التجربة المغربية في العدالة أمام الفاتيكان

عبد اللطيف الباز / هبة بريس

شارك المغرب، بالفاتيكان، في الدورة الثالثة عشرة للمؤتمر الدولي لوزراء العدل، الذي ينظم بمبادرة من “جماعة سانت إيجيديو” تحت موضوع عقوبة الإعدام.

وفي كلمة له المناسبة، استعرض وزير العدل، عبد اللطيف وهبي، مختلف إنجازات المملكة في مجال العدالة، مؤكدا أن عقوبة الإعدام، التي لا زالت موضوع نقاش مجتمعي كبير، تعتبر من بين أهم الأوراش التي انصب عليها إصلاح العدالة الجنائية، وهو مشروع مفتوح منذ عدة سنوات يروم الامتثال لأحكام الاتفاقيات الدولية المصادق عليها.

وأضاف الوزير، خلال هذه التظاهرة التي عرفت مشاركة سفير المملكة لدى الكرسي الرسولي، رجاء ناجي مكاوي، أن هذا الورش يتماشى كذلك مع مخرجات الحوار الوطني العميق والشامل حول إصلاح منظومة العدالة والتوصيات الصادرة عن هيئة الإنصاف والمصالحة وما أسفرت عنه الممارسة العملية من ملاحظات وإشكالات.

وأشار وهبي إلى أن توجه السياسة الجنائية المغربية يعكس التفاعل الإيجابي للمملكة مع القرار الأممي عدد 77/2002 المعتمد من طرف “لجنة حقوق الإنسان” في شهر أبريل 2002، الخاص بعقوبة الإعدام، الذي دعا جميع الدول التي ما زالت تطبق عقوبة الإعدام إلى الحد، بشكل مطرد، من عدد الجرائم التي يجوز فيها فرض عقوبة الإعدام، ووقف تنفيذ أحكام الإعدام القائمة، تمهيدا لإلغاء عقوبة الإعدام بشكل كامل، وتوفير معلومات للجمهور عن تطبيقها.

وأضاف أن الضمانات التي يوفرها القانون المغربي توافق كافة الضمانات التي اعتمدها المجلس الاقتصادي والاجتماعي بقراره 50/1984 بتاريخ 25 ماي 1984، فضلا على أن القضاء المغربي يتعامل مع عقوبة الإعدام بكثير من التريث والاتزان، إذ يقل المعدل السنوي للأحكام الصادرة بالإعدام عن عشرة كل سنة.

وفي هذا السياق، أشار إلى أن الأحكام صدرت جميعها من أجل جرائم على درجة كبيرة من الخطورة في حالات معدودة، ويبلغ عدد الأشخاص المحكوم عليهم بعقوبة الإعدام إلى حدود اليوم 83 شخصا، 81 ذكورا و02 إناث.

ووفقا للوزير، فإن العفو الملكي يلعب دورا هاما في إعادة التوازن للسياسة العقابية، وتقليص عدد المحكوم عليهم بالإعدام من خلال تحويل العديد من الحالات إلى السجن المؤبد أو محدد المدة، إذ بلغت الحالات المذكورة منذ سنة 2000 الى حدود اليوم ما مجموعه 156 حالة.

وأكد أن وزارة العدل “تحرص على التنصيص أثناء إبرام أو تعديل الاتفاقيات الثنائية في المادة الجنائية، على استبدال عقوبة الإعدام بالعقوبة الأشد المقررة للفعل ذاته، وتقدم ضمانات بعدم تنفيذها في إطار آليات التعاون القضائي الدولي”.

وفي هذا الصدد، وفي انتظار ما سيسفر عنه النقاش العمومي الدائر حول عقوبة الإعدام بين مؤيد ورافض لها، توجهت السياسة الجنائية المغربية نحو اتخاذ مجموعة من التدابير في إطار الحد التدريجي منها وفق مقاربة تشدد في حالة الحكم بها، وفقا لوهبي، الذي أضاف أن ذلك يتم من خلال اقتراح تخفيض عدد المواد التي تعاقب بالإعدام إلى أبعد حد ممكن، لا يتجاوز حالتين أو ثلاث حالات تتعلق بجرائم على درجة كبيرة من الخطورة من أصل 36 حالة واردة في القانون الجنائي الحالي.

من جهة أخرى، توقف المسؤول ذاته عند مشروع تعديل قانون المسطرة الجنائية، الذي يروم إحداث آلية فعالة للحد من النطق بعقوبة الإعدام، وذلك باشتراط إجماع الهيئة المصدرة للحكم للنطق بعقوبة الإعدام، مع تحرير محضر للمداولة يشار فيه إلى إجماع القضاة ويوقع من طرف جميع أعضاء الهيئة.

كما استعرض ضوابط لتقييد تنفيذ عقوبة الإعدام، من أهمها ترك صلاحية الأمر بتنفيذها لوزير العدل استثناء من القواعد العامة التي تسند تنفيذ العقوبات إلى النيابة العامة.

يذكر أن “جماعة سانت إيجيديو” تهدف، من خلال هذه اللقاءات المنتظمة حول عقوبة الإعدام، إلى إنشاء منصة للحوار والتبادل حول هذه القضية بين مختلف الوزراء والفاعلين في مجال العدالة في المنطقة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى