طنجة…فنانون وصحافيون وحقوقيون يشرحون واقع حرية التعبير بالمغرب‎

حتضنت مدينة طنجة مساء اول الأمس الجمعة 8 يونيو من الشهر الجاري، ندوة سياسية حول “حرية التعبير بالمغرب بين النص الدستوري والواقع”، إذ ساهم في مقاربة الموضوع كل من الفاعل الحقوقي “عزيز إدامين”، والمخرجة المسرحية “نعيمة زيطان”، والكاريكاتير عبد الغني الدهدوه، والصحفي “رشيد البلغيثي”،

هذا وقد وجه المشاركون في الندوة المنظمة من طرف حركة الشبيبة الديموقراطية التقدمية والحزب الاشتراكي بطنجة، انتقادات قاسية لواقع حرية التعبير بالمغرب، إذ أجمعت جل المداخلات، على أن الممارسة الدستورية بعيدة كل البعد عن النص الدستوري على علاته، وأن الأفق في ظل التحولات التي يشهدها المغرب هو الإجهاز على حرية التعبير .
هذا وقد اعتبر الفاعل الحقوقي “عزيز إدامين” أن “مجموعة من الحقوق التي جاء بها دستور سنة 2011 تم التضييق عليها عبر القوانين التنظيمية”، مدكرا ببعض النماذج مثل قانون “الحق في المعلومة” على حيث نجد فيه من التقييدات ما يجعلنا نصل إلى وصفه بـ “قانون لمنع الوصول إلى المعلومة”، مشيرا إلى أن “هناك أيضا نصوص دستورية تنظم التوقيع على العرائض، لكن عندما ندقق في القوانين المنظمة للعرائض، سنجد أنفسنا وكأننا أمام قانون تنظيمي لمنع العريضة”.

وأضاف نفس المتحدث أن “الفصل 19 من دستور 96 ، لا زال قائما في دستور سنة 2011″، موضحا أن الذي “حصل هو أنه تم تفكيكه فقط بتقنية عالية، صحيح لم يبقى لدينا الفصل 19، لكن في المقابل أصبح للدولة مجال استراتيجي تتحرك فيه كما تشاء”، مؤكدا على أن “القوانين التنظيمية التي جاءت في ما بعد وسعت من المجال الاستراتيجي بشكل كبير”.

من جهتها اعتبرت المسرحية نعيمة زيطان ” أن الفن لا يعتبر امر أساسي عند المواطن المغربي فهو يمكن أن لا يشاهد فلم لعام، كما يمكنه أن لا يقرأ كتاب لعامين”، ومن وجهة نظر المتحدثة “فالاحتياج للثقافة والفن بالمغرب نسبي”، متسائلة أن هذا الأمر ممكن جدا أن يكون قد تم ترسيخه من أجل إبعاد الفن عن المجتمع وهذا نقاش آخر”.
وأكدت زيطان أن “هذه الطريقة لا يمكن للفن أن يكون من خلالها مزعجا، ولا يمكن لجهة معين أن تخاف منه كوسيلة للتعبير “.

وأوضحت الفنانة التي سبق وأن منعت العديد من أعمالها أن “هناك رقابة تمارس بطريقة غير مباشرة، فمهرجان طاطا على سبيل المثال، غير مرغوب فيه، ويجب أن يقبر في تجربته الأولى قبل أن يتطور، وكما حدث مع مسرحية “ديالي”..”، معتبرة أن “مسوغات المنع تختلف، لكن النتيجة واحدة، إما محاربته اقتصاديا أو أخلاقيا والخطير هو استعمال الوازع الأخلاقي لتبرير المنع”، تقول زيطان.

أما الفنان الكاريكاتوري عبد الغني الدهدوه فقد قال “إذا كان الكاركاتور سيتناول مشكلة الأسعار والقفة، فلا حرج في ذلك، فأنت رسام بالنسبة للسلطة، لكنه يزعجها إذا تطور ومر إلى المجال السياسي”، معتبرا أن “أي بلد لا يوجد فيه رسامين، ينتقدون المجال السياسي هو بلد بعيد عن هذا الفن الراقي بالمفهوم الصحفي”.
وشبه المتحدث الفن الكاريكاتوري في الدول الديمقراطية “باللاعب الذي سيقذف كرة الخطأ، نحو الشباك دون حائط اللاعبين، في حين في الدول التي لا تقبل هذا الفن فإنها تضع حائطا طويل من اللاعبين، أمام اللاعب الذي سيقذف حتى لا يصوب مباشرة نحو الشباك”.
ومن مميزات هذا الفن يقول الدهدوه أنه يتوفر على العديد من المميزات، أبرزها النقد والسخرية”، مشيرا إلى أنه “من سوء الحظ أنهما متلازمان، فلا يمكن فصل النقد عن السخرية، مع العلم أن الدول المتخلفة، لا تقبل أي واحدة منهما فالسلطة تعتبر نفسها فوق النقد، أما السخرية فهي تعتبرها كارثة عظمى”.
وتساءل الفنان، لماذا ترفض السلطوية النقد؟ ليجيب، “لأن مشكلة المواطنة لم تحل عند الدول السائرة في طريق النمو، خاصة وأن رجل السلطة يعتبر نفسه سوبير مواطن، أي فوق المواطنة”، وأضاف ساخرا “أنت كرسام ليست لك مواطنة، لا حق لك في الانتقاد”، مشيرا إلى أن “السخرية تتجاوز مسألة النقد، هي سلاح حقيقي هدام، ولكن الهدم الذي نقصده هو الذي يتبعه إعادة الإعمار”.
اما المحلل السياسي والصحفي رشيد البلغيتي فقد اكد ان الوثيقة الدستورية هي وثيقة تعاقد اجتماعي بين الحاكم والمحكوم، الا انه اعتبر أن ” كل التجارب الدستورية السابقة وبما فيها تجربة 2011، لم تنتصر لفكرة التعاقد”.

البلغيتي أكد أيضا ن دستور 2011 والذي طالبت به حركة عشرين فبراير، لكي يكون دستورا ديمقراطيا يدفع باتجاه الملكية البرلمانية، فإن الدولة رأته فرصة ليس لتدشين الانتقال الديمقراطي، ولكن لضمان سلم اجتماعي مؤقت وتهدئة الشارع.

وقال البلغيتي ان السلطة قامت بتقديم دستورا ساردا للحريات باختلاف أشكالها، وليس ضامنا لها.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى