سقوط آخر ورقة توت الربيع العربي
كما كان متوقعا، مُني حزب العدالة والتنمية المغربي بهزيمة قاسية، أربكت حسابات قياداته، بيد أن سقوط الحزب الحاكم في الانتخابات التشريعية اليوم، هو سقوط لآخر ورقة التوت التي طالما ظلت تتغنى بها رياح الربيع العربي التي أتت بالحكومات الاسلامية، راسمة حينها خارطة طريق سياسية استطاعت أن تنال حصتها من الكعكة السياسية على ظهر الأحداث المتسارعة التي خيمت على المشهد السياسي سواء اقليميا أو دوليا.
النموذج المغربي الذي تفاعل مع رياح الربيع العربي منذ اندلاعه، برؤية مغايرة كالتي عرفتها دول العالم العربي، إذ تقلد الحزب الحاكم ذو المرجعية الاسلامية مقاليد تدبير القطاع الحكومي لولايتين متتاليتين، بقرارات وصفت بالمرتجلة لامست الطبقة المتوسطة وتأثيرها على القدرة الشرائية.
في الوقت الميت من عمر الحكومة المنتهية ولايتها، خرج رئيسها سعد الدين العثماني حينها بأن سيناريوهات التحالفات في حالة الفوز في الانتخابات التشريعية لسنة 2021، قد تطال حزب الأصالة والمعاصرة وهو الذي كان يوصف بالخطوط الحمراء في زمن عهدة بنكيران.
لكن مُعطى اليوم الذي جاء عقب الاعلان عن نتائج الانتخابات التشريعية الحالية التي أطاحت بالحزب الحاكم ممثلا في حزب المصباح، هو آخر ورقة للتوت ترمي بها رياح الصناديق ديمقراطيا، بعد عشية وضحاها سيجد الحزب الحاكم نفسه لاعبا في معترك المعارضة، والأمر الطبيعي أيضا أن يكون حزب الأصالة والمعاصرة بجانبه أيضا للعب الدور ذاته…الرأي ذاته ذهب إليه المحلل السياسي عمر الشرقاوي الذي كتب في تدوينة فايسبوكية “إن البام يجب أن يتحالف وصديقه البيجيدي الذي لطالما بادله رسائل الغزل والود، وثانيا، لكي يبتعد عن الحزب الذي اتهمه ب”الفساد” الانتخابي والذي للقضاء وحده الكلمة الفصل في اثباته أو نفيه، البام مكانه بعد ظهور النتائج هو المعارضة لأنه هو القادر في ظل انهيار البيجيدي على قيادة معارضة قوية وعدم ترك هذه الوظيفة للفراغ والمجهول والعدمية”.
وختم تدوينته بالقول: ” عاوتني نلقاو وهبي تيسلم على اخنوش ويقولوا له نحن شركاء في التحالف”.
سقوط أوراق أشجار توت الربيع العربي اتباعا، كل بطريقتها الخاصة…إذ سقطت في مصر وسقط معها نظام الاخوان المسلمين، وقُدم رموزه للمحاكمة… وسقطت أوراق التوت بتونس، وسقط معها مشروع النهضة، وتعهد رئيس الدولة بعدها “قيس سعيد” بفتح التحقيقات وتقديم المتورطين للمحاكمة العادلة….سقطت آخر ورقة للتوت بالمغرب، وسقطت معها حكومة العدالة والتنمية، لكن بأسلوب مغاير، وهذه المرة عبر صناديق الاقتراع ديمقراطيا…
أُغلقت صناديق الاقتراع، وطُويت معها صفحة البيجيدي، ودخلها معها الحزب في شبه صراع داخلي ينذر بأزمة داخلية الله وحده يعلم مصيرها….كل واحد منهم يعلق فشله على الآخر، وفي الجهة الأخرى، جلس الناجحون الفائزون المتربعون على سلم الترتيب ينتشون فرحة الفوز وعيونهم على مقاعد المسؤولية ونسج خيوط التحالفات السياسية المقبلة لتشكيل حكومة جديدة… حكومة لا محالة ستحظى بثقة البرلمان الذي حينها سيكون مشكلا من ممثلين عن حزب المصباح للعب دور المعارضة…لكن ماذا سيعارضون، وهم الذين كانوا بالأمس كصناع للقرار السياسي والسياسات العمومية التي كانت سببا مباشرا في اسقاطهم.