ما زال الخصم الرياضي في ثقافتنا العربية عدوا غاشما !

نموذج مباراة نهائي دور أبطال أوروبا

 

تابع العالم أجمع وعبر وسائل عديدة المباراة النهائية لدوري أبطال كأس أوروبا ، بين الفريقين ليفيربول وريال مدريد ، والتي حبلت بعدة أحداث ووقائع مدوية ؛ شهدها الملعب الأولمبي بالعاصمة الأوكرانية كييف ، لعل من أبرزها احتكاك اللاعبين محمد صلاح عن ليفيربول وسيرجيو راموس عن ريال مدريد ، في صراع على الكرة أفضى إلى سقوطهما أرضا ، تعرض خلالها المصري صلاح لرضوض حادة في كتفه اليسرى ، أرغمته ـ رغم الإسعافات الأولية ـ على مغادرة الملعب بعد حين ، وهو ينتحب بدموع حارقة أمام أنظار الجمهور الإنجليزي الذي امتلأت به معظم مدرجات الملعب ، لم يستسغ طعم الحادث الذي كان إيذانا بتحول في مجريات المباراة ؛ انتهت بتتويج الفريق الملكي للمرة الثالثة عشرة بطلا لدوري أبطال أوروبا 2018 .

لن أخوض في دقائق وتفاصيل المباراة أو محاولة تحليلها ، فهذا لأهل الاختصاص ، لكن سأقف فقط عند حادث إصابة اللاعب المصري محمد صلاح وردود الفعل العالمية والتعليقات النارية التي أعقبتها خصوصا الصادرة منها من المشاهد العربي المصري .

 

أخلاقيات المنافسات الرياضية

 

من خلال الأجواء الرياضية الحميمية والودية الصرفة التي تعم اللاعبين قبل وبعد وخلال إجراء المباريات ، يمكن القول بأن اللاعب أو الرياضي ؛ بصفة عامة ؛ قد قطع أشواطا كبيرة على درب المنافسة الشريفة ، وفي آن واحد قطع مع كل الأساليب والأخلاقيات المواكبة للمنافسات القديمة ، والتي كانت تعتبر الخصم الرياضي بمثابة عدو شرس وغاشم ، يجب النظر إليه بصورة إقصائية و” حقيرة ” ! .. لكن بالنسبة لبعض الشعوب التي ما زالت ترزح في غيابات الجهل ؛ والعرب ليسوا ببعيد عنها ؛ نلاحظ أن المنافسة الرياضية بين الطرفين أو الفريقين ؛ في أعينها ؛ مرادف للخصومة والعداء والإقصاء … تأخذ أساليب شتى في التعبير عن مخبوءاتها إما بالسباب أو قذف لاعب معين بوابل من الشتائم أو رميه بعبوات فارغة … بالرغم من الإجراءات الأمنية وسط الجمهور .

 

سقوط صلاح والردود المصرية

 

لاحظنا أن الجماهير بمصر ؛ في قسم كبير منها ومعها الميديا ؛ ذهبت بها عواطفها الهوجاء حدا بعيدا ، فراحت تكيل للاعب الإسباني راموس أقذع العبارات وأشنع الأوصاف والمس بأمه وأسرته … بل وقادتها نذالتها إلى استعداء المغاربة ضده ، فسربت رقم هاتفه لإغراقه في مزيد من السباب والتشنيع ، وتهديده في حياته إذا هو أقدم ؛ في المونديال القريب ؛ على محاصرة لاعب مغربي !

ومما يدعو إلى الأسى أن اللاعب راموس ؛ المستهدف في هذه الحملة الإعلامية الشعواء ؛ واجه هذه الزوبعة بتغريدة له على التويتر ” .. يتمنى للاعب المصري صلاح الشفاء العاجل والعودة إلى الميادين الرياضية ” ، معبرا في ذات الوقت عن أسفه للحادث والذي  اعتبره ” خاصية من الخاصيات التي تتميز بها لعبة كرة القدم ، والتي لا يمكن للاعب مهما كان حجمه أن ينجو منها ..”

 

داخل الملعب وعقب انتهاء المباراة

 

لوحظ هيمنة روح رياضية عالية بين اللاعبين في كلى الفريقين في شكل مصافحات ودية وعناق وطلب صفح ممن صدرت منه خشونة تجاه الآخر أو أخطاء كحارس ليفيربول الذي شاركه عواطفه العديد من اللاعبين … وكأن نهاية المباراة ؛ قبل مراسيم  التتويج ؛ نسجت لوحة رائعة بتسامي الروح الرياضية والمنافسة الشريفة العالية بعيدا عن الأحقاد والنوايا العدوانية المبطنة ، كما الحال في جل الميادين الرياضية العربية .

 

 

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى