فوزي لقجع … دعك من سفاسيف الأمور لقد أصبحت مرادفا للوطن .

سعيد سونا - باحث في الفكر المعاصرة

يزدحم الكلام بدواخلنا عندما نعجز عن التعبير ، نعم الجملة صحيحة ، خصوصا إذا كنا بصدد الخوض في أمر جلل … فالوطنية الحقيقية ، تتطلب التجرد والانصهار في المنظومة واغتيال الذاتية في صدورنا ، فهناك شعرة بين النصح والتدخل .. فاحذر أن تقطعها ! … إن الحلم ليس ماتراه في نومك ، بل هو الذي يمنعك من النوم ،،، والصدق في العمل هو عمود الدين وركن الأدب وأصل المروءة … والأشخاص فرص ، ليس هناك شخص متاح للأبد ….

فوزي القجع المدخن الأول في العالم !!! الذي حرق جسده من أجل خدمة بلده ، هو الرجل العنيد صاحب العقل الاستراتيجي ، مهندس صحوة الكرة المغربية …. فالرجل قبل المونديال ليس نفس الشخص بعد المونديال ، لقد كان رجلا يجتهد يصيب ويخطأ ، أما الآن أصبح رجل دولة بما تحمل الكلمة من حمولة كبيرة ، وانضم لنادي رموز بناء الدولة المغربية الحديثة ، من الباب الكبير ، بل أصبح مرادفا للوطن ولهذا لم يعد لابن بركان هامش للخطأ ، فقد أصبح مطوقا بثقة ملكية مطلقة ، وحب مغربي وعربي وعالمي ، جعل الجميع يطالب باستنساخه ، لأن زمن العباقرة الذي يخدمون الوطن قد ارتد وانتكس …. وحتى لانبخس حقوق الناس سنعود للسياق ، الذي جعل من الرجل ظاهرة شدت انتباه العالم ….

فوزي وجد أن ” الطرقات مضاءة بشكل جيد، لكن الجميع تائه.” كما قال ليو تولستوي … لذلك ناضل لتهشيم الأصنام التي استقوت داخل نفوس المغاربة ، فبدأها بالغرينتا والوطنية الصادقة ، مرورا بحزمة من القرارات الاستراتجية ، لإنقاذ الكرة المغربية من السكتة القلبية ، وصول إلى تلك الدموع اللذيذة التي بللت وجهه بعدما انتصرنا على اسبانيا….. دموعك غالية أيها الغالي ، قاومت كافحت خططت فبكيت ، وجعلت الكرة المغربية في أحسن رواق ، بعدما عبدت لهم الطريق لتكون سالكة للأجيال القادمة ، بفضل فلسفتك العلمية الدقيقة ، التي لاتترك فروجا للشيطان ليتسلل إليها…

تقول الحكمة الشعبية “اللي بغا كمح العولة يحرثه فالشولة ” … وكذلك فعل فوزي القجع ، استفاق باكر ، واسثمر مضمون الرسالة الملكية ، التي بعث بها إلى المشاركين في المناظرة الوطنية للرياضة ، سنة 2004 وثمنها دستور المملكة ، لتكون الذروة في مضامين النموذج التنموي الجديد لبلادنا، والذي حسم الأمر، واعتبر الرياضة رافعة اقتصادية للتنمية ، ولحسن حظنا في كرة القدم ، كان لدينا رجل مهيأ لرفع الرهان … نعم لقد كانت جل البنية التحتية المتواجد حاليا ، نتيجة ترشح المغرب لاستضافة كأس العالم 2010 ، لكن فوزي لقجع قام بتسويق هذا المنتوج وأجرأته عبر ترصيده ببنى تحتية عالمية ، والدفع بالأندية لترك الهواية والانخراط في هاته الدينامية المباركة ، والتي سخر فيها فوزي لقجع كل السبل التي تجعل المغرب يفتخر ببطولة محترفة ، تشرف تاريخه الكروي ، الأمر الذي جعل الأندية المغربية تحقق جميع الألقاب إفريقيا، مع مكاتفة هذا المعطى بالتنقيب على المواهب التي تمارس خارج الوطن … ضف إلى ذلك تقوية كرة القدم النسوية ، وجعل الرياضة المدرسية في قلب السياسة الرياضية للمملكة …

أما ذروة هذا المسار العلمي ، كانت تلك الملحمة الكروية التي أدهشت العالم بقطر ، وعضدت العمل الجبار الذي قام به فوزي القجع ، فالرجل له اليقين، بأن مايفصل العزيمة والهزيمة حرف واحد فقط لكنه يغير إتجاه الحياة ،،،، لقجع يدرك أن مونديال قطر قذف كرة القدم الوطنية من الدبلوماسية الموازية ، إلى صلب الدبلوماسية الرسمية للمملكة، لعل شظايا هذا الإنجاز تصيب كل القطاعات التي يعول عليها الدولة المغربية ، لكي تصبح المملكة قوة اقتصادية تعود بالنفع على كل القطاعات التنموية والاجتماعية …

ومن أجل كل هذا وذاك ، يجب على رئيس جامعة الكرة ، أن يستوعب المكانة التي أصبح عليها الآن، والتي لاتسمح بالكولسة ، والإصطفاف وراء من يريدون بطولة فاسدة ، متحكم في نتائجها… لا لا لا … أكيد ستستحيي من الآن أن تنخرط في سفاسيف الأمور لأنك أصبحت مرادفا للوطن ، ورمزا من رموزه الكبار ، بعدما اخترت كل ماستصعب من قبل ، فالمغرب الآن في صلب صنع القرار الكروي في الفيفا والكاف…

أخي فوزي التزم الصمت وطلق الخرجات الإعلامية الشعبوية ، فللصمت صوت عال ، فهو يجعله صاحبه يشتغل أكثر مما يتكلم ….

فوزي الرجل الذي استقدمته العقول الراجحة ، وأمنت بجودته ، وهو القادم من بركان مضجع الرجولة والكفاءات ، فرغم تعرضه في الأول إلى الكثير من التنمر ، والتبشير بفشله ، لكنه أسكت الجميع ، وأعطى درسا لكل المشككين، في عبقرية ساكنة الجهة الشرقية ، الأمر الذي يجعلنا نطالب بحقنا في المسار التنموي الذي تشهده بلادنا بقيادة مولانا الإمام دام له العز والتمكين ، لأن الإبداع يوجد في الهامش كما قال غرامشي …

لن ينسى المغاربة ، صنيع لقجع وهو يترك عائلته في عيد الأضحى، ليذهب للدفاع عن حق الوداد في لقب رابطة الابطال ، وهي خصلة لم تكن في الذين سبقوه …. ولن ننسى الرجل “كزناسني” حر وهو يثور في وجه الحكم القطري ، الذي تحامل على المنتخب في مقابلة الترتيب في المونديال ….

إن رجل الدولة الذي نتحدث عليه يجب أن تتوفر فيهم الشروط التالية :

– الاستقامة الشخصية والنزاهة المشهود بها.

– القدرة على التفكير المنهجي المنظم والتفكير الإستراتيجي وإنتاج الأفكار والحلول والمبادرات.

– الاهتمام والإنجاز المشهود له في الشأن العام، وتقديمه له على شأنه ومصالحه الخاصة.

– «الكاريزما» والحضور الدائم في المشهد العام.

ــ امتلاك رؤية مستقبلية واضحة وجادة في أحد مجالات الشأن العام.

– الانفتاح والتواصل مع أبناء مجتمعه من كافة الطوائف، وامتلاك قاعدة علاقات عامة متنوعة غير مؤدلجة، حيث هو موظف عام خادم للمجتمع كله وليس لحزب أو طائفة معينة، فهو ابن وأجير الشعب، والمحاسب عن الشعب.

– امتلاك عقل وفكر سياسي عام لا ديني فقط، وتجاري خاص.

– امتلاك خيال سياسي قادر على رؤية المشهد والمشاركة فيه.

– القدرات الإدارية والقيادية القادرة على حسن إدارة واستثمار الموارد المتاحة من البشر والأموال والمعرفة لتحقيق أهداف المجتمع

– من هو فوزي لقجع ؟

فوزي لقجع هو الوزير المنتدب لدى وزيرة الاقتصاد والمالية، المكلف بالميزانية، بالحكومة المغربية.

تم تعيين لقجع في أكتوبر 2021، بعد أن شغل منصب رئيس الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم منذ 2014. إبن بركان من عائلة محافظة …

ولد فوزي لقجع سنة 1970 بمدينة بركان شرق المملكة المغربية، ترعرع وسط أسرة محافظة، مكونة من ثلاثة إخوة وأم ربة بيت، والده عمل في التدريس، قبل أن ينهي مساره الوظيفي مفتشاً متقاعداً، واستمر فوزي في مرحلة الدراسة الابتدائية والثانوية بمسقط رأسه، حيث حصل على شهادة البكالوريا، في شعبة العلوم التجريبية، سنة 1988، ليلتحق بمعهد الحسن الثاني للزراعة والبيطرة، حيث تخرج بشهادة مهندس زراعي، والتحق بوزارة الفلاحة، قبل أن يكمل دراسته بالمدرسة الوطنية للإدارة، وفي تلك اللحظة لم تكن علاقته بكرة القدم تتجاوز الإعجاب والهواية فقط.

لقجع في وزارة المالية

وظف فوزي لقجع مهارته الكبيرة في التسيير بالعمل في المفتشية العامة للمالية، ثم انتقل ليعمل كرئيس لشعبة المجالات الإدارية سنة 2000 لمدة ثلاث سنوات، ثم شغل منصب مدير ميزانية الدولة التابعة لوزارة المالية بعد ان قضى سبع سنوات في قسم الزراعة والمقاصة، و في يناير 2010، عين في منصب مدير ميزانية الدولة التابعة لوزارة المالية، وهي التجربة التي اكتسب منها لقجع خبرات التسيير التي جسدها في مشوار في عالم كرة القدم.

دخول عالم “المستديرة” رئيسا لنهضة بركان

في 2009 كان لقجع جاهزا لبداية رحلته في كرة القدم، وبدأ بصعود سلم النجاج تدريجيا، حيث نصب رئيسا لنادي نهضة بركان، وقام بإعادة هيكلة شاملة في الفريق وقام ببنائه على أسس متينة واستغرق موسمين فقط قبل أن يحقق النادي الصعود إلى القسم الأول بعد غياب طويل، حيث عمل كثيرا على كافة التفاصيل الإدارية للنادي والفئات الشبانية وركز على الجانب المالي لكي يتفادى الفريق الدخول في متاهات مستقبلا، وطيلة 4 سنوات اكتسب خبرة كافية في مجال كرة القدم أضافها إلى سنواته في مجال التسيير المالي والإداري بأعلى الهيئات الحكومية بالبلاد.

لقجع أصغر رئيس في تاريخ الجامعة

بعد التجربة الناجحة رئيسا لنادي نهضة بركان، انتخب لقجع كأصغر رئيس في تاريخ الجامعة المغربية لكرة القدم، وذلك في 11 نوفمبر 2013، ليكون الرئيس رقم 16 الذي يتقلد المنصب وخلف علي الفاسي الفهري، ليبدأ لقجع رحلة جديدة لإصلاح الكرة المغربية وتجسيد أفكاره الاستثنائية فوق أرض الواقع، حيث كان انتخابه أحد تجليات العهد الجديد، وعودة الجامعة إلى حظيرة التسيير المدني، وبدأ معها نجاح كبير وقرارات حاسمة للمضي قدما في مشروع الاحتراف وإزالة كثير من العيوب التي تشوب المشهد الكروي في المغرب.

مهندس صحوة الكرة المغربية على كافة الأصعدة

خلال السنوات السبع الماضية، شهدت الكرة المغربية تطورا كبيرا على كافة المستويات، بفضل العمل الكبير الذي تقوم بها الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم، وعلى رأسها فوزي لقجع، حيث نجحت المغرب في ظرف قياسي بتطوير بنياته التحتية الكروية لينافس بلدان أوروبية، حيث أصبح يتوفر على أحد أجمل ثلاثة مراكز تدريب في العالم، حسب ما صرح به رئيس “الفيفا” شخصيا خلال زيارة له الرباط، وتوفير 20 ملعب ذو عشب وجودة من مستوى عالمي جاهزين لأي تظاهرة عالمية وقارية، إضافة إلى بناء وتجهيز 200 ملعب جديد بالعشب الإصطناعي، بكافة جهات المملكة، وهذا يعود بشكل خاص إلى إستراتيجية الجامعة لتطوير الكرة بشكل عام، حتى وأن الكرة النسوية بدورها نالت حظها من الإهتمام ضمن مخططات لقجع، حيث صنفت البطولة المغربية الأفضل قاريا.

العودة إلى المونديال بعد غياب 20 عاما

في عهد لقجع تحقق أبرز إنجاز للكرة المنتخب منذ 1998، ويتعلق الأمر بالتأهل إلى كاس العالم في روسيا 2018، بعد تخطيط وهيكلة ناجحة على مستوى المنتخب الأول، بداية بتعيين المدرب الخبير في إفريقيا هيرفي رونار، ثم المرور لإقناع العديد من المواهب والنجوم الناشطة في أقوى الدوريات الأوروبية لتقمص ألوان “اسود الأطلس” وتجسيد انتمائهم وأصولهم إلى المغرب على غرار حكيم زياش، وبعد مسيرة استثنائية في تصفيات كأس العالم نجح المنتخب الوطني في التأهل عن جدارة واستحقاق.

سيطرة المنتخب المحلي على القارة السمراء

من أبرز إنجازات لقجع على رأس الجامعة المغربية هو إعادة الهيبة للكرة المحلية، والتركيز على التكوين وصقل المواهب المغربية ومنحهم كل المؤهلات والإمكانيات لذلك، وبعد عامين من توليه الرئاسة بدأ بقطف ثماره الاستراتيجية التي اعتمد عليها، حيث فاز المنتخب الوطني بكأس إفريقيا للاعبين المحلييين 2018 في رواندا، بعدما سحق المنتخب النيجيري في النهائي برباعية نظيفة، ثم عاد بعد عامين ليحتفظ بلقبه ويكرر الإنجاز في 2021 بالفوز على غانا في المشهد الختامي، وأصبح المنتخب الوطني المحلي الأفضل في القارة السمراء وهذا يعود إلى التخطيط والعمل لكبير للجامعة من أجل إمداد المنتخب الأول بأفضل اللاعبين والمضي قدما للاعتماد أكثر على المواهب واللاعبين المحليين مستقبلا.

بخطى ثابتة نحو الاحتراف

في عهد لقجع أصبحت المغرب أول بلد في إفريقيا تستخدم تقنية “الفار” في البطولة الإحترافية بدرجتيها الأولى والثانية، وهي البطولة الوحيدة في أفريقيا التي توفر حاليا هذه التقنية للدرجة الثانية، وهذا ما جعل لقجع شخصية ملهمة لعدد من القيادات الكروية في القارة الأفريقية بالنظر، لما يقدمه للكرة المغربية والإفريقية، وخلال فترته تمكن الوداد البيضاوي من تحقيق لقب دوري أبطال إفريقيا، وحقق الرجاء البيضاوي كأس الاتحاد الإفريقي، وأيضا فريق القلب بالنسبة له، نهضة أبركان الذي ظفر بلقب كأس “الكاف” 2020 عن جدارة واستحقاق ليصل إلى قمة القارة السمراء بعد رسم له لقجع الطريق نحو الاحتراف والقمة.

لقجع ركيزة أساسية في “الكاف”

انتخب لقجع عضوا في بالمكتب التنفيذي للاتحاد الإفريقي لكرة القدم، بعد حصوله على 41 صوتا، حيث عمل كثيرا على تعزيز العلاقات بين الجامعة والعديد من الاتحادات الكروية في القارة الأفريقية، بتوقيع اتفاقيات شراكة شملت عدداً من مجالات التعاون لتطوير كرة القدم، وتبادل التجارب للنهوض بالتحكيم، وتكوين الأطر التقنية والإدارية لبناء أسس متينة لكرة القدم التنافسية، وتسخير البنيات التحتية التي يتوفر عليها المغرب من أجل استقبال المنتخبات الأفريقية، وتنظيم مباريات ودية بين مختلف فئات المنتخبات، كما امتلكت المغرب دورا أكبر في الاتحاد الإفريقي لكرة القدم، بفضل عمل لقجع المستمر، وسياسته الرياضية الطموحة، وجهوده التي حسنت إلى حد ما الظروف الاقتصادية للأندية المغربية، كما شغل منصب رئيس لجنة المالية بـ”الكاف”، ونائب رئيس لجنة الأندية بالكونفدرالية الإفريقية لكرة القدم، فضلا عن عضويته بلجنة الحكامة بالاتحاد الدولي لكرة القدم.

الوصول إلى “الفيفا” عن جدارة واستحقاق

وبعد مسيرة حافلة وانجازات كبيرة وعمل استثنائي، تم انتخاب لقجع أخيرا عضوا بمجلس الاتحاد الدولي لكرة القدم “فيفا”، ممثلا عن قارة إفريقيا، وذلك خلال انتخابات الجمعية العمومية للكونفدرالية الإفريقية، حيث جاءت تزكية لقجع لعضوية مجلس “الفيفا”، بعدما أعلن كل من خير الدين الزطشي، من الجزائر، وغوستافو إيدو، من غينيا الاستوائية، انسحابهما من خوض الانتخابات، ليظفر لقجع بالمنصب الذي يعتبر المستوى التالي من التحديات ومنبرا مناسبا لفتح أبواب واسعة للكرة المغربية من أجل الارتقاء أكثر، إضافة إلى أن هذه التجربة ستعود بالفائدة لسنوات عديدة، وطبعا فإن المسؤولية ستكون أكبر بالعمل في “الفيفا” و”الكاف” وأيضا قيادة الجامعة وتسيير الكرة في البلاد.

– عندما تنبأنا قبل سنتين باستقالة لقجع من نهضة بركان ….

قال ابن خلدون ” إذا دخل الفقيه إلى السياسة أفسدها وأفسدته ” وبما أن المناسبة شرط ، دعونا من باب تداعي النظائر ، نستخدم هاته الآلية التي تفكك فقه النوازل فنقول : ” إذا دخل السياسي إلى الرياضة أفسدها وأفسدته ” …ربما ليس دائما …خصوصا إذا تعلق الأمر بحالات بشرية لم تعدم رصيدها من الإبداع ومن النزاهة …وخصوصا هاته الأخيرة ، لأنه كما تقول العرب ” إذا امتلأت المعدة نامت الفكرة وخرست الحكمة ” ، لأن الحق لايتجزأ هو كالشمس في كبد النهار ، فالصادق يصل وإن تعثر …

ونحن نبحث عن المدخل العلمي المبني على أرض صلبة ، لمناقشة رجل شغل الناس ، يجب أن نتحلى بالقدر الكافي من المسؤولية والمصداقية وحسن الطوية … حتى نمنح للشخص حقه فيما فعل ، وننتقده بخلفية الناصح المتجرد من الميولات النزاواتية،،،فالأخ فوزي لقجع لم يستمرء في الفساد ، حتى تقودنا شعبويتنا إلى ظلمه وظلم نبل رسالتنا هاته ، هي مجرد ملاحظات تقتني من الماضي سلعته التي لاتفنى، وتناقش الحاضر بحذر شديد ، وتستشرف المستقبل عبر التسلح بالنوايا الحسنة .

لايمكن للعاقلين أن يسمحوا بتسلل أصوات النكوص البدائية ، بينهم ، فيعلو صوت ، من ينكر ثبوت هلال التميز من شرق المملكة ، في شخص الأخ فوزي لقجع ، كما أننا لن نرمي عليه الورود حتى لاتغتصبه مقولة سيدنا علي كرم الله وجهه ” المغفل يصطاد بالمدح ” .

لقد كان السيد فوزي لقجع ، طيلة توليه رئاسة الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم ، في بيت النار ، خصوصا في العشرين يوم الماضية ، حيث تفجرت في وجهه جميع الطابوهات ، التي تتطلب قدرا كبيرا من الحكمة ، لتجاوزها، وحتى لانمرق من ضرورة الاحتكام إلى السياق ، لابد أن نركع أمام حقائق ، لايقفز عليها إلا جاهل أخذته العزة بجهله، أو بجاحد انتصر للكليشيهات على حساب قناعاته .

ولذلك نقول أن فوزي لقجع ، عانى من الأول ، من حاجز طغيان المركز ، وإقبار الهامش ، فلم يتقبل النافذون في تدبير الفضاءات العمومية ، أن يجعلهم القدر ، أمام رجل ينتمي إلى المغرب العميق ، وإلى جهة نالت مانالت من الإقصاء ، فما بالك إذا كان من مدينة صغيرة الحجم، كبيرة بأبنائها وتاريخها كبركان.

لم يتقبلوه في البداية مديرا لميزانية المغرب ، وزاد استغرابهم عندما أصبح الرجل رئيسا للجامعة الملكية المغربية لكرة القدم ، نظرا للوضع الاعتباري للمؤسسة في الحياة العامة للمغاربة ، ومازاد من أسئلتهم المغلفة، بهاجس فشل الرجل لامحالة ، قيادتهم له كما تقاد الجلحاء إلى القرناء …فما أحلم الله بالظالمين … لكن الرجل أكد مقولة ماركس الخالدة ” إنما يأتي الإبداع من الهامش ” فقد أبان الرجل عن كاريزما طاغية …وإحساس محترم بالمسؤولية …وانطلق بجملة من المرادفات لمفهوم النجاح ، حكمة ، رزانة، لسان مفوه، عقل استراتيجي ، إبداع ، طموح غير محدود …فحقق ماعجز عنه الأولون ، حيث ارتفع منسوب الاحتراف في الكرة المغربية ، من ناحية التجهيزات واللوجستيك، والموارد البشرية ، وبمنظومة قوية ، وبحكامة طرحت على الفاعلين رباعياتها المقدسة :
– اعمال القانون
– تثمين الموارد البشرية
– الشفافية
– ربط المسؤولية بالمحاسبة

فلم يخفى على الجميع أن الرجل تمكن في لحظة فارقة من تكثيف أمال الإصلاح ، عبر الطفرة النوعية في تقوية جل الملاعب المغربية ، وبأفق يسعى لتعميم النفع على المركز كما على مدن المغرب العميق ، وتحسنت الوضعية القانونية والمادية للاعب والاطار المغربي، كما لم يغفل عن البعد الإستراتيجي في كرة القدم ، بتمثين الجبهة الداخلية للكرة المغربية ، عبر تمنيع الذات المغربية بالاشتغال على التكوين الذي يقترب إلى النفس الطويل ، ويستعيذ بالله من هشاشة الصبر .

فكانت النتيجة بلجاء، واضحة ، حيث تحسنت نتائج المنتخبات المغربية ، والأندية المغربية ، لكن يبقى الإنجاز الذي أصفق له وانا اكتب ، الإختراق الخرافي لفوزي القجع، لحصن الكاف ، وتهشيم أضلع كل الأصنام التي تجبرت على الأفارقة وعلى حلم المغاربة بفارس يحمي لهم حقوقهم وينافح عنها ، فحدث ذلك من خلال نيابته لرئيس الكاف، بل الأكثر من ذلك أصبحت شخصية فوزي لقجع المسكونة بالرأس المال الطموح، وبالغريزة الاقتصادية التي تستكين، الرجل الأول في الكرة الإفريقية، نظرا لضعف حيلة أحمد مدغشقر … وهاته ليست مشكلة لقجع الذي تعامل مع هذا المعطى بمقولة … ماذنب الرياح اذا كان صديقك من ورق ؟؟؟

فوزي لقجع الإطار الذي يمكن أن يخدم بلاده من عدة مضلات، منها وزارة الإقتصاد والمالية ، أو وزارة الشباب والرياضة ، اختار أن يتفرغ لخدمة الكرة المغربية ، باعتبارها رافد من روافد التنمية ، وسلاح فتاك في معارك الدبلوماسية …

إلى هنا يبدو كل شيء جيد ، لكن بإمكان كل هذا الرصيد المحترم لرجل محترم أن يتهاوى ، في لحظة واحدة ، إذا تشبث لقجع بشيئين ، رئاسته لفريق نهضة بركان ، وعضويته في حزب التجمع الوطني للأحرار …كيف ذلك … إن من إيجابيات ماوقع في لقاء المولودية الوجدية ونهضة بركان ، وما تلاها من أحداث شغب استنكرتها الأنفاس العاقلة في المدينتين، وما حدث في مقابلة نهضة بركان والرجاء ، أنه جعل الرجل بحكمته وجنوحه نحوى المصلحة العليا، يقف على يقينيات جعلته يطلق بعض المؤشرات التي يعنونها الندم المؤسس لقناعات ستتبلور في المستقبل .

انحنى الرجل للعاصفة ، وتم توقيف حكم مقابلة الرجاء وبركان لسنة نافذة من طرف الكاف ، وتبعه إزالة الويكلو لجميع الفرق المغربية ، ومن بينها المولودية الوجدية ، مما نفس من احتقان الشارع المغربي ، بدهاء قل نظيره ، لرجل لن نسمح بأن يضيع من بين أيدينا…

من حق لقجع أن يخدم مسقط رأسه ، ومن حق قبائل بني زناسن أن تستفيد من ابنها البار … لكننا دعونا نقول في هذا المقام … أن مدينة بركان ليست عاقرة ونجاح فريقها لن يتوقف على لقجع … لأن الكرة المغربية تضررت برئاسته للفريق ، فالرجل ضحى أكثر مما استفاد من فترة رئاسته للفريق ، فبعدما وضعه في السكة الصحيحة كفريق مهيكل وتنافسي وقوي، سيبقى الفريق كذلك ، لكن أطلقوا سراح الرجل حتى يكون رئيسا لكل الأندية المغربية ، وبأبا روحيا لجميع الجماهير المغربية ، وبذلك سيفلت الرجل من التعقب والترصد ، وسيفوت الفرصة فيمن يمعنون في إرادة الإغتيال الرمزي لابن المنطقة الشرقية …

وحتى نعضض من أطروحتنا نضع القارئ في الصورة عبر ما يلي :

– بقاء الرجل على رأس فريق نهضة بركان يشوش على صورته كرئيس للجامعة وكقيادي في الكاف كيف ذلك :

– كل نتائج نهضة بركان المحلية والقارية ستكون مشبوهة خصوصا في الحالات التحكيمية ولو كانت غير مقصودة
– تودد الحكام المغاربة والآفارقة لخطب ود لقجع عبر محاباة نهضة بركان ، وقد تجلى ذلك جليا في مقابلة الرجاء ونهضة بركان في كأس الكاف .
– تهافت المستشهرين على فريق نهضة بركان للتقرب من رئيس الجامعة ، ومدير الميزانية بوزارة المالية ، بشكل يضر التنافس الشريف في هذا الجانب .

ولهذا لاحظ الجميع الموقف المحرج الذي وقعت فيه مصلحة كرة القدم المغربية ، عندما تصادم فريقين مغربيين في منافسة قارية ، فعلى التو استقال رئيس لجنة العلاقات الخارجية محمد الصويري من الجامعة احتجاجا على لقجع ، وانقلب الشارع المغربي على الرجل مما أفرز ذلك التساؤل المخيف الذي كنا نخشاه جميعا ، حيث أن كل المتربصين بالمصلحة العليا لكرة القدم المغربية على الصعيد الأفريقي ، وكل النوايا السيئة التي تسارع الزمن للإطاحة بالرجل خلصت إلى مايلي :

– كل ألسنة الأفارقة توحدت وقالت بصوت عالي ومزعج : اذا كان المغاربة لايثقون في الرجل كيف نثق فيه نحن .

والنتيجة واحدة : سنخسر مصلحة الكرة المغربية على الصعيد الإفريقي في حالة اتساخ مصداقية فوزي لقجع ، مع إمكانية الإطاحة به وهذا ما سيجعلنا نخسر رياضيا وسياسيا على الواجهة السمراء ، فالمغرب مطالب بالتواجد في كل مطابخ القرار الأفريقية .

ودعونا نتسائل من السبب في تفجير كل هاته الموبقات : نجيب وبدون تردد رئاسة السيد فوزي لقجع لفريق النهضة البركانية المحترم .

سيدي المحترم العقلانية تخيرك بين استمرارك في رئاسة نهضة بركان أو خدمة الكرة المغربية .

ثم أنك مطالب بالانسحاب من حزب التجمع الوطني للأحرار ، فحزبك هو الوطن، فإذا اقترنت إسمك ببركان والأحرار ضاع مجدنا ومجدك.

وفي ابانه وحتى في حالة عدم توفيقك وطنيا وأفريقيا يبقى حسبك هاته المقولة التي تهزم اللذات للمجاهد الحكيم سيدي محند ابن عبد الكريم الخطابي ” ليس هناك نجاح أو فشل، انتصار او هزيمة، بل شيء اسمه الواجب , وأنت قمت به قدر استطاعتك ”

سعيد سونا – باحث في الفكر المعاصر

تابعوا آخر الأخبار من هبة بريس على Google News تابعوا آخر الأخبار من هبة بريس على WhatsApp

مقالات ذات صلة

‫4 تعليقات

  1. هذا كلو تبجيل وتهليل للقجع هنيئا لك بموضعيتك ورضا السيد عليك، وياحسرتاه على المسمى باحث في الفكر …

  2. بالفعل تحليلك منطقي نتمنى بالفعل أن يكرس مجهوده على تدبير هذه الرياضة من خلال الجامعة خصوصا بعد الإنجاز التاريخي و المشاركة المشرفة للمنتخب الوطني بمونديال قطر و أن يقوم بكل ما هو ضروري لتصفية و تطهير هذا الجهاز من كل الشواءب و البروفيلات التي لا تحمل أدنى صلة بالرياضة و بأخلاق الرياضة بل أساءت و شوهت و حطمت بكل سلوك بءيس كل ذلك الشعور الجماعي الجميل الذي عاشه الشعب المغربي و شاركه فيه عاهل البلاد حفظه الله.
    لذلك على السيد لقجع العناية أكثر بهذا الجهاز و تنقيته و التفرغ له بشكل حيادي لتطوير هذه الرياضة ماديا و معنويا فلن يزيده ذلك إلا احتراما و تقديرا من طرف الجماهير المغربية

  3. أوفيت في التحليل،فعلا لو كان كل مسؤولينا مثل الأخ لقجع لتطور المغرب كثيرا وامحت الفوارق الاجتماعية.فهل يستفيد من توكل لهم المهام على اختلافها لخدمة الوطن دون سرقة ودون مناورات.السيدان لقجع والركراكي مغربيان يستحقان ثقة جلالة الملك.فهل يتحلى مسؤولينا بالحس الوطني للنهضة بالبلد.

  4. Iwa allah ye3fo 3lik : koura menfoukha o derti menha mawdou3 9awmi b7al ila safi el meghrib t9ad f koulchi o hadi a khir 7aja bach kemelna o wsselna el « LA PERFECTION « 

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق