التلميذ “مَكَدْخْلوشْ القْرايا فْ راسو” ..خبير يفصل في العوامل

أرى سنويا مع اقتراب الامتحانات عددا كبيرا من الآباء مع أبنائهم، ولما أسأل عن أسباب الزيارة الطبية، يكون ردهم  “مَكَيْبْغيشْ يْقْرا”(2) أو “ناقْصْ عْنْدو التَّرْكيزْ” أو “راسو قاصْحْ مَكَدْخْلّوشْ القْرايا”(1) أو “راسو مْكْلّْخْ”(3)، وهم يلتفتون إلى أطفالهم وكأنهم يتحدثون عن كمبيوتر عاطل مع أحد التقنيين في الحاسوب لإصلاح أعطابه! ولا أخفي عنكم أن هذه الصفات الخطيرة، تُحطم الطفل وتُجمد طاقاته على النجاح في دراسته.

سأكتفي في موضوع اليوم بالإشارة إلى طبيعة ذهن الطفل والعوامل المحيطة به التي تساهم في نمو قدراته العقلية.

1- طبيعة دماغ الطفل

دماغ الطفل لا يزال في نموه المتطور ويستمر هذا النمو إلى سن 24 أحيانا قبل أن يبلغ النضج النهائي. فكيف لنا أن نحكم على مخ طفل  بِ “المْكْلّْخْ”(3) ودماغه لا زال في طور النمو؟

كما نعرف أيضا أن كل مخ ينمو بشكله الخاص (لا حاجة للمقارنة بين الأطفال) كما أن كل القدرات الدماغية لا تنمو بشكل متوازن، فهناك دماغ طفل تنمو بعض قدراته أكثر من الأخرى. مثلا نجده يهتم بالرسم فتنمو لديه قدرة الفن بسرعةٍ تفوق نسبة القدرة على الكتابة، فهذا لا يعني أن “راسو قاصْحْ”(1).

2- ليس هناك طفل ذكي وطفل غبي أو “جْنّْ”(4) و “مْكْلّْخْ”(3)

الطفل لا يولد كصفحة بيضاء نكتب عليها ما نريد أو كأنه إناء فارغ نملؤه بما نشاء. مخ كل الأطفال بدون استثناء(5) له قدرات لا نهاية لها وإذا اتجهنا وتحدثنا مع ذكائه (كشخص ذكي) فسوف تنمو عنده قدرات الذكاء بشكل لا يتصور، أما إذا اتجهنا وتحدثنا معه كشخص “مْكْلّْخْ”(3) لا يدرك شيئا فسوف تنمو عنده قدرات “الكلاخ”(3) ونخنق بذلك ذكاءه.

مخ الطفل كسائر الأعضاء، لكي ينمو بشكل سليم، في حاجة إلى مواد خاصة، فإذا آتيناه بما هو في حاجة إليه فستنمو كل قدراته، أما إذا آتيناه بما هو مُضر له فسنجمد كل قواه العقلية.

كما لا يجب اعتبار الطفل “مَكَيْفْهْمْ والو”(8) مند ولادته، بل هناك دراسات تبرهن عن ذكاء الطفل وهو في رحم أمه(6).

3- جودة المحيط العائلي تقرر درجة الذكاء

يُعتبر المحيط عاملا مهما في نمو قدرات دماغ الطفل وذكائه. وأهمية المحيط لا علاقة لها مع الوضع المادي للعائلة التي ينشأ فيها الطفل لأن العوامل التي سأسردها  تبقى مجانية في أغلبيتها. ولكم أهم مميزات ودور المحيط الذي يساهم في تنمية القدرات الذهنية عند الطفل في الفترة ما قبل ولوجه التعليم الابتدائي :

– الهدوء: محيط هادئ تسود فيه الراحة والطمأنينة

– التناغم: محيط يسود فيه الانسجام والتناغم بين أفراده

– تعامل عطوف: محيط يُلغي بدون أي استثناء العنف اللفظي والجسدي والسب والاحتقار

– “التشجيع والتشجيع”: محيط يشجع بالإطلاق وبدون أي ملاحظة سلبية على كل انجازات الطفل كيفما كانت ليستمر في تقوية وتطوير قدراته الإبداعية.

– اللعب: محيط يُكثر من اللعب مع الطفل وأقصد الآباء. اللعب هو أحسن الطرق للتربية وتقوية القدرات العقلية والعلاقات العاطفية. وهنا لا حاجة لنا بلُعبٍ خاصة، بل نلجأ إلى اللعب الجسدي والسباق وألعاب تشاركية بسيطة و التي تتطلب سوى تخصيص وتوفير وقت كاف لقضائه مع الطفل.

– الحُب: محيط عائلي يعبر عن الحب لأن الحب يُنمي القدرات العقلية لدى الطفل. كما أن الطفل هو في حاجة كبيرة ليسمع من والديه بدون تقشف عبارة “كَنْحْبّْكْ بْزّافْ”

– المداعبة: محيط يكثر من مداعبة وملاطفة وعناق وتقبيل الطفل لأن هذا يُحدث في دماغ الطفل إفرازا كبيرا من هرمون الحب “أوسيطوسين”(7) الذي يلعب دوراً كبيراً في نمو الذهن والثقة في النفس والشعور بالسعادة.

– الاستماع: محيط ينصت إلى الطفل لما يتحدث معنا، إنصاتا جادا وصادقا لأن الطفل يشعر ويدرك نوايانا

– زرع حُبِّ المعرفة: محيط يهتم بقراءة القصص للطفل. في هذه القراءة نقوي العلاقة العاطفية ونسمح له باكتشاف متعة القصة ويدرك أن بفضل القراءة بإمكانه هو الآخر الاطلاع ومعرفة القصص بنفسه.

– مشاركة الطفل في المطبخ: يُعتبر المطبخ من أكبر المختبرات بحيث نترك الطفل (ذكر وأنثى) يلعب وهو صغير بأواني المطبخ التي في الواقع هي أدوات موسيقية بحيث يستعمل الصغير كل حواسه وتساعده على نمو ذكائه. وعندما يصل سن الثالثة بإمكاننا أن نلعب معه بالعجين ونصنع معه حلويات مثلا، ليدرك كيف نحول مواد بسيطة إلى نتيجة معقدة.

– المرافقة: محيط يهتم بكل ما يحدث ويروج في عالم الطفل مع تدريبه على التفكير والنقد. مثلا إذا كان الطفل يشاهد رسوماً متحركة فمن الممكن أن نطرح عليه أسئلة بسيطة مثل “ما هي القصة؟” و “ما رأيك فيما فعله ذاك؟” و “هل أنت متفق معه؟ ولماذا؟” وبهذا الشكل نسمح للطفل أن يقوي قدراته على التعبير والتحليل والتفكير والنقد والهدف هو إيصال الطفل إلى القدرة على التفكير بنفسه.

 

الدكتور جواد مبروكي، خبير في التحليل النفسي للمجتمع المغربي والعربي

مقالات ذات صلة

‫4 تعليقات

  1. موضوع رائع ما احوجنا لمثل هاذه المواضيع في هاته الايام. مواضيع تهتم بالتربية والتعليم، العلاقات الأسرية والمجتمعية، مواضيع تهتم بعلم النفس،……

  2. موضوع جميل ومفيد وأريد أن أضيف شيئا أخرى في نظري أن من أسباب عدم قدرة الطفل على الاستجابة أو كما قلت رأس قاصح مثلا ما يقدم للطفل في شاشة التلفزة واعطي مثالا MBC3 وووو وكذلك البرامج أو المناهج الدراسية المقدمة للطفل في المدرسة هي الأخرى تجعل الطفل أمام جمل من المواد المعقدة التى تثقل كاهله وعندي تجارب في هذا الميدان وكذلك المشكلة الكبير التكنولوجيا وهي الطامة الكبرى (الهاتف والالعاب ووو ) وشكرا

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى