ورش التحكيم بالمغرب.. جهود حثيثة للرقي بالمنظومة والتشبيب رهان المرحلة

تسعى أجهزة التحكيم التابعة للجامعة الملكية المغربية لكرة القدم، سواءا اللجنة المركزية التي يوجد على رأسها جمال الكعواشي و كذلك المديرية الوطنية التي يديرها يحي حادقا، لتطوير منظومة التحكيم باعتبارها من بين محددات نجاح البطولات الوطنية بمختلف أقسامها.

ورش التحكيم و الذي راهن عليه فوزي لقجع رئيس جامعة الكرة في استراتيجيته للرقي بكرة القدم الوطنية، و الذي يصرف عليه الجهاز الكروي مبالغ مالية مهمة، شهد في السنوات الأخيرة تغيرا جذريا سواءا من الناحية الهيكلية و كذلك التدبيرية.

و راهنت اللجنة المركزية و المديرية الوطنية للتحكيم على دمج عناصر شابة و منحها الفرصة لإبراز مؤهلاتها من خلال تعيين عدد من الأسماء الشابة في مقابلات حساسة و مهمة، فضلا على الاستمرار في التعويل على كفاءة العناصر المجربة و المخضرمة و هو المزيج الذي جعل مستوى التحكيم في المغرب يرقى درجات للأعلى.

و تبذل أجهزة التحكيم بالمغرب مجهودات جبارة لتنزيل ورش احتراف الحكام، هذا البرنامج الذي يبقى من بين الأهداف المهمة التي تستثمر فيه الجامعة والذي سيجعل المغرب الدولة الأولى قاريا التي ستقوم بتنزل هذا الورش و هو النهج ذاته الذي تسارع أجهزة التحكيم بالكاف لتطبيقه على المستوى القاري لحكام النخبة.

و من بين أهم العناصر المرجعية لإعداد مشروع احتراف الحكام وفق مخططات الجامعة، تحديد مفهوم الاحتراف عبر تشخيص الوضعية و استحضار مؤشرات الملائمة و الإكراهات المحتملة، و تحديد الأهداف المتوخاة من احتراف الحكام و أي نوع من الاحتراف يناسب خصوصيات التحكيم الوطني سواءا الجزئي أو تفرغ كلي.

و فضلا عن ذلك، يروم المشروع تحديد الاعتبارات التي يجب استحضارها بهذا الخصوص و منها مراعاة علاقة الاحتراف بالقوانين السائدة في الوطن، و استحضار الضمانات المادية والاجتماعية الموازية و مراعاة خصوصيات الحكام خلال عملية الانتقاء من خلال الدرجة و السن و اللغات و المهنة و الوضعية العائلية و غيرها.

و يتوقع أن تشرع أجهزة التحكيم في تنزيل مشروع احتراف الحكام في المرحلة الأولى بشكل جزئي، حيث تعكف اللجنة المركزية و المديرية الوطنية على دراسة إمكانية اختبار التجربة بعينة من الحكام والعمل على تطويرها حسب النتائج.

أما في شق التكوين و التطوير، فتقوم الأجهزة الوصية بعمل كبير باعتبار التكوين السمة الأبرز لتطوير القطاع، حيث تعمل على توسيع قاعدة الممارسة، من خلال اعتماد مخطط استراتيجي للتحسيس و الاستقطاب و تأمين ملائمة التكوين و التأطير لخصوصيات و حاجيات الفئات المستهدفة عبر التكوين القاعدي و المستمر و المعمق و الارتقاء بالمهارات و التقنيات.

هذا الأمر تطلب من أجهزة التحكيم تنظيم عشرات التربصات و التداريب لفائدة الحكام باختلاف درجاتهم، على المستوى الوطني و الجهوي، فضلا على تفعيل أدوار المكونين الجهويين و المعدين البدنيين للحكام على مستوى العصب و تتبع منتظم لأعمال المديريات الجهوية للتحكيم على مستوى التكوين و التأطير و توحيد مناهج و مضامين و تقنيات التكوين القاعدي على المستوى الوطني.

كما قام مسؤولو التحكيم بالارتقاء بأدوار مدارس تكوين الحكام على مستوى التدبير الإداري و التقني، و تنظيم ملتقيات و تداريب، للتكوين و استكمال التكوين، لفائدة المكونين و المقيمين القدامى و الجدد، فضلا على تطوير التحكيم النسوي و تحكيم كرة القدم المتنوعة، و تفعيل التخصص في هذه المجالات.

هذا المعطى ساهم فيه خلال فترة الجائحة اعتماد دروس عن بعد لفائدة اللجان والمديريات الجهوية للتحكيم، اعتمادا على الملاحظات التقنية المرصودة، المرتبطة بقوانين اللعب، أو بتوصيات و توجيهات اللجنة المركزية والمديرية الوطنية للتحكيم.

كما تم الانفتاح على تجارب بعض الدول في مجال التكوين، في إطار تبادل الخبرات و إحداث خلية للمرئيات و الأشرطة، هيأت له اللجنة المركزية و المديرية الوطنية للتحكيم كل ظروف الاشتغال على مستوى الموارد البشرية و التجهيزات الضرورية، من بين مهامها، معاينة أشرطة المباريات و استخلاص الاستنتاجات و استثمارها وطنيا و جهويا على مستوى التكوين و التأطير.

كما حرصت أجهزة التحكيم بالمغرب على دراسة مشروع “أكاديمية التحكيم” و التي تهدف للارتقاء بمختلف مشاريع التكوين و التأطير في مجال التحكيم، حيث تعتزم اللجنة المركزية و المديرية الوطنية للتحكيم، تحت إشراف الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم، إحداث “أكاديمية للتحكيم” تعنى بتأمين تكوين متكامل للحكام من حيث البناء المعرفي و البدني و التقني و المهاري.

و من أهم الأهداف المتوخاة من هاته الأكاديمية غير المسبوقة قاريا، التمكن من قوانين اللعب عبر تقنيات و منهجيات حديثة و احترام ضوابط و أخلاقيات ممارسة التحكيم و تنمية قدرات و مهارات الحكام في مجالات تدبير المباراة و الارتقاء بمهارات الحكام التقنية و البدنية و تطويرها، فضلا على تنمية قدرات الحكام في مجال التواصل و التعايش مع المحيط و إثراء الثقافة الرياضية لدى الحكام.

كما راهنت اللجنة المركزية و المديرية الوطنية للتحكيم على إنجاح مشروع تقنية المساعدة التحكيمية بالفيديو “الفار” التي اعتمدها المغرب كأول تجربة بالقارة الإفريقية و ذلك بإشراف مباشر لفوزي لقجع رئيس الجامعة.

مشروع “الفار” الذي رصدت له اعتمادات مهمة، حاولت من خلاله أجهزة التحكيم تنزيله في سرعة قياسية و مثالية عبر تكوين مجموعات من الحكام على دفعات باعتماد محاضرين معتمدين من الاتحاد الدولي، و كان لتجاوب الحكام مع توصيات التقنية الجديدة دور مهم في اعتمادها و نجاحها، ليصبح المغرب نموذجا في تنزيل التقنية مما مهد الطريق لدول افريقية أخرى للاقتداء بالتجربة المغربية.

و بالرغم من المعيقات التي تواجه عمل اللجنة المركزية و المديرية الوطنية للتحكيم خاصة فيما يتعلق بالموارد البشرية، غير أن العمل الكبير المبذول و التوجيهات المستمرة لرئيس الجامعة لمسؤولي التحكيم كانت الفارق في جعل التحكيم المغربي الأفضل قاريا بشهادة جل المتتبعين لكرة القدم الإفريقية.

نجاح ورش التحكيم بالمغرب يتطلب كذلك تظافر جهود باقي المتداخلين في اللعبة و في مقدمتهم الأندية بمسيريها و تقنييها و لاعبيها، باعتبار جميع مكونات أسرة كرة القدم المغربية تلعب أدوارا أساسية في تطوير المنظومة الكروية خاصة إذا كانت تسير بنفس السرعة و بنفس الاتجاه.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى