أعمال شيطانية.. “الجن” يحرق بالجديدة “فيلا” قاض بمحكمة النقض

ثمة أمور يعجز العقل أن يفسرانها واقعيا وعلميا ومنطقيا، وتعجز حتى الأبحاث والتحريات التي التي يباشرها ذوو الاختصاص التقني والعلمي والإجرامي عن فك لغزها المحير. ومن تلك الأمور حرائق أتت على منازلين بعاصمة دكالة.

فبعد أن أتت النيران، منذ 3 سنوات، في ظروف غامضة على شقة سكنية بحي المجاهد العياشي، ها هي النازلة ذاتها تتكرر دائما في عاصمة دكالة، لكن في وقت ومكان متباعدين.

فقد اندلعت النيران، السبت الماضي، في “فيلا” بحي جوهرة، يملكها الأستاذ (علال باحبيبي)، قاضي سابق باستئنافية الجديدة، ويشغل حاليا منصب رئيس وعضو الغرفة الجنائية لدى محكمة النقض بالرباط.

وحسب شهادات عائلة القاضي، فإن هذه هي المرة ال5 في أقل من شهر، تندلع فيها النيران داخل ال”فيلا”، دون أن تكون ثمة أساب مادية. ففي ال28 دجنبر 2017، احترق للمرة الثانية دولاب المطبخ (بلاكار). وفي اليوم الموالي للنازلة الغريبة، ال29 من الشهر نفسه، تكرر احتراق دولاب آخر في المطبخ. وفي ال02 يناير 2018، اندلعت النيران في غرفة وفي المطبخ.

وعقب هذه النازلة، التي سجل القاضي بشأنها شكاية لدى النيابة العامة، قام بإصلاح ال”فيلا”، وتجهيزها وتأثيثها. وقد ظن وأسرته أن الأمر أصبح كابوسا من الماضي، سيما بعد مرور أسبوعين عن آخر حريق.. قبل أن يتفاجأ أفراد عائلته، صباح السبت الماضي، عندما كانوا يتناولون وجبة الفطور بالطابق السفلي، باندلاع حريق في صالون الطابق العلوي. وبعد محاولتهم إخماد النيران، فوجئوا باندلاعها بشكل متزامن في جميع غرف الطابق العلوي. ما أجبرهم على مغادرة الإقامة على وجه السرعة، للنجاة بحياتهم.

وقد أتت النيران كليا على جميع محتويات الغرف، بما فيها مكتب القاضي، الذي يضم ملفات جنائية من العيار الثقيل، لجرائم خطيرة، مازالت متداولة أمام الغرفة الجنائية بحكمة النقض. وما يثير حقا للغرابة والاستغراب أن دورات المياه التي تعرضت للاحتراق، كانت مغلقة الأبواب، وظلت وضعيتها سليمة.

وعلمت الجريدة أن الحريق الذي أتى على إقامة القاضي، قد كبده خسائر مادية جسيمة، قدرت، حسب الخبرة، بحوالي 30 مليون سنتيم.

هذا، وقد عجز ذوو الاختصاص من الشرطة العلمية والتقنية لدى المصلحة الإقليمية للشرطة القضائية بأمن الجديدة، والتي انتقلت، السبت الماضي، إلى مسرح النازلة، عن إيجاد تفسير واقعي ومنطقي للحريق، في غياب أي دليل مادي أو .. بفيد بكون ما حصل كان عملا إجراميا مدبرا.. إلا أن الأمر قد يكون كذلك، أي أن الحريق كان بفعل فاعل، وعلى خلفية الانتقام، وذلك باللجوء إلى أعمال شيطانية، وإلى السحر والشعوذة، وتسخير الجن، كما في “السحر الأسود” (la magie noire)، عند “الفودو”.

وبالمناسبة، فان هذه النازلة تشبه نازلة ماثلة، وقعت أطوارها الغريبة، منذ 3 سنوات، في شقة سكنية بالطابق العلوي، بحي المجاهد العياشي بالجديدة. حيث عمد مالك المنزل، بعد تكرار الحرائق دون أسباب تذكر، والتي وأتت كليا على محتوياته، إلى الاستعانة بخدمات مجموعة من الرقاة الشرعيين. ما جعل الحرائق تتوقف نهائيا، وتصبح ذكرى أليمة من الماضي.

هذا، وتبقى الأعمال الشيطانية من سحر وشعوذة، الوسيلة الوحيدة التي قد تفسر، بعيدا عن العقل والمنطق، تلك الحرائق التي اندلعت في ظروف غامضة، في إقامة القاضي، الأستاذ (علال باحبيب).

للإشارة، فإن إقامة الضحية، القاضين الكائنة بحي جوهرة بالجديدة، كانت عرضة، سنة 2015، عندما كان وأسرته في رحلة سفر خلال العطلة، للسرقة الموصوفة.

وقد تقدم الضحية، القاضي، بشكاية في الموضوع، يجهل مآلها، والإجراءات التي اتخذتها بشأنها الضابطة القضائية لدى المصلحة الإقليمية للشرطة القضائية بأمن الجديدة.. شأنها في ذلك شأن شكايات مماثلة.

فإذا كانت شكايات مستشار قضائي، الذي يشغل منصب رئيس وعضو غرفة جنائية بمحكمة النقض بالرباط، ضاعت منه ملفات جنائية من العيار الثقيل، في حريق مجهول المصدر، يوجه الاتهام فيه إلى “الجن”، حتى تثبت براءته.. تواجه بالتماطل والتسويف.. فكيف سيكون التعامل مع شكايات البسطاء من المواطنين وعامة الشعب ؟!

هذا، وعلى إثر الحرائق التي تستهدف القاضي (علا ل باحبيبي)، أصدر “المكتب الجهوي للودادية الحسنية للقضاة بالدار البيضاء” بلاغا مذيلا بتوقيع الأستاذ محمد رضوان، رئيس المكتب الجهوي، هذا نصه:

“تلقى المكتب الجهوي للودادية الحسنية للقضاة بالدار البيضاء، بكل أسى خبر تعرض الأستاذ علال باحبيبي، المستشار بمحكمة النقض، لاعتداءات جرمية، همّت سرقة منزله لعدة مرات، وإضرام النيران به، آخرها بتاريخ: 21/01/2017، والتي نجم عنها احتراق المنزل بالكامل، وذلك على الرغم من تسجيل شكايات في الموضوع أمام الجهات المختصة، والتي ظلت نتيجة البحث فيها بدون جدوى لحدّ الساعة، بعدما لم يتم الاهتداء للفاعل، بمرّر تأخر نتيجة البصمات المرفوعة من مسرح الجريمة.

وبناء على الأهداف المنوطة بالودادية الحسنية للقضاة، كجمعية قضائية مهنية بمقتضى قانونها الأساسي ونظامها الداخلي، والمحددة أساسا في السهر على احترام كرامة القضاة، وضمان حقوقهم ومصالحهم المهنية، والدفاع عن كل ما يمس بها، وصيانة حرمة القضاء، وتعزيز استقلالية السلطة القضائية، والدفاع عنها وحمايتها من كل ما قد ينال من سمعتها وكرامتها، ضمانا لحقوق الأشخاص وحرياتهم؛

تقرّر بعد اجتماع المكتب الجهوي للودادية الحسنية للقضاة بالدار البيضاء، بمقره الاعتيادي: بتاريخ: 22/01/2017، وتداوله بكافة أعضائه، ما يلي:

يعرب المكتب الجهوي عن تضامنه المطلق مع شخص الأستاذ علال باحبيبي، المستشار بمحكمة النقض، إزاء الفعل الجرمي الذي طال بكل سفالة حرمة منزله، وممتلكاته الخاصة، واستعداده عبر جميع أعضائه لتقديم كافة أشكال الدعم والمساعدة المطلوبة، لتجاوز هذه الأزمة.

يؤكد انه إن كانت من أوكد واجبات القاضي، هي حماية حقوق الأشخاص والجماعات وحرياتهم وأمنهم القضائي، وتطبيق القانون، طبقا للفصل 117 من الدستور، فمن باب أولى أن يتم حماية حقوق القاضي نفسه وحريته وامنه القضائي، متى تمّ المس بها والاعتداء عليها.

يدعو السلطات المختصة انطلاقا من واجب الدولة في حماية القضاة، وفق مقتضيات القانون الجنائي والقوانين الخاصة الجاري بها العمل، مما قد يتعرضون له من اعتداءات، أيا كانت طبيعتها، أثناء مباشرة مهامهم أو بسبب القيام بها، طبقا لمقتضيات الفصل 39 من القانون التنظيمي رقم: 106.13، المتعلق بالنظام الأساسي للقضاة، إلى تحمل مسؤولياتها في التدخل العاجل والمباشر :

أولا، لضمان الحماية الفورية للقاضي المعني وأسرته، من أي اعتداء جرمي جديد قد يطاله، والذي لا يعلم حقيقة خلفياته وأبعاده، خاصة وأن القاضي المجني عليه، يمارس مهامه كمستشار بمحكمة النقض،

ثانيا، لضمان إجراء بحث ناجع وفعال، وتقديم الجاني أو الجناة في أقرب وقت أمام العدالة، لينالوا جزاءهم القانوني.

أن المكتب الجهوي للودادية الحسنية للقضاة بالدار البيضاء شكل لجنة من طرف أعضائه لمتابعة الموضوع عن كثب، وإطلاع رئيس المكتب الجهوي بكافة المستجدات في حينه، حتى يتسنى اتخاذ المتعين قانونا في الإبان المناسب”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى