الداكي يؤكد على دور الرقمنة للرفع من نجاعة تصريف العدالة بالمحاكم

أشاد الوكيل العام للملك لدى محكمة النقض ورئيس مؤسسة النيابة العامة، مولاي لحسن الداكي، بنجاح تجربة “المحاكمة عبر تقنية التناظر المرئي” من خلال ما حققته من نتائج إيجابية هامّة تتعلق بحسن تدبير وتصريف قضايا المعتقلين، معتبرا أنه بفضل هذه القضية استمرت المحاكم في عقد جلساتها للبت في قضايا المعتقلين بما يضمن التوازن بين المحافظة على الحق في الصحة العامة خلال هذه الظرفية الصعبة، والحق في استفادة المتهم المعتقل من محاكمة تواجهية علنية، طبقاً للمعايير الكونية المعتمدة كضمانات للمحاكمة العادلة.

وأضاف الداكي في كلمته بمناسبة افتتاح ندوة “الأساس التشريعي لرقمنة الإجراءات القضائية”، المنظمة بطنجة يومي 17 و18 يناير 2022، أن من مزايا هذه التجربة كذلك ترشيد نفقات نقل المعتقلين إلى المحاكم، وحسن تدبير الموارد البشرية المتدخلة في عمليات النقل، بعدما كان العمل المعتاد يستلزم تعبئة عدد كبير من موظفي المندوبية العامة لإدارة السجون وإعادة الإدماج وعناصر القوة العمومية المكلفين بالخفر. فهي إذاً مؤشرات دالّة على النجاح المهم الذي تحققه الاستعانة بتقنيات الاتصال الحديثة في تدبير المساطر والإجراءات القضائية.

واعتبر رئيس النيابة العامة أن إرساء مقومات عدالة رقمية، بما يضمن تقوية البنية التحية للأنظمة المعلوماتية للمحاكم، ويوفر برامج آمنة متعلقة بإدارة المساطر والإجراءات القضائية، ويرفع من نجاعة الأداء القضائي بالمحاكم، هو أحد ركائز الإصلاح الشامل والعميق لمنظومة العدالة التي تؤكدها توصيات ميثاق إصلاح منظومة العدالة، وخلاصات تقرير لجنة النموذج التنموي، حيث أن رقمنة الإجراءات والمساطر القضائية تشكل حجر الزاوية لتحسين جودة خدمات العدالة وتعزيز النجاعة القضائية، وتقليص آجال المساطر وتبسيط إجراءاتها، وتسهيل ولوج المرتفقين إلى العدالة.

واسترسل الداكي قائلا: ” لا تقف أهمية الرقمنة عند هذا الحد، بل تتجاوز ما قيل لتساهم في تعزيز قيم النزاهة والشفافية، وتحسين مناخ المال والأعمال، خاصة وأنّ المعايير والمؤشرات العالمية المعتمدة تؤكد على أهمية التوفر على نظام رقمي لتدبير القضايا والشكايات والاطلاع على الأحكام القضائية في هذا المجال كمدخل لتسريع وتيرة الاستثمارات”.

واستحضر رئيس النيابة العامة بالمناسبة ذاتها، مضمون الرسالة الملكية الموجهة للمشاركين في الدورة الثانية لمؤتمر مراكش الدولي للعدالة المؤرخة في 12 أكتوبر 2019. وما تضمنته من توجيهات و ذرر غالية حيث جاء فيها: “ندعو لاستثمار ما توفره الوسائل التكنولوجية الحديثة من إمكانيات لنشر المعلومة القانونية والقضائية، وتبني خيار تعزيز وتعميم لا مادية الإجراءات والمساطر القانونية والقضائية، والتقاضي عن بعد، باعتبارها وسائل فعّالة تسهم في تحقيق السرعة والنجاعة …مع الحرص على تقعيدها قانونيا، وانخراط كل مكونات منظومة العدالة في ورش التحول الرقمي”.

وشدد المتحدث على أن عملية الرقمنة مدخل أساسي للرفع من نجاعة تصريف العدالة بالمحاكم والرفع من نجاعتها، وأنها أصبحت مطلبا ملحا ومستعجلا فإن الحاجة أصبحت أيضا ملحة لإعادة النظر في الجانب التشريعي من خلال إيجاد إطار قانوني يسمح باعتماد الإدارة الإلكترونية في الإجراءات القضائية أمام المحاكم وبما يضفي على الوثائق الإلكترونية الحجية القانونية، لافتا إلى أن طبيعة المهام التي تضطلع بها المحاكم، وارتباطها الوثيق بحقوق وحريات المواطنات والمواطنين، تقتضي إيجاد إطار قانوني قادر على استيعاب مختلف الإجراءات والمساطر بما يؤدي إلى تعزيز التدبير اللامادي للإجراءات القضائية في مختلف محاكم المملكة، وتقوية آليات العدالة من خلال رقمنة المساطر وتبسيط إجراءاتها بما يؤدي إلى تيسير الولوج للعدالة والاستفادة من خدماتها بأيسر الطرق داخل آجال جد معقولة ووفق مساطر وإجراءات موحدة.

واعتبر مولاي لحسن الداكي في ختام كلمته أن انعقاد هذه الندوة يشكل مناسبة للنقاش وتبادل الرؤى والأفكار حول الأساس التشريعي لرقمنة الإجراءات القضائية، كما أن الشخصيات المشاركة في هذه الندوة من مسؤولين وأطر متمرسة بما لها من تجربة، قادرة على إنتاج أفكار قانونية للتفاعل مع الموضوع، وإيجاد أجوبة على مختلف التساؤلات ذات الصلة به، ودون أدنى شك فإن الاطلاع على بعض التجارب الدولية المقارنة خلال أيام هذه الندوة سيكون قيمة مضافة سيغنيها السادة الخبراء الذين سيشاركون عن بعد بمداخلاتهم واستعراض تجارب بلدانهم، وستكون فرصة للاستئناس بكل هذه التجارب المختلفة والغنية في ما يتعلق بموضوع هذه الندوة حسب الداكي.

مقالات ذات صلة

تعليق واحد

  1. جميل جدا. ونتمنى التسريع و التعجيل فتكوين ملف رد الاعتبار القضائي اللذي يطول الامد فتكوين ملفه والنضر فيه.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى