اللاجئون في إيطاليا ينتابهم القلق من الحكومة الجديدة

الحكومة الإيطالية الجديدة تهدد بإبعاد نصف مليون لاجئ، غير أنها لن تتمكن من تنفيذ سوى القليل مما وعدت به خلال حملتها الانتخابية، هذا ما تأمله إحدى منظمات الإغاثة غير الحكومية التي تساعد اللاجئين على تعلم الإيطالية.
” أحيانا نذهب مع المهاجرين بعد الدرس إلى حانة في الجوار. الناس على العموم داخل الحانة ضد المهاجرين، لكن ليس ضد الذين نأتي بهم إلى هنا”. هكذا تصف معلمة اللغة الإيطالية، كيارا برغاميني الأجواء السائدة بين الناس عندما يتم الحديث عن العدد المرتفع لطالبي اللجوء. “عندما يرون لأول مرة مهاجرا ويتحدثون إليه، في الغالب ما يكون الحكم مختلفا”، كما تقول كيارا برغاميني التي تقدم دروس الإيطالية أربع مرات في الأسبوع لمهاجرين من مختلف البلدان بتكليف من منظمة “إن ميكراتسيوني/ In Migrazione” للإغاثة بضاحية روما . الكثيرون منهم يقيمون في مخيم قريب حيث ينتظرون البت في طلبات اللجوء أو تمديد رخصة الإقامة.

وتقول المعلمة بأن الكثير من المهاجرين أميون ومصدومون. ” بعضهم مصاب بالكآبة ولا يفارق السرير أو يبقى طوال اليوم أمام الشاشة الصغيرة للهاتف النقال من أجل التواصل مع ذويه”.وتضيف كيارا برغاميني بأن بعض اللاجئين الذين قدموا لأسباب اقتصادية خاب أملهم بسبب وجودهم في إيطاليا بدون شغل. وبعضهم بالطبع يمارس أعمالا إجرامية وسرقات وأعمال عنف، لكن الغالبية شاكرة للجميل ومتواضعة.

” لا أعرف السيد سالفيني”

حمدون فوفانا لم يسمع بعد عن وزير الداخلية المرتقب ماتيو سالفيني الذي يريد إبعاد 500.000 مهاجر غير شرعي من إيطاليا. “لم يعاملني أحد هنا بسوء حتى الآن. وآمل أن يبقى الوضع هكذا”، يقول هذا الشاب الذي هرب في 2015 من مالي ويستفيد من وضع لاجئ قانوني.

تصريحات زعيم حزب “رابطة الشمال” سالفيني التي تفيد بأن جميع المهاجرين مجرمون بشكل أو بآخر ويجب التخلص منهم تقلق زيمونه أندريوتي الذي هو رئيس منظمة الإغاثة “إن ميكراتسيوني/ In Migrazione”. والهجمات ضد أناس بملامح أجنبية قد تزداد. في فبراير/ شباط أطلق إيطالي النار على مهاجرين سود بمدينة ماسيراتا، الأمر الذي أدى إلى خروج مظاهرات ضد العنصرية. وجودة المخيمات الخاصة بطالبي اللجوء جد متواضعة الآن وقد تتدهور النوعية.

ويشكو زيمونه أندريوتي من ان النظام الإيطالي ليس قائما اليوم على إدماج المهاجرين الذين يتم جمعهم في مخيمات كبيرة خارج المدن حيث لا يتوفرون على الاتصال مع السكان ولا يتعرفون على اللغة والعادات. لكن هذا النظام وضعته الحكومة الاشتراكية الديمقراطية. “وتحت قيادة سالفيني لن يتحسن هذا النظام”. “نحن نحاول التوضيح للمهاجرين بأن إيطاليا أكثر من مخيم يقيمون فيه. نحن نشجعهم على الاستيقاظ كل صباح وفعل أي شيء. لكن في الغالب ما يعملون بصفة غير قانونية، ويسقطون في أيدي عصابات إجرامية”، كما تقول المعلمة كيارا برغاميني.

” من سيأوي كل هؤلاء الناس؟”

ترحيل 500.000 شخص سيكون من الأشياء غير الممكنة. زيمونه أندريوتي وكيارا برغاميني متفقان بهذا الشأن. ” ليس بمقدور سالفيني فرض ذلك حتى ولو أراد”. أولا يتوجب على الدولة أن تكون قادرة على العثور على هؤلاء الناس وثانيا أن تجد بلدا يستقبلهم. هذا المطلب شعبوي وغير قابل للتنفيذ في الواقع. وجزء كبير من المهاجرين يقضي بعد عملية التسجيل في جنوب إيطاليا بعض الشهور في معسكر الإيواء الأول. ثم تنطلق الرحلة إلى مخيمات صغيرة أو دور إيواء في الشمال. لكن الكثير من المهاجرين لا يصلون إلى هذا الحد. “هم يختفون ويعلمون بصفة غير قانونية في حقول في الجنوب أو ينتقلون إلى فرنسا وألمانيا أو أماكن أخرى”، يقول زيمونه أندريوتي. فالقوانين المتبعة في الحقيقة داخل الاتحاد الأوروبي والتي تقضي بأن يعتني البلد الأول الذي يصله المهاجر بطالبي اللجوء لا تلقى التنفيذ. وبالتالي فإن الحكومة الجديدة في إيطاليا تكون محقة عندما تلاحظ بأن “قواعد دبلن” لا تعمل بهذا الخصوص.

وزير الداخلية الجديد سالفيني سيشدد على أن تستقبل دول أخرى في الاتحاد الأوروبي مهاجرين من إيطاليا. لكن الدول التي ترفض الاستجابة لذلك تحكمها بالتحديد تحالفات شعبوية قومية مثل بولندا والمجر وتشيكيا والنمسا. “والمقلق فعلا فيما يريده سالفيني هو أن الأمر لا يتعلق بحقائق، بل إنه يستخدم المهاجرين لإثارة المخاوف لدى الإيطاليين”، يقول زيمونه أندريوتي.

داخل فصل الدرس يلعب حمدون فوفانا وزملاؤه لعبة ورق للتعرف على الألوان والأرقام. فلغتهم الإيطالية ماتزال هشة. ويفضل حمدون تحدث الفرنسية مثل ما كان يفعل في وطنه مالي. ” لا لست قلقا بسبب السياسة التي لا أفهم شيئا فيها. وأعتقد أن كل شيء سيبقى كما هو عليه. وإذا كنت مجبرا على الرحيل، فأين سأذهب؟”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى