نداء استغاثة إلى الدّكالي … مستشفى سطات يحتضر

مستشفى الحسن الثاني بسطات، ذلك المرفق الصحي الهام الذي يستقبل يوميا أفواجا من المرضى من مختلف المناطق والأقاليم”برشيد ابن احمد البروج وغيرها..”، زواره من الباحثين عن موطئ قدم لمعالجة أسقامهم، إلا أن البعض منهم يعودون خاوين الوفاض، أو حاملين معهم مواعيد طويلة الأمد، لا لشي ء سوى أن المرفق الصحي مهدد بالسكتة القلبية نتيجة افتقاره للموارد البشرية بشكل حاد، على الرغم من المجهودات الحثيثة التي تبدلها إدارة المستشفى لتدبير الأزمة إلا أن اليد الواحدة لا تصفق كما يقال على لسان المثل المغربي.

فحسب الاحصائيات الأولية، فإن مستشفى الحسن الثاني تبلغ طاقته الاستعابية 268 سريرا، موزعة بين العديد من الأقسام كطب الرجال والنساء والأطفال وقطاع الأم والطفل وقسم المواعيد، وقطاع تصفية الكلي وطب الأطفال، والمركّب الجراحي، ومركز التّشخيص، وأقسام الفحص بالأشعة و”السكانير”، ومركز تحاقن الدّم، وقسم المستعجلات، ومركز تدبير النفايات الطبية، وقسم الإنعاش، ثم مستودع الأموات، يبقى التحدي الكبير الذي يؤرق إدارته التي تعمل ليل نهار هو النقص الحاد في الموارد البشرية على الرغم من التدابير الإدارية التي اتخذتها الإدارة في هذا الشأن من خلال البحث عن شركاء وفاعلين ونهج سياسة الانفتاح على كافة المتدخلين وقف مقاربة تشاركية ذات بعد تبصري، حيث عملت الإدارة على تجميع مصلحة الجراحة رجال ومصلحة الجراحة نساء في قطب واحد، وتجميع مصلحة طب الرجال ومصلحة طب النساء في قطب واحد، بدل قسمين متفرقين؛ وذلك بهدف الاستفادة من مواردهما البشرية مجتمعة؛ في إطار تنزيل مقتضيات النظام الداخلى للمستشفيات، بالإضافة إلى تنظيم قوافل في الجراحة بمختلف أنواعها، بهدف التخفيف من طول المواعيد والاستجابة لحاجيات المرضى، وخلق فضاءات وأقسام جديدة، وتزويد المستشفى بمعدّات لوجيستيكية، كل ذلك يندرج في إطار التدابير الأولية لمواجهة هذا النقص الحاد في الموارد البشرية التي زاد من حدتها شبح التقاعد والمغادرة الطوعية خلال السنوات الماضية.

شبح التــــــقاعد والرخص المرضية يُعمقان الجرح

إذا كان مستشفى الحسن الثاني يعاني أصلا من الخصاص المهول في الموارد البشرية رغم السياسة التدبيرية التي تنهجها إدارته التي تعمل جاهدة لسد الخصاص من خلال البحث عن سبل أخرى حفاظا على السير العادي لهذا المرفق وانعاشه حتى لا تصيبه السكتة القلبية، فإن التحدي الكبير الذي يواجه هذه المجهودات هو شبح “التقاعد من جهة وإقدام البعض على تقديم الرخص المرضية بصورة مسترسلة”، إذ أن العديد من الكوادر الطبية قررت مغادرة الخدمة عبر اختيارها مخرج التقاعد بصيغتيه مما وضع حياة العشرات من الاطفال الصغار والنساء والرجال والشيوخ في موضع لا يحسدون عليه، ومادام التقليص من الأطر الطبية سيؤدي لا محالة إلى المزيد من الاكتظاظ ، فإن الأمر يتطلب من الوزارة الوصية على القطاع تعيين أطر طبية جديدة ذات اختصاصات متعددة، لسد الخصاص الذي أصبح يعرفه هذا المرفق الحيوي.

والمعضلة الثانية التي تعترض السياسة التدبيرية التي تنهجها إدارة المستشفى، هي حجم الشواهد الطبية والرخص المرضية التي يدلي بعض الأطباء والممرضين، مما يعيق عملية الإصلاح المنشودة، كما الحال بمصلحة الفحص بالصدى و السكانير إذ أن طبيبة واحدة لا تكفي لمجابهة الزخم الكبير للحالات المرضية ناهيك عن ضحايا حوادث السير مما يضطر معه العديد من المرضى إلى التوجه إلى المصحات الخاصة أو مستشفى ابن رشد بالبيضاء لإجراء الفحوصات على الرغم من توفر المستشفى على سكانيرين اثنين.

نداء استغاثة إلى الدّكالي … مستشفى سطات يحتضر

الجميع هنا بإقليم سطات يتحدث وبنبرة تحمل في طياتها صورة سوداوية عن تدني الخدمات الطبية بمستشفى الحسن الثاني، دون أن يعرفوا أو يَعوا أسباب ذلك…. فمن خلال بعض المحاولات التي قامت بها هبة بريس لحل هذا اللغز، اتضح أن الأمر يتعلق بالنقص الحاد في الموارد البشرية الذي انعكس بطبيعة الحال على تجويد الخدمات الطبية وأدى إلى صعوبة الولوج إلى العلاجات، وهو ما اعترف به وزير الصحة أنس الدّكالي شخصيا في وقت سابق ردّا على سؤال شفوي طرحه برلماني عن فريق التجمع الدستوري حول تدني الخدمات الصحية بمختلف مستشفيات المملكة، مُعترفا بأن قطاع الصحة عامة يعاني من مجموعة من المشاكل أبرزها استمرار النقص في الولوج إلى العلاجات الأولية، ناهيك عن ضعف التأطير الطبي بالعالم القروي و المناطق الجبلية و الذي يعزى أساسا الى النقص الهام في الموارد البشرية و كذا إشكالية تحفيزها إضافة إلى ضعف الموارد المالية.

وتساءل كثيرون عن نصيب مستشفى سطات من الاستراتيجية القطاعية الجديدة التي اعتمدتها الوزارة الوصية مؤخرا والتي ترتكز حسب ما صرح به الوزير، على أربعة محاور تتجلى في توطيد أوراش الإصلاح ودعم البرامج الصحية الأساسية والذي يرمي أساسا إلى دعم واستكمال التغطية الصحية في أفق بلوغها لتغطية صحية شاملة، ويتجلى المحور الثاني في تكريس التوجه الخدماتي، وذلك عبر تعزيز الولوج إلى خدمات المراكز الصحية الأولية وزيادة الطاقة الاستيعابية الإجمالية للمستشفيات العمومية ب 10.327 سريرا منبثقة عن إنجاز 63 مستشفى عموميا جديدا بكلفة 15.9 مليار درهم، منها أربع مستشفيات جامعية بكلفة 8.4 مليار درهم، ومتابعة تأهيل المستشفيات العمومية وتجهيزها بآلات الرنين المغناطيسي بكل مركز استشفائي جهوي، وجهاز سكانير في كل مركز استشفائي إقليمي بكلفة إجمالية تفوق 4.2 مليار درهم، ويتضمن المحور الثالث تجاوز إكراهات شح الموارد البشرية الصحية والعمل على تحفيزها وتطوير أدائها، في هذا الإطار تتوخى الوزارة تشجيع الشراكة مع القطاعات الأخرى، فيما يتأسس المحور الرابع على تجويد حكامة القطاع بإحداث الهيئة الوطنية الاستشارية للتنسيق بين القطاعين العام والخاص.

مقالات ذات صلة

تعليق واحد

  1. مستشفيات المغرب كلها في حاجة الى الاغلاق و رجوع الشعب المغربي الى زمن الاجداد العلاج الطبيعي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى