الأخيرة التي لا تهدف سوى لاثارة الرأي العام عن طريق إشاعة الفضائخ و استخدام المبالغة و الانحياز.
ففي روسيا مثلا يحتل هذا النوع مكان الصدارة في مفردات البيع والربح ونسبة عدد القراء، خاصة بعد أن دخلت الدولة مايسمى اقتصاد السوق وبعد أن تخلت عن تمويل الصحف كما في فترة الاتحاد السوفيتي. و هل يمكن القول ان المغرب في يومنا هذا اصبح يمشي على نفس هذه الخطى؟

فقد تعددت المواضيع و سلطت اضواء الكاميرات على من هب و دب حتى صار الجاهل عالما يتباهى بساخافاته امام الناس. فبين مؤيدين و معارضين لهذه للظاهرة يبقى العبث سيد الموقف. منابر اعلامية اصبح شغلها الشاغر هو اصطياد فرائس و بيعها للمتلقي.

فبين فضيحة فلانة و هراء فلان اصبح من لا قيمة له يقيم الآخرين. أضواء الشهرة لم تعد صعبة المنال فلم تعد تستدعي الكثير، فالخلطة جدا سهلة : قليل من الجهل و قلة الوعي و كثير من الهراء و الحماقة و ها أنت أصبحت في القمة.

هذا يذكرنا بكتاب الفيلسوف الكندي “الان دونو” تحت عنوان نظام التفاهة الذي يلخص فكرة ” نجاح التافهين في الحياة و لما لا تقيدهم لمناصب كبرى”. فنصيحته هذه حقا في محلها: “لا لزوم لهذه الكتب المعقدة. لا تكن فخوراً ولا روحانياً. فهذا يظهرك متكبراً. لا تقدم أي فكرة جيدة. فستكون عرضة للنقد. لا تحمل نظرة ثاقبة، وسع مقلتيك، أرخ شفتيك، فكر بميوعة – اى مرونة وقابليه للتشكل- وكن كذلك. عليك أن تكون قابلاً للتعليب. لقد تغير الزمن. فالتافهون قد أمسكوا بالسلطة”.

ولكن السؤال الذي يطرح نفسه لماذا المتلقي يهتم بمثل هذه المواضيع غير الهادفة؟ هل الغلط اذن من الناشر ام من المتلقي؟

فكما يقول المثل الانجليزي : “لا تجعل التافهين مشهورين”. ولكن اصبحنا نرى العكس!

فكما ذكرنا سابقا لا نضع الكل في كفة سواء. فلكل مقام مقال.

وهذا لا ينطبق فقط على مهنة الصحافة بل على عصر الصورة بصفة عامة فيكفي التوفر على كاميرا و توثيق اللحظة و نشرها عبر مواقع التواصل الاجتماعي و خاصة اليوتيوب الذي سهل عملية المخاض هذه.

من اين و الى اين نتوجه بهذه الطفرة؟ و كيف لا يسعنا التفكير في ما سيخلف للاجيال القادمة؟

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى