هل حداثة ” البام ” ترعب أصولية ” البيجيدي” ؟؟؟

في كل مرة ينتخب رئيس جديد لحزب الاصالة والمعاصرة، إلا وتجد تصريحات أولية من حزب العدالة والتنمية، ليس من أجل تهنئة الرئيس الجديد، ولكن من أجل تصغيره  والتشكيك في قدرته التنظيمية وحجمه الشعبي.

مباشرة بعد انتخاب حكيم بنشماس رئيسا جديدا لحزب البام خلفا لالياس العماري، بدأ البيجيديون ” يوشوشون” لبعضهم أنه مهما تغيرت قيادة البام، فالمنهج واحد، وهذا يمتد لصراع غير بعيد المدى بين سعد الدين العثماني الامين العام ل ” البيحيدي” وحكيم بنشماس في رئاسة مجلس المستشارين.
وما اعقبها من صراعات خفية وظاهرة لعدد من قيادات البام إبان مؤسسه فؤاد عالي الهمة وحمل شعارات ضده سنة 2011 ابان ظهور حركة عشرين فبراير.

ماهي طبيعة الصراع بين المصباح والجرار ؟؟؟

من الاكيد أن الرأي العام الوطني بمثقفيه ومتتبعيه للشأن السياسي، أو تساؤل سبطرحونه هو طبيعة الصراع  بين حزبي الأصالة والمعاصرة والعدالة والتنمية. وهو تساؤل بقدر ما يعلن الرغبة في فهم الخلفيات والأسباب الحقيقية للتوتر السياسي الذي يستحوذ على مساحات مهمة من الفضاء الإعلامي ببلادنا، ويسم المشهد الحزبي بغير قليل من العنف اللفظي، ومن المواجهة المباشرة أحينا ليكون السؤال المباشر هو هل المواجهة بين العدالة والتنمية والأصالة والمعاصرة هي مواجهة سياسية، أو صراع تحكمه خلفيات إيديولوجية تفسر إلى حد بعيد درجات الصدامية المباشرة في المشهد السياسي، مما يصوغ عمليا إمكانية الحديث عن الصراع بين مشروعين سياسيين، لهما مستندات ثقافية وإيديولوجية متناقضة ؟

مما يعني بأن الصراع ليس سياسيا ، بل إيديولوجيا في الجوهر، يهم طبيعة النظر في منظومة تشكل وبناء الدولة ، وأنماط التحديث المجتمعي، وقضايا الهوية،والمسألة الدينية، وحقوق الإنسان، والنموذج الثقافي..ناهيك عن سؤال المشروعية السياسية في علاقتها بالمسألة الديمقراطية، وأسس تدبير الاختلاف السياسي، وقواعد الترسيخ الديمقراطي.

ولأن بعض الآراء تذهب إلى القول بأن السياسة قد تجمع الحزبين ذات يوم ما دام أن منطق السياسة لا عدو فيه دائم ولا صديق دائم ، ولأن حزب العدالة والتنمية يشتغل في رقعة ” الأصالة “بادعائه ” المرجعية الإسلامية” ، وهي مساحة مشتركة مع  أصالة البام.

الحرب العلنية ل ” البيجيدي” ضد البام وتجلياتها 

شن “سعد الدين العثماني”، الأمين العام لحزب العدالة و التنمية هجوماً على “حكيم بنشماش”،  الرئيس الجديد لحزب الأصالة والمعاصرة  وذلك بعد أن صرح الأخير في وقت سابق أنه لن يتحالف مع “البيجيدي”، إذا تولى رئاسة حزب “الجرار” خلفاً لإلياس العماري.

وأكد “العثماني” على هامش الإجتماع العادي للجنة الوطنية لحزب العدالة والتنمية المنعقدة السبت 26 ماي الجاري، أن التحالف مع الأغلبية الحالية مستمر والميثاق الذي تم يا موجود لحل الإشكالات والإختلافات بينها.

وأوضح العثماني رداً على كلام “بنشماش”، أنه لا تحالف سيجمع بين حزبه والأصالة والمعاصرة لا حالياً ولا مستقبلاً مشيراً إلى أن “المبادئ والقواعد التي اتفقنا عليها مازلنا مستمرون فيها ولم نقل سرا ولا علنا بأننا سنتحالف مع هذا الحزب وبالتالي فهي حملة انتخابية ولكن حزبنا صامد على طريقه و لن نحيد على الأسس والقواعد التي اتفقنا عليها”.يقول العثماني.

وفي سياق آخر يحلو لزعماء البيجيدي ومناصريهم أن يطلقوا أوصافا ضد خصمهم السياسي “الأصالة والمعاصرة” لمحاولة تصويره لدى الرأي العام بأنه حزب ضد ” الدين” ، وجاء لتجفيف منابع الإسلام”، حسب ما ادعاه رئيس الحكومة السابق  عبد الالاه بنكيران، وأنه ” حزب شيطاني ” و ” علماني”(بالمعنى الذي يفيد من منظور العدالة والتنمية وإيديولوجيته الدعوية أن العلمانية تعني الكفر،و معاداة الدين، والتشكيك في إسلامية المجتمع والدولة)، وأن مشروعه خطر على البلاد…الخ.وهذه التوصيفات والأحكام، لا تشتغل طبعا بدون خلفيات إيديولوجية لأن العدالة والتنمية يعرف جيدا بأن المشروع السياسي للبام لا يعادي الدين الاسلامي ، ولكنه يحارب فكرة استغلال الدين في السياسة ، و”خونجة” المجتمع والدولة، وهذا هو المشروع الايديولوجي لحركات الإسلام السياسي بمختلف تلاوينها.وبالتالي، يختار الحزب الاسلاموي خوض المعركة السياسية من بوابة الهوية والأخلاق ، لأنها من منظوره معركة رابحة تمكنه من ربح مساحات مهمة في الرقعة السياسية، على اعتبار أن ” شيطنة” البام او غيره من الاحزاب الاخرة  من بوابة المسألة الهوياتية قد يعفيه -مؤقتا- من الإجابة عن قضايا التأهيل الاقتصادي،والحكامة التدبيرية، والتنمية الاجتماعية لفائدة الايديولوجية العقديةالذي تنعش المشروعية السياسية لحزب يغذي قاعدته الجماهيرية والانتخابية من مجموع المؤسسات الدعوية والاحسانية والخيرية، ومن مجموع المعارك التي يحركها، أو يستغلها في قضايا يحلو له الاشتغال بها- وعليها باعتبارها الحطب الإيديولوجي لمشروعه السياسي. ولنا أن نستحضر مثلا كيف تحركت الآلة الدعوية للعدالة والتنمية ،بأذرعها المختلفة، في قضايا تشريعية أو مجتمعية أو ثقافية لتجييش المجتمع من قبيل ما سمي ب ( دفاتر تحملات الإعلام السمعي البصري، أو زواج القاصرات،أو تعدد الزوجات، أو الإجهاض،أو المساواة، أو شرطة الأخلاق واللجن الشعبية ، أو قبلة الناضور، أو”صاية انزكان، أوفيما يتعلق بتنظيم بعض المهرجانات الفنية، أوبعض الأعمال السينمائية او حملة مقاطعة بعض منتوجات الشركات…الخ…وكلها قضايا كشفت طبيعة التمثلات الثقافية، والفكرية للمشروع السياسي للعدالة والتنمية. وهو مشروع  ايديولوجي يقوم على تصور خاص للمسألة الهوياتية،ينظر إليها من زاوية أصولية محافظة، تعاكس تطور التاريخ، وتنظر إلى قضايا  الدين،والمجتمع، والتشريع، والثقافة، والفنون، من مداخل ماضوية تعتبر السلف الصالح، والتراث أمورا مقدسة تستوجب تنميط المجتمع وفق أحكام العدالة والتنمية…وهو ما يخالف ايديولوجية الأصالة والمعاصرة، حيث لا تعني الأصالة المنظور الأصولي ،  بل الهوية المتجددة، والمنفتحة على مستلزمات التحديث.ومن ضمنها تبني قيم العقل، والاجتهاد ، والانفتاح ، والتقدم.هنا تفترق أصالة البام عن اصولية البيجيدي.

قال أحد الباحثين المغاربة المختصين في الفكر السياسي المغربي ، بأن أصولية العدالة والتنمية تعتبر بأن معالجة قضايا المجتمع تتطلب العودة إلى الأصول لأنها تمثل الحقيقة والصفاء،وتدعو المجتمع إلى الاحتراز من كل مظاهر الحداثة، والتطور.وتسيد خطابات مناهضة للدولة المدنية، وأسس الفكر العقلاني، ومظاهر التحديث.وتحكم على أنماط الثقافات المختلفة ،وعلى الفنون، والآداب،والفكر،والفلسفة انطلاقا من معايير اخلاقية ، قيمية محافظة.وهي تتبنى فهما وتأويلا وتفسيرا ضيقا للنص، وترفض أي اجتهاد، أو قياس عقلي للإجابة عن اكراهات ومتطلبات الواقع. من هنا تعتبر أصولية العدالة والتنمية شكلا متطرفا في التعبير عن الهوية أو الخصوصية. وتسعى، من بوابة السياسة إلى فرض نموذج معين من التدين.ومن بوابة المؤسسات إلى فرض نموذج الدولة الدينية.

فيما تعتبرالهوية من منظور الأصالة والمعاصرة ،بحكم انتصاره لنموذج الدولة المدنية،  ” منظومة متحولة، ذات أبعاد تاريخية.لا تعيد إنتاج الأنماط السائدة بالضرورة، بل تعمل على تشكيل وإعادة بناء منظومات جديدة  من وجهة نظر التحولات الاجتماعية المطلوبة.” كما يعتبر” الثقافة إرثا جماعيا لتحرير الأفراد، وليست أداة لتسييد إيديولوجية عقدية لإحكام السيطرة على المجتمع والدولة،أو فرض نماذج للاستيلاب الفكري”.

وفي ذات السياق،تعتبر المسألة الحقوقية احدى المجالات التي يحتد فيها الصراع الايديولوجي باختلاف المرجعيتين.فإذا كان حزب العدالة والتنمية يحتاط من كونية حقوق الإنسان، ويعتبرها بوابة الشرور المجتمعية لأنها من منظوره تتعارض مع خصوصية المجتمع المغربي، ومع التعاليم الدينية، فان حزب الأصالة والمعاصرة ينتصر للبعد الكوني لحقوق الإنسان ولضرورة الربط الموضوعي بين متطلبات الترسيخ الديمقراطي، وحقوق الإنسان، وضرورة تسييد مبادئ المساواة، وعدم التمييز،وتعزيز الحماية القانونية والمؤسساتية لحقوق النساء،وإعمال الآليات الكفيلة باحترام واعتماد مقاربة النوع.

مقالات ذات صلة

‫6 تعليقات

  1. لا خير في كليهما..الحزب الوحيد الذي نثق فيه اليوم هو الشعب المتضامن على مواقع التواصل الاجتماعي..

  2. لقد أخطأت التقدير يا سيد بركة، العدالة والتنمية لا تقول حزب البام ضد الدين، الدين لله والوطن للجميع، حينما آلت مسؤولية حزب البام لبن شماش أو ما صرح به هو محاربة النكوصيين وقاموس الألفاظ الجاهزة والتراشق بكلام لا يليق عند كل المخالفين كيفما كان نوعهم، لا يستطيع أي حزب في المغرب أن يحقق برنامجه كيفما كان توجهه في حكم شمولي ونظام ملكي نافذ، والحكومة محكومة لا تقدم ولا تأخر أي شيء، انتهى الكلام

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى