عندما يسلك “المناضل” طرقا مشبوهة “دفاعا” عن حقوق الانسان

احتجّ الناشط الحقوقي معطي منجب قبل أيّام على المضايقات التي يتعرض لها من قبل الصحافة، معتبرا أنها صحافة تحركها غرف سوداء. وفي هذا السّياق لم يتجه إلى نقد الصحافة واتباع المساطير القانونية في الدّفاع عن نفسه، بل آثر أن يسلك طريق الدّعاية وخلط الأوراق بل وتحميل الدّولة ومؤسساتها بأسلوب غوغائي تجاوزته الأجيال الجديدة في المغرب، كلّ تبعات ما اعتبره تربّص صحفي يترصّد كل خطواته.
لقد كان بإمكانه أن يسلك طريق القانون ويطرق باب المؤسسات المختصّة والدفاع عن نفسه وحقوقه بالطّرق المشروعة تعزيزا لدولة الحق والقانون بدل أساليب التهريج التي تجعل العمل الحقوقي يفقد مصداقيته ويصبح مجالا للنّصب والاحتيال بهدف تحويل المغرب إلى دولة فاشلة. فالعمل الحقوقي عمل هادف وجزء من التنمية وليس وسيلة للنيل من سيادة الدولة وهو في أوربا وأمريكا له حدود وشروط غير متوفرة في الأساليب الغوغائية التي يقوم بها أمثال معطي منجب الذي يحاول أن يصفّي حسابات ما قبل الإنصاف والمصالحة.
وتعتبر تصريحات هذا “الناشط الحقوقي” سابقة من نوعها لأنها تستهدف حرّية الصحافة وتتهمها بما من شأنه التضييق على نشاطها الذي يعتبر مكونا من مكونات الديمقراطية، فهو يحلم بمجتمع تنتعش فيه حرية التعبير والصحافة ولكنه في نفس الوقت يدعو الدولة أن تكون ديكتاتورية وتتدخّل في الصحافة كي تمنعها من القيام بنشاطها، فالدولة التي يحلم بها منجيب هي دولة بلا مؤسسات ولا قضاء ولا أمن ولا جيش ولاحاكم، مشروع فوضى حيث السلطة الوحيدة هي للذين يرتبطون بأجندات خارجية ويسعون إلى تهديد استقرار المغرب وابتزاز الدّولة وضرب سيادتها لصالح أجندات تجنّدهم لنشر الفوضى واليأس استعدادا لأدوار أخطر من ذلك. فالأجندة الخارجية تزرع عملاءها في انتظار ساعة الصّفر كما جرى في بلدان كثيرة فقدت معها أبسط الحقوق التي يدافع عنها معطي منجب الذي يدافع في الحقيقة عن وضعيته كمجنّد للإساءة للمغرب وإضعافه بشعارات يخفي فيها قناعاته الشيوعية التي تجاوزها الزمن، ويبحث عن تلميع صورته كبطل يركب الأزمات.
يتّهم معطي منجب القضاء بتزييف ملف الصحفي توفيق بوعشرين ويبرءه من كلّ التّهم التي نسبت إليه من قبل صحفيات يعملن في نفس المهنة. ولا يكترث حين يدّعي الدفاع عن دولة الحق والقانون لخطورة ادعاءاته اليائسة، لا سيما حين يشكّك في القضاء والصحافة والأمن والسياسة، مما يجعل المتتبع لنشاطاته التي يختلط فيها السياسي بالحقوقي وبالتجاري أنه يريد دولة فارغة من مؤسساتها الدستورية، أما الصحافة فهو يهاجم منها ما شاء ويدافع عن من يشاء حسب ما تقتضيه المصلحة. فالصحافة التي يحلم بها منجيب هي صحافة ذات اتجاه واحد تتبنّى شعارات من دون أدلّة مقنعة وتجعل المغرب بلدا للفوضى والابتزاز بواسطة العمل الحقوقي. لم نجد منجيب يتدخل في ملفات قضائية تخصّ المواطنين بل هو يتربّص بالملفات التي تثار حولها زوبعة إعلامية، هدفه من كل ذلك هو الدعاية والمتاجرة ليقنع الجهات التي يشتغل لصالحها في الخارج بأنه يقوم بدوره على أحسن وجه. ومنذ اكتشف موضوع الاختلاسات المتعلق بقضية الدعم الذي تتلقاه جمعيته من الخارج وهو يخوض معركة غامضة ضدّ الدولة ومؤسساتها، وهي معركة لا يفهم أبعادها المواطن البسيط الذي يقع ضحية أمام شعارات حقوقي يدافع عن الحق في خرق القانون وعرقة القضاء والاتهام بلا دليل.

يعود سبب هجومه على الصحافة لأنها سبق وكشفت عن الكثير من المخالفات والاختلالات في طبيعة النشاط الغامض لرجل يقدم نفسه مؤرّخا من دون أثر تاريخي كما يقدم نفسه رئيسا لمركز ابن رشد من دون أي نشاط علمي، فلقد هاجم الصحافة لأنّها اكتشفت خروقات في مجال الدعم الذي تتلقّاه جمعيته من الخارج إضافة إلى انخراطه في أنشطة مشبوهة تتخذ من حقوق الإنسان وسيلة لزعزعة الاستقرار. لقد برّأ الناشط الحقوقي صديقه توفيق بوعشرين واتهم ضحاياه بينما كان من المنتظر أن يقف في صفّ حقوق وكرامة الضحايا بعد أن سيّس الملف. يخلط المعطي منجب بين العمل الحقوقي والعمل السياسي، كما أنّه يمارس نشاطه الاستفزازي مقتفيا أساليب المحميين لم يبق له إلاّ أن يرفع يوما علما أجنبيا فوق بيته.
يعتبر معطي منجب أن تطبيق القانون هو عدوان متى أصبح يطال نشاطاته المخالفة للقانون، وبأنه يريد أن يُطبّق القانون على الجميع باستثناء معطي منجب المحمي. ولكي يبعد عنه متابعات الصحافة ويقظة القانون أصبح يتّبع طريقة في إثارة الرأي العام مستغلا كل قضية أو ملف كأن يفتعل حالة الإغماء عند سماع حكم المحكمة على توفيق بوعشرين أو الإضراب عن الطعام أو إرسال الرسائل للمسؤولين للتشكّي من الصحافة كما فعل مؤخّرا، وهذه كلها أساليب استفزازية ومخالفة للقانون تهدف إلى إشغال الرأي العام بعد فضيحة الاختلاسات التي تتعلق بتمويل جمعيته.
لقد سلك معطي منجب طريقة خاطئة في الدفاع عن حقوق الإنسان والحق في التعبير. فالعمل الحقوقي هو أساسي ومهم بالنسبة لدولة الحق والقانون، غير أنّ الأمن والاستقرار والسيادة هي مكونات أساسية للعمل الحقوقي نفسه، فهي تؤمّن له كل هذا النشاط وتحميه لأنّ العمل الحقوقي مستحيل في قلب الفوضى، وهي جدلية لم يفهمها منجب الذي يخلط بين العمل الحقوقي والعدمية التي تعتبر أسلوبا للمحميين الذين لا يرضيهم من البلد المجندين فيه أي شيء وكأنهم يرون في شعاراتهم البديل المثالي الذي يملك كل الحلول. وهذا البديل هو دول أوربية تتمتع بوضع حقوقي كبير ولكنها أيضا يحترم فيها القضاء والأمن والمؤسسات. هل معطي منجب يخاطب بشعاراته تلك المؤسسات المعنية أم أنه يرسل رسائل للخارج؟ فلكي يكون العمل الحقوقي صحيحا عليه أن يتحلّى بالوطنية ويتقيد بشروط ومساطير الممارسة الحقوقية، في حين يعتبر المحميون أنّ أوّل شرط في العمل الحقوقي هو التخلي عن الوطنية والاكتفاء بالفوضى. ولا زال المحميون عاجزين عن فكّ هذه الجدلية على الرغم من الخلفية الماركسية التي تمكن المناضل من فهم الدياليكتيك أكثر من غيره، هذا بينما تحول منجب الماركسي إلى مدافع عن الرأسمالية المتوحشة وعصابات النصب والإحتيال حيث لم يبق في جعبته من الماركسية سوى الحقد القديم بعد أن تخلّى عن نظريتها ، مما جعل العمل الحقوقي يفقد قيمته التي تساهم في تنمية البلاد ويصبح عملية ابتزاز مقنّع.

مقالات ذات صلة

تعليق واحد

  1. اخز المعطي الكل بنهجه هذا الاسلوب التشكيكي في مؤسسات الدولة وكانه الوحيد على حق والجميع مخطؤن و على ان هذه الدولة التي ينتمي اليها خارج الدستور والقانون. فهذه العقلية الابتزازية متجاوزة وبالعامية # هذ اللعب قديم#

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى