الشروع في “تدريج” لغة التعليم .. مؤامرة أو مغامرة ؟!

العامية تتسرب إلى الكتاب المدرسي

 

      في حلة قشيبة ؛ فوجئت الأسر المغربية ومعها رجال التربية والتعليم ؛ بظهور كتب مدرسية ، ضمن مقررات التعليم الأولي لهذه السنة 2018/2019 ؛ تزدان صفحاتها بصور معرفة بلغة عامية /دارجة مبتسرة ، لا عهد لها بصورها وتداولها سوى لدى مناطق مغربية محدودة ؛ من تعابيرها :

” واحد جوج تلاتة  …بّا مشا لسباتا … شر ليا قميجة … أنا واختي خديجة …. / شربيلْ .. طربوشْ .. البريوات .. البغرير.. الغْريبة ……

Ouahad jouj tlata ……………………….un , deux , trois ……ba mcha lasbata ………….

Mon père est allé a sabata……………………………………………………………………………..  ”

وغني عن البيان أن الدعوة إلى استعمال “العامية في التعليم” كانت قد لقيت جدلا واسعا بين من يعتبرها إجهازا على اللغة العربية ومحاولة فرنكفونية صهيونية لطمس معالم الثقافة العربية وتحويل اهتمام الناشئة إلى العامية بديلا للغة الضاد .. وبين من يراها خطوة طبيعية في التعليم الأولي طالما أن لغة الأم هي الطاغية على ألسنة النشء ؛ في هذه المرحلة ، وأن الأطفال لم تنضج لديهم بعد أجهزة النطق لاستعمال عربية فصيحة غير متداولة .

 

فكرة “تدريج التعليم”

 

فكرة “تدريج التعليم” كانت قد ألهبت حماس الكثيرين وعلى رأسهم السيد نور الدين عيوش الذي جند لهذا المسعى من موقعه ؛ كرجل أعمال وجمعوي .. ؛ لقاءات وندوات ورسائل .. أثمرت بنشره لقاموس ” قاموس الدارجة المغربية” ليتلوه ، وفي خطوة غير معلنة ، صدور كتب مدرسية للقراءة بالعامية ، ولو أن فكرة القاموس هذه تعود في جذورها إلى المستعمر الفرنسي غداة بحثه عن أداة لتيسير التواصل بينه وبين الأهالي المغاربة ، سيما في المرافق الإدارية فاهتدى إلى نشر كتيبات متدرجة المستويات بالدارجة المغربية وما يقابلها باللسان الفرنسي المتداول ، وجعل استيعابها إلزاميا على كل الموظفين الفرنسيين المنبثين في كل المراكز والمرافق الإدارية والاجتماعية التي كانت تابعة للحماية الفرنسية ، بمن فيهم معلمي المدارس الفرنسية داخل التراب المغربي .

وبالرغم من موجة الانتقادات الحادة التي واكبت موضوع “تدريج التعليم” ، سواء من خلال ندوات متلفزة أو آراء ومواقف لأكاديميين وخبراء في بيداغوجيا التربية ، فإن ذلك لم يثن من عزم وإرادة عيوش عن المضي في “مشروعه” ، ولو أنه تراجع عن فكرة ” الحد من تعليم المواد الدينية ” وقبوله بالعربية ـ كما جاء في الدستور ـ لغة رسمية إلى جانب الأمازيغية ، بيد أن تحمسه “الأعمى” لفكرة تلقين العامية كلغة للتعليم ، حتى وإن كانت بريئة فإن تداعياتها جد خطيرة على بيئة التعلم نفسها ؛ ذلك أنها ستعقد الوضعية اللغوية عند التلميذ ، وستنضاف لغة “هجينة” إلى واقع التعلم بجانب لغة الأم ؛ عامية محلية أمازيغية أو عربية .. ثم الفرنسية والإسبانية المختلطة لدى مناطق بالشمال .. والأنجليزية فيما بعد وأخيرا الميديا بما فيها وسائل التواصل الاجتماعي التي تتلون أبجديتها بين الحرفين اللاتيني والعربي تخالطها أحيانا أرقام حسابية .

فالتلميذ الديغلوسي Diglossy؛ نسبة إلى بيئة لغوية معقدة ؛ وبالمواصفات الآنفة ؛ يجد صعوبة في التواصل أو بالأحرى تعلم لغة وسط لغات ولهجات متعددة ، بخلاف تلميذ في بيئة لا تروج إلا للغة واحدة أو لغتين تتقاطعان في النحو والجذر والتركيب .. فحينما ينطق السيد عيوش مثلا كلمة “لبريوات” فستتواصل معه قلة قليلة من سكان مناطق وسط المغرب وقسم من غربه ، كما أن التلفظ “بالبريوات” قد يحيل المستمع إلى البراوات أي الرسائل (ومنها أصل التسمية) وإن كان هذا اللفظ بدأ ينقرض ويحل محله اللفظ العامي “ميساج” Message  ، وفضلا عن كل هذا يأتي “تدريج لغة التعليم” في مرحلة ما زال فيها الكتاب المدرسي لم ينسلخ بعد من تمركزه على الصعيد الوطني ، فليس لنا ؛ حتى الآن ؛ كتاب مدرسي جهوي يحترم خصوصيات الجهة من حيث الجغرافيا والتاريخ واللغة والاقتصاد ..

وسنخلص إلى القول بأن الدعوة أو الشروع في تدريج لغة التعلم المدرسي لهي مغامرة غير محدودة ولا محسومة العواقب على لغة التلميذ ، فضلا عن ضربها لمكاسب تربوية تعليمية هامة … ربما قد تفضي في الأمد المتوسط إلى إحداث قطيعة بين المواطن المغربي وتراثه الثقافي العربي الأمازيغي .

 

 

 

مقالات ذات صلة

‫5 تعليقات

  1. التعليم في خطر عند الدخول كارثة المخطط الا ستعجالي هذه الطبقة التعليمية الجديدة التي لا تملك اي تكوين اوحتي رصيد معرفي فهي في الاساس تحتاج الي تعليم لانها في الاساس سنجدها حاصلة علي شهادة جامعية مقبولة وهذا يعني الفشل فعندما نجد ان هذه الفءة لا تجد اللغة الفرنسية ولاحتي التفريق بين الفعل الازم والتعذي لذا يجب علي الوزارة اعادة النظر في المخطط وتوجه الي امتحان عام لكل الفءات العاملة بنظام التعاقذ

  2. وماذا عن المصطلحات الواردة في الدين أو العلوم مثل الجماع .الأعضاء التناسلية وغيرها اش يستعملوا اولادنا .

  3. إلى السيد الوزير امزازي
    سنتان و ثلاثة أسهر مرت و لم تستجب لنداء الطالبة الدكتورة في فتح تحقيق منعها من مناقشة أطروحة دكتوراه الطب علما آ الحكم القضائي يقضي بإعادة تصحيح ورقة امتحان الطب الشرعي من طرف محايد السيد الوزير الابتزاز من طرف العميد لا يفيد شيئا أنا أب الدكتورة الضحية وسأكون له بالمرصاد وفي هذه الحالة أنتم و وزير العدل المسؤولين على عدم تنفيذ الحكم

  4. كنا ننتظر أشياءا أكبر منٍ”المجلس الأعلى للتعليم” غير إقحام تسميات علم لبعض الألبسة والمأكولات والحلويات المغربية ب”العامية” بلسان فصيح في مقرردراسي جديد بالتعليم الإبتدائي اعتمدته الوزارة الوصية في إطار تطوير منهاج اللغة العربية بالسلك الابتدائي، وتفعيلا للتغييرات التي عرفتها برامج هذه المادة في المستويين الأول والثاني ابتدائي بالموسم الدراسي2019/2018،وكان من بين هذه الإنتظارات انفتاح مؤسسات التعليم العمومي على تكنولوجيا المعلوميات المعمول بها في مجال التربية الحديثة واعتماد لغات اجنبية بموازاة مع اللغة الفرنسية ونخص بالذكر اللغة الانجليزية لغة البحوث العلمية العالمية وتقليص الحيز الزمني المخصص للدروس العادية وبالمقابل تكثيف الأنشطة الموازية من مسرح ورياضة والعاب ترفيهية وحصص للرسم وأعمال يدوية و…هذا ما كنا ننتظره وأكثر لفائدة المدرسة العمومية بأسلاكها الثلاثة من المجلس بحكم الغلاف المالي المرصود له وباعتباره قوة اقتراحية يعتد بها نظرا للعناية الملكية التي يوليها له ولمكانة أعضائه المهنية و السوسيو ثقافية البارزة والمتنوعة.أما فيما يخص دعوة عقد اجتماع طارئ للجنة التعليم والثقافة والاتصال بمجلس النواب حول ضجة أو فضيحة “بغرير /بريوات/ولغريبة” وتسيسها فلا طائل منها لأن هناك أمور أقوى وأعمق تنخر المنظومة التربوية بشكل خطير وممنهج منذ سنوات.هناك من الإخوان الغيورين على اللغة العربية الفصحى أكثر من اللازم ولأسباب قد تتضح من بعد بشكل جلي نظرا للحرب الشرسة بين دور النشر والناشرين بامتياز وفق تطلعات الداعين الى تحرير حقل النشر تماهيا مع توجهات الحكومة للقطع مع مجانية التعليم ورفع اليد نهاىْيا عن دعم الدولة عن هذا القطاع الحيوي الذي يهم أزيد من 90بالماىْة من المغاربة.تجند لهذا الغرض مجموعة من الفايسبوكيين عن قصد او دون ذلك لافتعال ضجة من لاشيء والجعل من إقحام بضع الكلمات باللسان الدارج المغربي في مقرر السنتين الاولى والثانية ابتداىْي خطرا محذقا يهدد لغة الضاد.فاللغة العربية كما يعلم الجميع كانت لغة شفهية ولم تعرف هذه الطفرة اللغوية وتكتمل حروفها 28 إلا بعد التدوين والقرآن الكريم نفسه اللسان العربي المبين غني بكلمات دخيلة عنها وتعود الى لسان اقوام عايشوا وخالطوا العرب من اراميين وسرياليين وكلدانيين ويهود ونصاري.فقوة اللغة العربية تكمن في قدرتها على التلون والتشكل واحتواء واستعاب كل الألسن دون غيرها من االلغات السابقة.فما الخطر إذن من استعمال بضع كلمات بالعامية في مقرراتنا وصحفنا واعلامنا ونصوصنا الأدبية لا تخلو من كلمات أجنبية مثل “سينما” “انترنيت” “كومبيوتر” “راديو”والأمثلة كثيرة لايسع المجال لذكرها .نفتعل ضجة من فراغ وننسى الخطر الاكبر الذي يتهدد فلذات أكبادنا من ضياع وانسداد الأفق.فما ذا أعددناه لهم في المستقبل ؟

  5. اريد اجابة بسيطة عن هدا العيوش من هو وهل موقعه يخول له الاقتراب من هدا الاشكال اللغوي؟واين هو هدا المجلس الاعلى للتعليم؟ام ان عيوشا هو الدي يموله ام مادا؟

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى