الجديدة :ضابط الشرطة المتهم ب”شهادة الزور” يتخلف عن جلسة محاكمته

أحمد مصباح – الجديدة

تخلف ضابط الشرطة القضائية (حسن ب.)، المتهم بجناية “شهادة الزور”، عن حضور جلسة محاكمته، صباح اليوم الثلاثاء، أمام قاعة الجلسات رقم: 2، بغرفة الجنايات الابتدائية بمحكمة الدرجة الثانية لدى قصر العدالة بالجديدة. حيث قررت الهيئة القضائية التي يرأسها المستشار (نورالدين الفايزي)، تأجيل البث فيها ومناقشة الملف الجنائي، إلى غاية الثلاثاء 13 نونبر 2018، من أجل إعادة استدعاء المتهم إما في محل سكناه، أو في مقر عمله بالمصلحة الإقليمية للشرطة القضائية بأمن الجديدة.

هذا، فإن وقائع النازلة تعود إلى سنة 2016. وكانت  المواطنة (أسماء كاديمي) ولجت ليلا إلى مقر أمن الجديدة،  ك”مشتكية”، وخرجت  منه، بعد  سلب حريتها مدة 48 ساعة، “مصفدة اليدين”، تجر تهمة من العيار الثقيل، نسبها إليها ضابط الشرطة (حسن ب.)، وهي جناية تمزيق وثيقة رسمية (محضر الضابطة القضائية)،  التي تصل عقوبتها حد 10 سنوات سجنا، طبقا للفصل 592 من القانون الجنائي.

وفي إطار التحقيق الإعدادي، استمع الأستاذ محمد الدويري، قاضي التحقيق الجنائي، إلى المتهمة (أسماء كاديمي)، في حالة سراح، بعد أن أدت كفالة بقيمة 3000 درهم، وكذلك، إلى المشتكي، ضابط الشرطة (حسن ب.). حيث أصدر، بعد اطلاعه على مستندات الملف الجنائي، وعلى ما دار في جلسات التحقيق،  أمرا بتاريخ: 14/02/2017، في ملف التحقيق عدد: 18/16، يقضي بعدم متابعة المتهمة، في ما يتعلق بتهمة تمزيق وثيقة رسمية.

ومما جاء في التحقيق الجنائي أن الثابت من جذاذات ونتف المحضر (محضر الضابطة القضائية)، المقدم على أنه هو الوثيقة التي تعرضت للتمزيق، أنه غير موقع من قبل ضابط الشرطة وغير مختوم بختم الإدارة، بل إنه لم يتم توقيعه من أي طرف، وبالتالي، ليست له صفة الرسمية، ولا صفة المحضر. إذ لازال ورقة عادية، ليست لها أية قيمة قانونية.

وجاء في حيثيات أمر قاضي التحقيق، أن محاضر الضابطة القضائية، هي أوراق رسمية، وأنها لا تحمل هذه الصفة إلا بعد أن تستوفي شروط الوثيقة الرسمية. أما قبل ذلك، فهي مجرد ورقة عادية. حيث إن الورقة الرسمية يجب أن يشهد الموظف العمومي بصدورها عن السلطة العامة، أي بتوقيعها من طرف الموظف المختص، وختمها بختم الإدارة.

واعتبر قاضي التحقيق في الحيثيات دائما، أن تمزيق هذه الورقة بهذا الشكل، كرد فعل من المتهمة على ما ورد فيها، يدخل في نطاق إهانة موظف عمومي، وليس في نطاق تمزيق وثيقة رسمية، لإتلافها وإعدام ما تضمنته من حقوق والتزامات. حيث يغيب في هذا الفعل القصد الجنائي، الذي من شأنه أن يحدث ضررا ماديا ومعنويا.

وهكذا، صرح قاضي التحقيق أن أفعال المتابعة تشكل كلها جنحة إهانة موظف عمومي، أثناء قيامه بمهامه، طبقا للفصل 263 من القانون الجنائي، ويتعين متابعتها من أجل ذلك، وإحالتها مع كل وثائق البحث والتحقيق، في حالة سراح، على المحكمة الابتدائية بالجديدة، لمحاكمتها طبقا للقانون.

وفي إطار التطورات التي عرفتها القضية،  فقد بثت غرفة الجنايات الاستئنافية في الملف الجنائي عدد: 224/17، بناء على الاستئناف المقدم من طرف النيابة العامة والمتهمة، حسب الصكين عدد: 353 و356، وبتاريخ: 28 و30/06/2017،  ضد القرار الجنائي الابتدائي رقم: 299، الصادر بتاريخ: 20/06/2017، في الملف رقم: 93/17.

وقد أصدرت غرفة الجنايات الاستئنافية قرارها عدد: 24/18، بتاريخ: 24/01/2018، والذي قضى بتأييد القرار المستأنف،  بعدم مؤاخذة المتهمة من أجل تمزيق وثيقة رسمية، وبراءتها من هذه الجناية، مع تعديل العقوبة المحكوم بها، شهرين حبسا نافذا، من أجل جنحة إهانة موظف عمومي، (بجعلها) موقوفة التنفيذ.

وبالمناسبة، صرحت المتهمة أمام غرفة الجنايات الاستئنافية، في الجلسة التي عقدتها بتاريخ: 24/01/2018، أن ضابط الشرطة القضائية (حسن ب.)، الذي كان مكلفا بالبحث القضائي في موضوع شكايتها المرجعية، استعمل في حقها، أثناء إجراء البحث التمهيدي، العنف، وأنكرت تمزيق المحضر (محضر المواجهة).

وقد تم وضع الضابط (حسن ب.)،  بالقاعة المعدة للشهود، قبل أن ينادى عليه للمثول أمام الهيئة القضائية بغرفة الجنايات الاستئنافية. ومما جاء في شهادته، بصفته شاهدا،  بعد أداء اليمين القانونية،  أنه “وقع المحضر”، الذي نسب تمزيقه إلى (أسماء كاديمي)،  وأنه “وثيقة رسمية”، يحمل توقيعه وختم الإدارة. وقد تبين في حينه للهيئة القضائية أن المحضر، موضوع المتابعة الجنائية، وفق الفصل 592 من القانون الجنائي، لا يحمل،  وعلى خلاف شهادة ضابط الشرطة (حسن ب.)، أي توقيع أو  ختم. ما يجعل منه “ورقة عادية”، وليس “وثيقة رسمية”.

وقد أكد دفاع المتهمة، الأستاذ الحسن عيشوش، في مرافعته أمام المحكمة، بعد عرض وقائع النازلة، أن المحضر الذي توبعت موكلته (أسماء كاديمي) بتمزيقه، غير موقع من طرف ضابط الشرطة الذي أنجزه (..). وهذا ما تبين لأعضاء الهيئة القضائية، وممثل النيابة العامة، بعد الاطلاع على المحضر الممزق، المضمن في الملف الجانئي، المعروض على أنظار غرفة الجنايات الاستئنافية، التي جاء في تعليلها للقرار الجنائي الاستئنافي، الذي أصدرته، أن محاضر الضابطة القضائية هي أوراق رسمية، وأنها لا تحمل هذه الصفة إلا بعد أن تستوفي  شروط الوثيقة الرسمية. أما قبل ذلك، فهي مجرد وثيقة عادية، وأن الورقة حتى تكون رسمية، يجب أن يشهد الموظف العمومي بصدورها عن السلطة العامة، أي بتوقيعها من طرف الموظف المختص، وختمها بختم الإدارة (..).

ودائما حسب تعليل غرفة الجنايات الاستئنافية، فإن الثابت من جذاذات ونتف المحضر المقدم على أنه الوثيقة التي تم تمزيقها، أنه (المحضر) غير موقع من قبل ضابط الشرطة، وغير مختوم  بختم الإدارة، بل أنه لم يتم توقيعه من أي طرف، وبالتالي، ليست له صفة الرسمية، ولا صفة المحضر. إذ لازال ورقة عادية، ليست لها أية قيمة  قانونية. وحيث إنه بناء على ما سبق، وحسب القرار الجنائي الاستئنافي، فإن القرار المستأنف، عندما قضى ببراءة المتهمة من جناية تمزيق وثيقة رسمية، على أساس أن الورقة  التي قامت بتمزيقها، لم تكتسب بعد صفة الرسمية، لأنها  غير موقعة من طرف الموظف الذي أنجزها، فإنه (القرار المستأنف) صادف الصواب.

وبعد أن ثبتت، بعد حوالي سنتين، براءتها التامة أمام غرفتي الجنايات الابتدائية والاستئنافية، رفعت (أسماء كاديمي)، التي أصبحت تعيش “كابوسا مرعبا” من تبعات ما عاشته، في يقظتها ومنامها، داخل وخارج السجن، إلى الوكيل العام باستئنافية الجديدة، شكايتين، عن طريق البريد المضمون، حسب وصلي الإرسال البريديين، اللذين تتوفر عليهما. حيث التمست في شكايتها الثانية، بتاريخ: 02/04/2018، بإلحاقها وضمها إلى شكايتها الأصلية، بتاريخ: 13/03/2018 (..)، في مواجهة ضابط الشرطة (حسن ب.)، على خلفية الإدلاء بشهادة الزور.

هذا، وعلاقة بالحث الذي أجرته النيابة العامة، في موضوع شكايتها المرجعية، والتحقيق الإعدادي الذي  أجراه، أصدر الأستاذ محمد الدويري، قاضي التحقيق الجنائي لدى الغرفة الأولى باستئنافية الجديدة،  بعد الانتهاء من التحقيق، أمرا بتاريخ: 01/10/2018، علاقة بملف التحقيق عدد: 79/2018. هذا الأمر  الذي جاء معللا من الوجهتين الواقعية والقانونية، والذي يعتبر “تاريخيا”، حيث قضى بما يلي:

بمتابعة (حسن ب.)، ضابط الشرطة القضائية لدى المصلحة الإقليمية للشرطة القضائية بأمن الجديدة، المتهم بجناية الزور في قضية جنائية، طبقا للفصل 369 من القانون الجنائي، وإحالته، في حالة سراح، مع كل وثائق البحث والتحقيق، على غرفة الجنايات، لمحاكمته طبقا للقانون؛

وبتبليغ هذا الأمر إلى الوكيل العام بستئنافية الجديدة، المطابق لملتمسه النهائي، المؤرخ في: 18/09/2018، الذي التمس فيه إصدار أمر  بإحالة المتهم على غرفة الجنايات، لمحاكمته من أجل المنسوب إليه، طبقا للقانون؛

وبتبليغ هذا الأمر إلى كل من يجب قانونا، في إشارة إلى الجهات الإدارية المعنية، المدير العام للأمن الوطني، ورئيس الأمن الإقليمي للجديدة.

وبالمناسبة، فقد نص الفصل 369 من ق. ج.، على ما يلي: “من شهد زورا في جناية، سواء ضد المتهم أو لصالحه،  يعاقب بالسجن من خمس سنوات إلى عشر.  فإذا ثبت أنه تسلم نقودا أو مكافأة من أي نوع كانت،  أو حصل  على وعد كانت العقوبة  السجن من عشر  إلى عشرين سنة.”.

هذا، وعرف القانون الجنائي في الفصل 368،  شهادة الزور، كالتالي: “شهادة الزور هي تغيير الحقيقة عمدا تغييرا من شأنه  تضليل العدالة، لصالح أحد  الخصوم أو ضده، إذا أدلى  بها شاهد، بعد حلف اليمين، في قضية  جنائية أو مدنية  أو إدارية، متى  أصبحت أقواله  نهائية”.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى