شهادة في حق بعيوي: الرجل الآلة وكاريزما السياسة

لا أقصد من وراء هذا المقال أن ألمع صورة شخص، أو أذكر مناقبه، أو أعدد محاسنه، ولكن القصد هو نشر ثقافة الاعتراف، التي لفظت أنفاسها أو تكاد، في مجتمعنا الذي أصبح يتتبع زلات الأفراد ونقائصهم، ولا يتوان قيد أنملة في نشرها دونما تمحيص أو تدقيق، رغم أنها في كثير من الأحيان، لا تكون سوى إشاعات مغرضة غير مبنية على دلائل أو قرائن. ثم إن هناك شخصيات تستحق التشجيع والتنويه على ما تقدمه من نبل وعطاء دون أن تنتظر الشكر أو الجزاء من أحد.. في هذا الإطار نود الحديث عن شخصية “عبد النبي بعيوي”، والتي هي أصلا في غنى عن الحديث، لما اقترن به هذا الاسم من قوة الفعل والتأثير على أرض الواقع، وروح المبادرة في الإصلاح والتواصل.
عبد النبي بعيوي الشخص الذي ترعرع في أحياء مدينة وجدة الشعبية، وهو ينتمي إلى إحدى الأسر البسيطة، بلغة العامة “ولد الشعب”.. شاقاً بذلك طريقه من الصفر إلى المجد، فقد بدأ بسيطا وعمل بجد وبدون كلل إلى أن أصبح رجل أعمال ذو جاه وصيت.. انطلق من وجدة واستقر فيها رغم ما وصل إليه دون أن يفكر في الهجرة مثل ما يفعل الكثيرون.
بعيوي الشاب الطموح:
انتقل كأي شاب يبحث عن تحقيق ذاته ومستقبله من أجل لقمة العيش، عمل بكل جد في الديار الفرنسية عصامياً مجداً طموحاً، بعد مرور عدة سنوات عاد لمدينته الأصل مستثمراً فيها بعض مشاريعه، وبفضل حنكته وذكائه استطاع أن يكون مستثمراً ورجل أعمال ناجح. استثمر في العقار والبناء والتهيئة العمرانية، واستطاع أن يكسب سمعة طيبة بفضل جودة منشآته وقوة مشاريعه، وصارت شركته تظفر بالعديد من الصفقات الضخمة في البناء والتشييد.
فهو المقاول الذي برز بنجاحه الكبير في مجال الأعمال، فالذين عايشوا الرجل عرفوا فيه الإصرار والعزيمة والطموح الملفت والصبر الباهر. فالحياة ليس كما يراها البعض من غير صعاب أو عراقيل، بل هي مكابدة واشتغال وكد، وصبر ومصابرة وجد، وهو حال السيد “بعيوي”.
بعيوي الإنسان العطوف والفاعل الاجتماعي:
في سنة 2011 بدأ اسم “عبد النبي بعيوي” يتردد على مسامع الوجديين كفاعل اجتماعي، من خلال مؤسسته ” بسمة للأعمال الخيرية” والتي يقدم عبرها خدمات إحسانية جمة حتى أنها استطاعت في ظرف وجيز أن تصبح إحدى المؤسسات الرائدة في المجال الخيري والعمل الاجتماعي داخل المدينة. وقد قامت بمئات من الأنشطة والعديد من العمليات الجراحية والقوافل الطبية، ومن إبداع نشاطاتها المتميزة ابتكارها لفكرة “قفة العزاء” كقفة تشمل مواد غذائية مصحوبة بخيمة (خزانة) تقدم لعائلة المتوفي الذي لا يملك أهله مالا لاستقبال مراسيم التعزية. كما ابتكرت مؤسسته طريقة لتقديم وجبات الإفطار يستفيد منها الفقراء وعابري السبيل في عدة مناطق بشوارع مدينة وجدة وذلك بوضع خيم طيلة الشهر الفضيل.. وغيرها من الأعمال الإحسانية: سيارة إسعاف مجانية، وعمليات الختان طيلة السنة.. وهذا كله من ماله الخاص ومساهمة بعض رفقائه الذين أقنعهم بالانضمام إلى مؤسسة بسمة الخيرية.
بيوي ليس ذلك الإنسان الذي يعدك دون أن يفي بوعده، فإذا صادفته في مكان ما يترك فيك أثراً طيباً.. والذين يتعاملون معه عن قرب يعرفون أنه ينفق في السر أكثر مما ينفق في العلن.
بعيوي الشخصية القوية والسياسي المتواضع:
 ما ميز الرجل عن غيره هو أنه لم يتنكر لأصله أو مدينته، في الوقت الذي يواصل فيه الكثيرون من رجال الأعمال بناء ثرواتهم بعيدا عن هموم الساكنة والمواطنين. إلا أن “بعيوي” كان ولا زال واحدا من القلائل الذين تحملوا العبء ماديا ونفسيا. وهو الذي جعله يدخل غمار السياسة من بابه الواسع لعلمه المسبق أن مفاتيح السياسة أقوى من مفاتيح المال والثروة في نجاعتها وتأثيرها على المواطن. فاقتحم عالم السياسة ليس حبا في الكرسي ولا المناصب، إنما لإدراكه أن الخير لكي يعم الجميع عليه أن يفرز بقرار سياسي وهو إما أن يحل الكثير من المعاناة أو يسبب العديد من المآسي. وفي هذا الإطار نفهم سياق أسئلته بالبرلمان ما بين 2011 و2015، التي كانت تتمحور حول أهات الساكنة الحدودية ومخلفات الأزمة الاقتصادية بالإقليم، ولعل زياراته المتكررة للشريط الحدودي توضح هذا الاهتمام.
 تشويه الأعداء وإرادة التجاهل:
بروز “بعيوي” كإسم مرشح للانتخابات جعل المنافسين في حمأة السياسة يحاولون عبثا، التنكيل بسمعته التي بلغت الآفاق، ومشككين في كفاءته حول قدرته في تسيير الشأن العام، ومحاولين تشويه ماضيه، رافعين يافطة “من أين لك بهذه الإمكانات المالية؟” وكثير من الأقاويل التي تلاسنها فرقاؤه وخصومه السياسيون. ورغم تلك الحملات المغرضة والتي لا تستند على أدلة ملموسة، تناقلوا أنباء مشينة في حق الرجل، فكانت بحق الفاتورة التي دفعها ضريبة على نجاحه الذي وصل إليه، ضاربين عرض الحائط الدليل الشرعي: ” إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا أن تصيبوا قوماً بجهالة فتصبحوا على ما فعلتم نادمين” الآية. لكن بعيوي تجاهل أقوال الحاقدين وتصريحات المغرضين والذين عجزوا عن الصمود أمام قوته في الاشتغال وتفانيه في العمل. ومع مرور الوقت سكتت تلك الأصوات وخرست تلك الألسن التي حاولت النيل منه، أمام صفاء نيته، ونبل أخلاقه، ورجاحة عقله.
 بعيوي رئيسا لجهة الشرق:
كان لانتخابات 2015 البصمة التاريخية في مسار “عبد النبي بعيوي” حيث حصل على رئاسة جهة الشرق من بين 12 جهة على صعيد الوطن، ب 32 ألف صوت حصدها كأول مترشح يصل هذا الرقم بعمالة وجدة. وبعد مرور قرابة 3 سنوات في تدبير شؤون الجهة، لاحظ الجميع ابتداءً من الخصوم قبل الأصدقاء قوة الرجل في الاشتغال. إرادة هائلة وحيوية أكثر رؤساء الجهات بالمغرب. كما يتميز بتواصله الشعبي وزياراته في أنحاء الجهة سواء تعلق الأمر بأزمة عالقة أو زيارة عمل.. وهناك عشرات الأمثلة على ذلك: أحداث منطقتي بني خالد الحدودية وبني درار خير دليل، فقد كان سباقا كالريح مثل رجل الإطفاء الذي يخمد النيران هنا وهناك، وفي روحاته دائما يذهب وفي جعبته حلول لتلك المشاكل العالقة.. وكان آخرها نزوله لبؤرة ساخنة أثناء أكثر الأزمات الراهنة والعالقة وهو ما عُرف بحراك جرادة، الذي عده البعض بأقوى هيجان شعبي بعد حراك الريف، متجاهلا تهديد سلامته كمسؤول سياسي قد يتعرض للأذى، لكنه توجه هناك دون خوف من ردة فعل غير محسوبة العواقب.. ومن جهة أخرى ما ميز “بعيوي” الديناميكية التي خلقها بالجهة عبر مشاريع كثيرة:
تهيئة ميناء الناظور، تعبيد وتهيئة المسالك داخل أعماق الجماعات القروية، مئات المسالك الطرقية الرابطة بين الجماعات والمدن، شراء وتسليم العشرات من التجهيزات والشاحنات والحافلات النقل المدرسي وسيارات الإسعاف. وأعطى في ذلك أولوية للمجال القروي والفلاحي، وأقام الكثير من الاتفاقيات المحلية والدولية، وصادق على الكثير من القرارات التي سهلت خدمات بالجملة لصالح الجهة وأصحاب الجالية. إضافة لاستراتيجيته لخلق دينامكية يسير بخطة الاقتصاد الاجتماعي التضامني عبر دعم وتشجيع جل التعاونيات الحاملة للمشاريع.
بيوي الآلة التي لا تصدأ:
تساءل الكثيرون عن جمعه بين أعماله الخاصة وتدبيره في شؤون العامة، وسرعان ما أجاب عن هذا التساؤل بقوة تواجده الفعلي لا تكل ولا تمل. اعتقد الناس أنه صاحب مال استنزفته السياسة فأغفل شؤونه الخاصة، ثم اعتقدوا أنه صاحب منصب استنزفته تجارته فأغفل المسؤولية. إلا أنه دبر أموره كرجل أعمال وكأنه متفرغ له، ودبر مسؤوليته السياسية وكأنه متفرغ للسياسة. مما جعل الجميع في استغراب وكثير من الانبهار، كيف له أن يدبر شؤونه العامة والخاصة؟
من النادر أن تجد شخصا ينام في اليوم خمس ساعات، وهو ما يميز “بعيوي” عن الكثيرين وهذا منة من الله عليه ـ اللهم لا حسد ـ  ساعات نومه القليلة وعزيمته في الاشتغال ورزانته السياسة خولت له أن يجمع بين أمرين: نجاحه في عمله الخاص وبروزه في تسيير رئاسة الجهة. وكيف لا ؟ وهو الذي ينتقل إلى إقليم بوعرفة صباحاً وفي المساء إلى بركان وليلاً متجهاً نحو الناظور. وبهذا فإن كثرة تحركاته وحيويته الدؤوبة أرهقت المسؤولين والسياسيين من قبله ومن بعده.
إن الكاريزما التي يتمتع بها “بعيوي” جاءت بناء على شخصيته القوية والتزامه العملي استنادا على خلفيته في إدارة المال والأعمال.. فالمبدأ الذي اتبعه كان ناجعا، مجسدا للشعار: “كثير العمل .. قليل الكلام”، فالعبرة بالعمل لا بكثرة الوعود والكلام. علما أن طبعه الهادئ جعله يرى الأمور بعين ثاقبة يحدد وفقها مواقفه وقراراته الحاسمة.
إن “بعيوي” استطاع بتواجده في قلب الأحداث وسط مشاكل الساكنة ووقائع خاصة أن يفرض نفسه داخل الأوساط السياسية والاجتماعية. ومتقدما على الخصوم بالجاهزية والمبادرة. واستطاع أن يزاوج بين العمل والسياسة ونجح فيهما بدون منازع.. لقد ابتعد عن الأساليب العقيمة للسياسيين رغم محاولاتهم لجره إلى التلاسن والتصريحات المضادة، لذلك جعل من سهامهم حافزا لكي يشتغل أكثر فأكثر. في غضون سنوات قليلة أصبح إحدى الرموز بالمدينة والجهة الشرقية ككل. ويكاد أن ينال عطف شريحة جد عريضة من الساكنة وهو الأمر الذي ليس من السهل اكتسابه.
هكذا صنع “بعيوي” اسمه وسمعته في تقاطع مع نخبة سياسية تنتظر هفواته. لكن دخوله أعمال السياسة هو فرصة ودرس أخلاقي لأثرياء البلد أن يدخلوا غمار السياسة لخدمة الصالح العام وتوظيف إمكاناتهم الخاصة لصالح الفقير.. بهذا كان نموذجاً وفاعلا اجتماعيا يحمل هموم الساكنة على طول السنة كما يسخر كل مؤهلاته لذلك، وليس كائنا انتخابياً يوظفها قبيل الانتخابات، ويمكننا الزعم أن الثراء والسلطة يصنعان الطغاة ولكن “بيعوي” كان استثناء.
يزعم الكثيرون عن تراجع الجهة الشرقية من نواحي عدة، لكنهم يتناسون أنه جاء رئيساً للجهة في ظروف صعبة تتجلى في إغلاق الحدود والركود الاقتصادي، وهذا مشكل دولة بأكملها ينبغي أن تتكاثف فيه جميع الجهود. وهو ما يجب على “بعيوي” أن يجتهد فيه لجلب استثمارات حقيقية بغية تخفيف الأضرار الاجتماعية وعلى رأسها البطالة.
السياسي “بعيوي” يقدم نفسه كنموذج سياسي متخلق يعمل بجد معتمدا على البساطة والاحترام لكافة فرقائه السياسيين، فهو يتواصل بلباقة وخطاب هادئ ومتحضر، يحاول ما أمكن تجنب الصراعات والمشاحنات، كما تجده دائم الابتسامة وعلى محياه البهجة وهو ما يفتقده العديد من السياسيون.
قد لا يكون “بعيوي” محط إجماع وهذه طبيعة المجتمعات المعاصرة وطبيعة البشر أنفسهم، وقد يشكك المغرضون في نوايا الرجل وما يطلع عليها إلا الله تعالى، ولا أحد من الخلق قد شق على قلبه، لكن تحركاته على أرض الواقع ونجاحه المبهر كمقاول شاب وفاعل جمعوي وسياسي طموح لا أحد يزايد عليها. فحياة عبد النبي بعيوي مليئة بالانتصارات والنجاحات لكنه يريد أن يترك بصمة طيبة يتربع من خلالها على قلوب الوجديين..
محمد طاقي
فاعل جمعوي

مقالات ذات صلة

‫2 تعليقات

  1. رجل بما تحمله الكلمة من معنى .. اعتمد على نفسه في تكوين مقاولاته وتسييرها ..وفي بناء شخصيته السياسية و الجمعوية ا .. من تواصل مستمر مع جميع أطياف المجتمع .. أعتبره شخصيا أحد أبرز الوجوه الصادقة ورجل ثقة من أجل مستقبل زاهر للجهة الشرقية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى