أيها المحتجون .. كل الطرق تؤدي إلى السجن بالمغرب ‎

هل بإمكان أحدنا تفادي رمشة عينه إن إقترب أصبع أحدهم إليها ؟ لا يمكن طبعا , غير أن العملية باتت وشيكة من الحقيقة ببلدنا العميق , فكلما بدأ الشعور بتنسم عبق الحرية والإنعتاق من طغيان القوانين المجحفة إلا ويظهر جيل جديد من باكتيريا تتفاعل مع كل مامن شأنه أن يشعرنا بالأمل , فتقوضه وتعدمه من الأصل .

ألم يشارك المغاربة عن بكرة أبيهم في دستور 2011؟ ألم يتحدث هذا الدستور عن ربط المسؤولية بالمحاسبة ؟ بلى ,, فهو الذي أقنعنا على أن الإختيار الديمقراطي من الثوابت وأن الأمة تستند في حياتها العامة على توابث جامعة تتمثل في الدين الإسلامي السمح والوحدة الوطنية متعددة الروافد والملكية الدستورية والإختيار الديمقراطي , وأن الجميع أشخاصا ذاتيين أو إعتباريين بما فيهم السلطات العمومية متساوون أمامه وملزمون بالإمتثال له , تعمل السلطات على توفير الظروف التي تمكن من تعميم الطابع الفعلي لحرية المواطنين والمواطنات , والمساواة بينهم ومن مشاركتهم في الحياة السياسية والإقتصادية والثقافية والإجتماعية .

نحن هنا لانحلم ,,, لم نعتمد الشعر لقول هذا الكلام ,,, إنه الدستور , ألا يبدو أننا بينه وبيننا سنوات ضوئية ؟, فمشكلتنا في المغرب لاترتكز على تغيير الدستور وسن القوانين, وبهرجة البرلمان لوضع المشاريع والمناهج , بل تكمن في ظاهرة تحكم زمرة وحفنة قليلة من أصحاب الإمتيازات وغالبيتها تدور في المحيط الملكي , ولها أياد متسخة مع أشباه الزعماء السياسيين,وتراشق الأجهزة فيما بينها بضغظ من نفس الوجوه القابعة المتمكنة وسط البطانة الفاسدة حفاظا على ثرواتها داخل وخارج البلاد , وتمويه أنظار الشعب عما يقع من قضايا كبرى بعضها جد حساس يحدث على أعلى مستوى.

ففي فصله 22 يشير دستورنا _ لأنه ليس دستورهم _ أنه لايجوز المس بالسلامة الجسدية أو المعنوية لأي شخص في أي ظرف ومن قبل أي جهة كانت , خاصة أو عامة , لايجوز لأحد أن يعامل الغير تحت أي ذريعة معاملة قاسية أو لا إنسانية أو مهينة أو حاطة بالكرامة الإنسانية ممارسة التعذيب بكافة أشكاله ومن قبل أي أحد جريمة يعاقب عليها ” إنتهت الفقرة ”

فبالعودة إلى هذا النص , ألا يعتبر تعديا وتجنيا ماتفوه به وزير المالية محمد بوسعيد في حق المغاربة المقاطعين أنهم مداويخ ,؟ وإمبراطور حليب سنترال قبل الإعتذار أن المغاربة خونة إن هم قاطعوا حليبه ؟ , وأخنوش الذي يحلف بأغلظ الإيمان أنه لن يتنازل وإن سخروا جميع كتائب العالم ؟ ورد بشرب كأس حليب أمام عدسات الكامرات والصحافة كرد فعل ضدهم ؟ , و مريم بنصالح التي وضعت قنينة الماء بشارتها أمامها في إجتماع حكومي ضدا في مقاطعي الماء المغتصب ؟ _ كملوها وجملوها _ عندما إجتمعت الحكومة التي لا تحكم أمس , وقررت الدفاع عن الباطرونا , وأصبح الخلفي ناطقا باسمها بدل الحكومة , ونقل عنهم أن القانون رقم 72 المتعلق بحرية التعبير والنشر سيعرف تعديلا يتماشى والمغالطات _ يعني إعتبر إحتجاج المقاطعين لمواد الحليب والماء والغازوال بمثابة مغالطات _ وليس تعبيرا شعبيا عن إمتعاضهم وانهيارهم أمام ارتفاع الأسعار وانخفاض الأجور عكس باقي الدول الأجنبية التي عرت عدد من التدوينات عن الفرق الواسع والبون الشاسع بين القدرة الشرائية بننا وبينهم , رغم إرتفاع الأجور لديهم

وعليه , وفي قرائة جد بسيطة وفي أقل من سنة ,إتضح عبر جملة من المحطات والمشاهد أن لاشيئ تحقق في مجال حقوق الإنسان والديمقراطية , حراك الريف بعد نازلة الحسيمة وطحن مو , وعطشى زاكورة , وقتلى جرادة , فتحت أمامهم أبواب السجون على مصراعيها لإحتضانهم ولتؤكد لهم أن الدستور الذي صوتوا لصالحه بجانب ملك يعزهم , لا رائحة لتنزيل مدينته الفاضلة ومقاطعو الحليب والماء والغازوال , طالهم بدورهم أمس أول تهديد باسم جميع الوزراء الذين نصبهم الملك وأقسموا أن يؤدوا مهامهم بصدق وأمانة,فكشروا عن أنيابهم على حين غرة ليثبتوا لمن صوتوا في الإنتخابات أنهم كانوا يذبحون أعناقهم بأيديهم , وان محمد السادس لم يخطئ كوننا جعلنا على رؤوسنا فاسدين في مدننا وقرانا, وأن الشعارات المتعلقة بأنسنة السجون وتنظيمها وإعادة هيكلتها وتحسين ظروف إيواء النزلاء إنما لإستقبال المواطنين المغاربة المتواجدين في حالة سجن موقوف إلى حين وصول الدور في هذا البلد الذي بدأ الخجل يدب إلى النفوس لنقول آمنا .

فلن نقول للشعب الذي صوت على هاته الوجوه هنيئا لكم بحكومتكم المحكومة , بل هنيئا مريئا لهاته الحكومة بهذا الشعب السهل طيه على جميع الأوضاع.