خطاب المسيرة يؤكد على نهج التنمية في أقاليم الصحراء المغربية
&
الكاتب : د محمد ياوحي، أستاذ جامعي.
في الخطاب الملكي بمناسبة ذكرى المسيرة الخضراء التاريخية حمولات سياسية و اقتصادية و اجتماعية و تنظيمية وجب الوقوف عندها.
أكد جلالة الملك أن قضية الصحراء المغربية هي قضية تلزم الدولة المغربية و على رأسها المؤسسة الملكية بشكل لا رجعة فيه و لا يقبل المساومة أو الإبتزاز من أي كان. فالمملكة المغربية قدمت كل ما يمكن تقديمه من واقعية في الحلول و حسن النوايا ، و انخرطت دون هوادة في تنمية المناطق الجنوبية و الإستثمار في البنية التحية الاقتصادية و الإجتماعية و الإنسانية حتى تمكن المواطن الصحراوي من العيش الكريم و إمكانية تثمين الثروات المحلية في إطار مشروع حكم ذاتي واقعي و ذي مصداقية، مقارنة مع مناورات الخصوم الواضحين و المتسترين تحت مظلات حقوقية أو مؤسساتية، و آخرها المحكمة الأوروبية التي حاولت ابتزاز المغرب في قضيته الوطنية الأولى دون وجه حق، و دون احترام لالتزامات مجموعة من الدول التي ترتدي أقنعة مختلفة حفاظا عن مصالحها الإقتصادية و السياسة.
و تصادف ملحمة المسيرة الخضراء الملهمة، التي التحم فيها الشعب المغربي و الدولة و المجتمع المدني و القوى السياسية تحت قيادة المرحوم الحسن الثاني ، تصادف انتخاب الرئيس الأمريكي السابق ترامب رئيسا لولاية ثانية على رأس أقوى دولة سياسيا و اقتصاديا و تأثيرا في مجريات الساحة السياسية الدولية. و لقد وجه جلالة الملك رسالة تهنئة للرءيس الأمريكي “ترامب”، الذي كان واضحا و منصفا في موقف الولايات المتحدة الأمريكية من قضية الصحراء المغربية، و الذي عرفت في عهده العلاقات بين البلدين قمة التعاون و التنسيق المشترك كما جاء في رسالة الملك .
و بكل أريحية و صراحة و براكماتية و سعة نفس و أصالة مغربية و احترام للجوار، عرض جلالة الملك على جيراننا الذين يمنون النفس بمنفذ على المحيط الأطلسي، أن يساعدهم على تحقيق هذا المبتغى الذي أنه من المؤكد، يدفعهم للمناورة و التحريض و تسخير مقدرات الشعب الجزائري الشقيق في معاكسة المغرب و ابتزازه و محاولة النيل من سيادته على أراضيه التاريخية الطبيعية و معاكسة توجه المملكة في نشر السلم و التنمية المستدامة و التعاون و التعاضد بين دول افريقيا جنوب الصحراء، عرض عليهم تمكينهم من واجهة بحرية على المحيط الأطلسي ، و هذا العرض يشكل آخر ما يمكن للمغرب أن يقدمه لحكام الجزائر حسب فهمي للخطاب الملكي الذي كان صارما و واضحا و حاسما مع أي كان ، و مهما بلغت قوته الإقتصادية أو السياسية أو العسكرية.
و نستحضر هنا زيارة رئيس الجمهورية الفرنسية للمغرب و كيف أقر بسيادة المغرب على صحراءه و أن أي حل لقضية الصحراء لن يخرج عن نطاق السيادة المغربية ، و هذا الموقف لا يمكن لأحد أن ينكر أنه جاء نتيجة لصرامة جلالة الملك فيما يخص الحلفاء السياسيين و الإقتصاديين للمغرب، حيث وضع جلالته موقف الشركاء من قضية الصحراء المغربية كمحدد لا ريب فيه و لا مزايدة كيفما كان حجمهم أو وزنهم السياسي أو الإقتصادي.
من جهة أخرى ، فلقد قرر جلالة الملك أن يتبنى شخصيا إدماج مغاربة العالم عن طريق “المؤسسة المحمدية للمغاربة المقيمين بالخارج” ، بعد تعثر جميع المبادرات التي أطلقها و شدد عليها لكي تحظى الجالية المغربية ، و التي تعتبر خط الدفاع المتقدم من أجل الترافع على القضية الوطنية. و ذكر جلالته بدور مختلف المؤسسات بالمساهمة الفعالة في تأطير الجالية المغربية المقيمة بالخارج ،دينيا و أخلاقيا و سياسيا و مجتمعيا ، حتى تسهل عملية انخراط هذه الفئة الوطنية المواطنة الملكية في مختلف المشاريع الإقتصادية و الإجتماعية و السياسية للمملكة المغربية.
من جهة أخرى ، جلالة الملك يعيد التأكيد على دور الإدارة و القضاء في تسهيل استثمارات الجالية المغربية و ضمان حقوقها ، و لقد سبق لملك البلاد أن نبه الإدارة المغربية إلى ضرورة التعامل المرن و السلس الذي يأخذ بعين الإعتبار إكراهات الجالية فيما يخص تواجدهم الضيق بالمملكة خلال العطل القصيرة ، لهذا أعطى جلالة الملك تعلمياته الإسراع برقمنة الخدمات الإدارية الموجهة لجاليتنا بالخارج، و تسهيل استثماراتهم بالمملكة و مواكبتها و تحفيزها.
و ننتظر من الحكومة التفاعل السريع و الإيجابي مع تعليمات رئيس الدولة جلالة الملك حفظه الله و رعاه، و تنزيل خطابه في أحسن الظروف و الآجال، خدمة للصالح العام للمملكة و التلاحم اللامشروط بين مختلف مواطني المملكة، من الشرق الى الغرب و من الشمال إلى الجنوب ، في انسجام تام مع مغاربة العالم الذين بذلوا أموالهم و أبنائهم و حياتهم للدفاع عن ثوابت الوطن و المملكة المغربية الشريفة.