صبري: ترحيل مهاجرين افارقة من سبتة الى المغرب مخالف لاتفاق المرجع المستند عليه لسنة 1992

 قامت شرطة الحدود الاسبانية في نقطة العبور بين الفنيدق وسبتة بترحيل مائةوستة عشر مهاجرا من دول جنوب الصحراء الى المغرب، الذي قبل بذلك. وهو ما أثار مجموعة من التساؤلات والانتقادات الى الدولتين، وسارعت اسبانيا الى تبرير ذلك بالاستناد الى اتفاق ثنائي بين المغرب واسبانيا يرجع لتاريخ 13/2/1992 .

وقد تم الاتفاق في مدريد ووقعه عن اسبانيا  وزير الداخلية آنذاك خوسي لويس كوركويرا كوسطا و عن المغرب وزير الداخلية آنذاك المغربي ادريس البصري، وهذا الاتفاق يهم حركية الأفراد والمرور وترحيل الأجانب الذين يدخلون الى اقليم احدى الدولتين بطريقة غير نظامية.

ولأن هذا الترحيل والاطار التغاقدي الذي استند عليه مرشح أكيد لان يتطور النقاش حوله فانني ارتأيت مناقشة مقتضياته والخروج بخلاصات تكيفه غير قانوني وينتهك حقوق وحريات المهاجرين المكفولة في القوانين الدولية والوطنية للدولتين معا.

صحيح أن المادة الأولى من اتفاق 1992 تسمح للدولتين باجراء عملية الترحيل من اقليم احدى الدولتين الى الأخرى وكذا بتغيير في أماكن ونقط اجراء الترحيل والابعاد باتفاق اللجنة الثنائية المشتركة التي تم خلقها بمقتضى المادة 11 من نفس الاتفاق.

غير أن هذا الترحيل  مرتبط بأجل والقيام بعدة اجراءات أولية قبل تنفيذه ، بالاضافة الى عدم وجود اتفاق ثنائي آخر أو متعدد الأطراف لا تسمح مقتضياته باجراء الترحيل من أصله ومراعاة هذه الالتزامات بالأولوية والأسبق.

ومن اجل القبول بامكانية الترحيل، فان الاتفاق حدد اجل عشرة ايام من تاريخ الدخول غير الشرعي لاعلام الدولة الأخرى المتعاقدة بنيتها اجراء الترحيل اليها، وهو أجل مسقط لقبول الطلب. بالاضافة الى التيقن وتقديم الدليل والحجة من كون الدخول غير الشرعي تم من اقليم الدولة المراد تنفيذ الترحيل اليها، أي من المغرب في اطار النازلة الحالية.

بالاضافة الى اجراء جوهري متعلق بتقديم كل المستندات والوثائق التي تحدد وتعرف بهوية المواطن الأجنبي المراد تنفيذ الترحيل في مواجهته الى احدى الدول المتعاقدة أي المغرب، ويمكن اعتماد تلك الوثائق الممسوكة من قبل هذا الأجنبي نفسه، و يتم ارفاقه بتقرير متعلق بظروف وطريقة دخول الأجنبي موضوع طلب الترحيل بطريقة غير شرعية الى اقليم الدولة طالبة الترحيل( اسبانيا).

وبتم تبليغ كل تلك هذه الوثائق والمستندات والتقارير الى المغرب باعتباره الدولة الأخرى المتعاقدة والمطلوبة من أجل القبول بالترحيل من أجل ابداء رأيه في الطلب، لأن الاتفاق استعمل عبارة،ك” وعندما تقبل بالترحيل”، فإن تنفيذة يتم توثيقة بقرار وبشهادة من طرف شرطة الحدود  تتضمن هوية المواطن الأجنبي المنفذ الترحيل في حقه.

وتضمنت المادة الثالثة من اتفاق 1992 أسباب وحالات لا يقبل فيها اجراء الترحيل، ولا ندري كيف التحقق من عدم وجود اي من المرحلين ضمن تلك الحالات.

لكن الأكيد أن المادة التاسعة تجعل فعل الترحيل والابعاد الذي غير قانوني دون اللجوء الى البحث عن الأسباب الشخصية المشار اليها حصرا في المادة3. إذ من واجب الدولتين وفقا للمادة 9 مراعاة وبالأولوية بباقي التزاماتهما والتي تنتج عن اتفاقيات أخرى ثنائية ومتعددة الأطراف.

ولأن اسبانيا ممنوع عليها اجراء الترحيل خارج رقابة القضاء المؤهل الوحيد للسماح واصدار قرار بالترحيل ويمنع قانونها الوطني الطرد الجماعي طبقا للمادة 57 من قانون حقوق وحريات الأجانب واندماجهم الاجتماعي.

ناهيكم عن عدم توضيح المغرب واسبانيا لمدى وميفية تنفيذهما لمقتضيات الاتفاق بدقة بمراعاة أجل عشرة أيام المحكومين بهما، وميفية التخقق من جهة واقليم الدخول الفعلي هل من الاقليم المغربي ام من دولة اخرى، لأن المادة الثانية من الاتفاق  تتحدث عن الدخول “الفعلي” من اقليم الدول المطلوبة في الترحيل ، والتحقق من الهوية وموانع الترحيل الواردة في المادة 3 من الاتفاق.

والأكثر من هذا وذاك فان السماح بالترحيل مرهون بعدم وجود مقتضى والالتزام  أخذته احدى الدولتين المغرب واسبانيا على عاتقهما سواء في اتفاقيات ثنائية أو دولية ومتعددة الأطراف ويمنع ذلك الترحيل.

وهو الالتزام الذي تتضمنه اتفاقية حقوق العمال المهاجرين وافراد أسرهم التي تمنع الترحيل الجماعي، ، بالاضافة الى الاتفاقية الدولية بحقوق الأطفال التي تمنع الترحيل خارج مبدأ المصلحة الفضلى للطفل، والتي تستوجب الاستماع اليه من أجل الاختيار.

وهذه الاتفاقيات الدولية دخل فيها المغرب واسبانيا مأطراف وقعت وصادقت، ووقع عليها المغرب قبل اسبانيا وقبل اتفاق الترحيل معها  لسنة 1992، وصادق عليها ، ونشرت في الجريدة الرسمية، واصبحت قانونا يجب تنفيذه بالأولوية بمقتضى الدستور، وهو ما يجعل الفعل مخالف للقانون الوطني والدولي وينتهك حقوق وحريات المهاجرين.

محام بمكناس، خبير في القانون الدولي_الهجرة ونزاع الصحراء.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى