بنك الصفاء.. حين يضطر الزبون لدفع كلفة أكبر من الفوائد الربوية‎

لطالما انتظر المغاربة خروج الأبناك التشاركية للوجود بعد أن ظلت حلما يراود عددا من المواطنين الراغبين في الابتعاد عن ظاهرة الربا بعد أن تم تسويق الأبناك التشاركية على أنها بديل “شرعي و اقتصادي” سيقدم خدماته للمغاربة دون فوائد ربوية باعتماد أنظمة تيسر علاقاتهم المالية و تجعلهم في منأى عن كل ما حرمه الشرع.

لكن و ما هي سوى أشهر معدودات فقط على انطلاق خدمات الأبناك التشاركية بالمغرب حتى ظهرت عيوبها و تأكد للمغاربة بما لا يدع مجالا للشك أن كل ما تم تسويقه مجرد وهم و زيف لا يعدو أن يكون حملات إشهارية تتفنن في اللعب على وتر الكلمات الرنانة لتجعل شهية المواطن مفتوحة لقروض في صيغة “المرابحة” تبعده عن حرام الربا لكنها تدخله في متاهات يعجز بعد ذلك عن الخروج منها.

و من بين تلك البنوك التشاركية التي انطلقت مؤخرا بالمغرب نذكر بنك الصفاء ، هاته المؤسسة البنكية التي تم التسويق لها إعلاميا بشعار عريض و فضفاض “بنك حلال” لتقديم خدمات تمويل إسلامية أضحت اليوم تجد صعوبات جمة في تعاملاتها مع الزبناء خاصة بعد أن اكتشف عدد من المتعاملين و المتعاقدين مع الشركة الطريقة التي تدبر بها التمويلات.

و من خلال إطلالة بسيطة على موقع بنك الصفاء بالشبكة العنكبوتية ، يتضح أن نظام المرابحة الذي يقدمه البنك هو صيغة للتمويل بحيث يشتري البنك السلعة التي طلبها الزبون ويتملكها فعلا ثم يبيعها البنك له على أن يسدد ثمنها على دفعات خلال مدة معينة ومقابل “هامش ربح” محدد، حيث أن أقصى مدة لمرابحة العقار هي 25 سنة ولمرابحة السيارة 5 سنوات.

و يضيف الموقع في تقديمه لمنتجاته بأن سكن الصفاء هو عقد مرابحة للسكن يتم تنفيذه بشراء البنك للعقار الذي حدده الزبون ، يتملكه البنك تملكا حقيقيا، ويؤدي البنك ثمنه للبائع من أمواله الخاصة مباشرة بين يدي البائع، ثم يقوم البنك ببيع العقار للزبون مقابل هامش ربح متفق عليه ومحدد مسبقاً، و يسدد الزبون الثمن على أقساط شهرية في مدة محددة.

و من خلال هذا التعريف الذي قدمه بنك الصفاء لخدماته تظهر ثغرة معينة تجعل الريبة و الشك يتبادران لذهن الزبناء الراغبين في الاستفادة من تعاملات الأبناك التشاركية، حيث أن عبارة “هامش ربح محدد” دفعتنا للغوص أكثر في ماهية الموضوع لنتسنبط الخبر اليقين.

“14 مليون سنتيم غترجعها تقريبا بحوالي 24 مليون سنتيم حسب نظام البنك التشاركي أو المرابحة بتعبير أصح” ، بهاته العبارة عقب أحد الزبناء فيما أنه باحتساب قيمة الفوائد لدى الأبناك “الربوية” فالقيمة المطلوبة للقرض بعد احتساب كل المصاريف سيتم إرجاعها في حدود 20 مليون سنتيم و هنا يظهر جليا الفرق بين البنك الذي يعتبره البعض “ربويا” و بين خدمات عدد من الأبناك التشاركية و على رأسها بنك الصفاء التابع لمؤسسة التجاري وفا بنك.

و من خلال هاته الحسبة البسيطة و التي تؤكد أن الثمن الحقيقي المسترجع سيكون بشكل أكبر لدى الأبناك التشاركية و منها بنك الصفاء مقارنة بالأبناك الربوية الأخرى ، فيتضح جليا أن ذاك الحلم الذي انتظره المغاربة مجرد وهم و تلاعب بالمصطلحات و الأرقام و استغلال لرغبة البعض و حاجته في سكن و سيارة و عقار و قرض استهلاكي دون فوائد ربوية لتقديم خدمات ربحية بأضعاف أكبر ينغض حياة بسطاء الوطن و مقهوريه.

ومن خلال كل ما سبق يمكن القول أن تمويلات الأبناك التشاركية في مجال العقار تقدم عبر طريقتين أساسيتين “المرابحة” و”الإيجار المنتهي بالملكية” وكلتا الطريقتين تضمن للبنك هامشا كبيرا للربح، لكنه لا يسمى فائدة على اعتبار أنها لا تقدم قروضا مالية وإنما خدمات تستطيع من خلالها شراء العقار لإعادة بيعه أو كرائه للزبون بغرض تمليكه له في النهاية، وفي كلتا الحالين فإن “الخديعة” تكمن هنا.

فما يختلف عن الأبناك التقليدية هي طريقة تقديم المنتوج وتسميته، وفي النهاية فإن الزبون من خلال هذه العمليات سيدفع كلفة أكبر من ثمن العقار، كلفة تزيد عن ما هو متعارف عليه في الأبناك العادية و تجعله يعيش حياة أطول رهينا و معتقلا لدى تلك الأبناك التشاركية التي أوهمته أنه الحل و البديل الشرعي لتعاملاته المالية و العقارية قبل أن يكتشف أنه مجبر على تسديد مبلغ أكبر من ذاك الذي تفرضه الأبناك الربوية في نهاية المطاف.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى