إصلاح التعليم من خيبة أمل لأخرى

” إصلاح التعليم ”
جملة جميلة معبرة وراقية لأنها ترتكز على أضخم رأسمال بشري الذي هو عماد كل نهضة حقيقية ؛ كم تقت لتحقيق هذا الهدف ؛ إلا أنه وفي كل مرة تحت هذا الشعار “إصلاح التعليم” توضع برامج منها ما هو مستورد (ولسنا ضد أن نستفيد من تجارب غيرنا بعين ناقدة ) ومنها ما هو اجتهاد سطحي وآني أو ترقيعي؛ فتهدر جهود وميزانيات وأزمان لتنزيل هذه الرؤية .و ما ان تختمر الرؤية في القواعد ونبدأ بمحاولة التفاعل معها وإنجاحها وإغنائها ميدانيا حتى تجدها تغيرت إلى منظور آخر وفلسفة أخرى ؛ فنأسف للهدر البشري والزمني والمادي الذي ينتج عنه ضياع جيل بكامله ؛ ويخيم ضباب على المستقبل والمسار التعليمي؛ فيضيع وينطفئ الطموح والحماس في هذا القطاع الحيوي.

ويظل الأمل ينتابنا كلما عينت لجنة أو مجلس للإشراف على إصلاح التعليم.
نستفيق اليوم على تغيير مقررات الابتدائي بطريقة تجرح وتخدش انتظاراتنا وغيرتنا على بلادنا وأجيالنا؛ فتختلط على واضعيها الأهداف:
* فهل الهدف النهوض بالتعليم كقطاع ينير الطريق لأجيالنا ليبرز منهم حاملي مشعل المستقبل وتحدياته بعلم وعقل منيرين أم استعمال هذا القطاع لضياع وتشتيت ما تبقى ام لأهداف أخرى لا تمت بصلة لرقي التعليم،
لأن المتعارف عليه علميا ولرعاية دماغ سليم يرتكز على مرتكزات يسمح للعقل البشري ان يشب في هدوء لتكوين ثروة لغوية سليمة وضخمة للتمكن من الابداع في لغة معينة، وأقصد اللغة العربية اولا.
فلفهم الأدب والتاريخ والقواننين …يستلزم لغة عربية عميقة وسليمة لينتج عنه قوة في العطاء من طرف المتخرجين ليستطيعوا الاقتراح والتصحيح والتأقلم والدفع للأمام، ذلك أن الدول التي حققت قفزة نوعية في التعليم اعتمدت على لغتها الأم في قالبها الصحيح.
* وهل الهدف النهوض بالتعليم أم تضليل القيم وتشتيتها، فحين تربط الراحة بقلع سروال طفلة، هذه الأخيرة والأطفال جميعا يحتاجون لمن يسمو بقدراتهم العقلية والنفسية لتدفق مهاراتهم وهواياتهم في المسار الذي يخدمهم اولا والبشرية جمعاء ثانيا، ام توجيه تركيزهم الذي أتلفته الأنترنيت الغير الموجهة والمخدرات إلى إحداث تناقض مع التوجيهات الأسرية والمجتمعية.
وكيف تربي في طفل حماية البيئة والغيرة عليها باستعمال مثال سيء وسخيف مقرون بشعيرة من شعائر ديننا الحنيف الا وهي الصلاة، وكأنها ظاهرة استحقت هذا الكتاب.
نعم نحن ضد المغالاة في الدين والفهم الضيق للتدين ولكن ضد استعمال المفاهيم والرموز الدينية لأثارة الإشمئزاز والنفور والضياع والتشتت.
للأسف لم يسمو مشروع إصلاح التعليم إلى حبه واحترامه وتقديره والإيمان به؛ ومنح هذه الرؤية شيئا من الاستقلالية لتنضج وتقوى وتتقاطع مع كل مناحي الحياة في ابهى صورها لتضفي علينا بضلالها في مجتمع متين صلب ومحصن.

مقالات ذات صلة

‫3 تعليقات

  1. رائع، هذا المقال، يعتبر من بين أحسن ما قرأته، إجابة على الصدمة الكبرى التي خلفتها هذه المقررات الدراسية الرديئة في نفوس المواطنين المغاربة الأحرار.تحية لك أستاذتي

  2. بغيتو تقراو بلغة الجن ولا بلغة الملائكة منذ الاستقلال و انتم من العربية الى الفرنسية ثم الى العربية ثم اليهما معا ثم الامازيغية ثم الدارجة حتى تعرفو شنو راكو باغيين عاد قررو مالكوم تالفين الى مالقيتو باش تقراو اقراو بالفرنسية المقررات و المواد يجب ان تدرس كلها بالفرنسية و انتهى الامر لماذا هذه الفتنة و البلبلة المهم الوصول وباي لغة كانت هذا رأيي و الله اعلم

  3. المغاربة يتحملون مسؤولية تدهور اللغة العربية لقد تخلوا عن قراءة الكتب المكتوبة بالعربية والتجأوا إلى الدارجة في كتابتهم الرسائل الإلكترونية وفي تعاليقهم وفي صفحاتهم بالمواقع الاجتماعية والأدهى من ذلك أن منهم من صار يكتب الدارجة بالحروف اللاتينية تتخللها أرقام.والمؤسف أن هذا لايقتصر على شباب اليوم بل تعداه إلى سياسيين كبار وفنانين..كيف لاتتجرأ وزارة التعليم على العربية الفصحى وهي ترى وزراء وبرلمانيين يستعملون الدارجة أثناء تدخلاتهم في البرلمان بل إن منهم من يفتقر حتى إلى الدارجة فيستعين بالفرنسية..المسؤولون يجسون نبض المجتمع لو كنا حقا متمسكين بلغة القرآن ونشجع أبناءنا على الاهتمام بها ماكان أحد يتجرأ بالاعتداء عليها وتبديلها بالعامية..لو قال لك ابنك مثلا سآخذ حصص الدعم في اللغة العربية ماذا سيكون جوابك؟كثير من الأسر تستخف باللغة العربية الفصحى ويشجعون أبناءهم على الاهتمام بالعلوم وباللغات الأجنبة قائلين لأبنائهم:وماذا ستفيدكم اللغة العربة؟

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى