القطاع الفلاحي بسوس بين خطر إستمرار الجفاف وارتفاع مديونية الفلاحيين

ع اللطيف بركة : هبة بريس

يسود نوع من التخوف في صفوف الفلاحين ومعهم كل القطاعات المرتبطة بالفلاحة بجهة سوس ماسة، بسبب إحتمال إستمرار موجة الجفاف التي تشهدها اقاليم الجهة في السنوات القليلة الماضية، بسبب تراجع مستوى التساقطات المطرية وتاثيرها على تراجع حقينة السدود،وارتفاع كلفة الإنتاج والزيادة في تكاليف النقل البحري بواسطة الحاويات وضعف الطلب على مستوى الأسواق الدولية، واشتداد حدة المنافسة بين المنتوج الوطني ومنتوج الدول المنافسة الأخرى في الأسواق الدولية الى جانب استمرار أزمة المديونية لدى الفلاحين.

– إجتماعات متواصلة لا تخفف من الأزمة الحالية

مع استمرار شح التساقطات المطرية لعدة سنوات، وتأثيرها الكبير على مخزون المياه بالسدود الثمانية بالجهة، الى جانب إستنزاف المياه الجوفية في ظل ضعف الرقابة من الجهات المختصة، جعل اقاليم الجهة تواجه مشكلة كبيرة، عجلت بعقد اللجنة الجهوية للماء بسوس ماسة، برئاسة والي جهة سوس اجتماعا حول الوضعية المائية. وبعد تدارس الحالة المائية الحالية، تم التأكيد على ضرورة تخصيص حصص مائية لتمكين الفلاحين من إتمام موسمهم الفلاحي الجاري.

و إتفق الاطراف ( الفلاحين والسلطات ) على اعتماد حجم مليون ونصف المليون متر مكعب للري انطلاقا من سد يوسف بن تاشفين كحصة لشهر أكتوبر الجاري، واعتبار الحقينة الحالية لسد أولوز في وضعية حرجة بحيث تكفي فقط لسقي مدار الكردان إلى غاية نهاية شهر أكتوبر.

من جهة أخرى، أوردت النشرة الداخلية لوكالة الحوض المائي بسوس، أن نسبة ملء السدود الثمانية المتواجدة بحوضي سوس وماسة، وصلت نسبة الملء إلى 11.1 في المائة إلى غاية 6 اكتوبر الجاري.

وأشارت الوكالة أن الحجم الحالي لسد المختار السوسي هو 0.9 مليون متر مكعب بنسبة ملء تصل إلى 2.3 في المائة وسد اولوز حجمه الحالي يصل إلى 15 مليون متر مكعب بنسبة 16.5 في المائة وسد مولاي عبد الله ب 11.9 مليون متر مكعب بنسبة تصل الى 13.2 في المائة. أما بالنسبة لسد عبد المومن فالحجم الحالي لا يتجاوز 8.7 مليون متر مكعب بنسبة ملء تصل إلى 4.4 في المائة، وسد الدخيلة يصل حجمه الحالي 0.06 مليون متر مكعب بنسبة ملء تصل إلى 43.5 في المائة، و إمي الخنك فيبلغ حجمه الحالي 3.6 مليون متر مكعب بنسبة ملء تصل إلى 37.2 في المائة، و1.7 مليون متر مكعب كحجم حالي لسد اهل سوس بنسبة ملء مئوية تصل إلى 38 واخيرا حسب نفس النشرة فإن نسبة ملء سد يوسف بن تاشفين تصل 11.4 في المائة وبحجم يبلغ 34 مليون متر مكعب.

وكانت اللجنة الجهوية للماء، قد عقدت عدة اجتماعات سابقة، لكن الأزمة الحالية لم تتغير، بل تتجه للأسوأ، لعدة اعتبارات منها ما هو مرتبط بتقلبات المناخ، ومنها ما هو مرتبط بالعنصر البشري، فالفلاحين لازالوا يحفرون الابار بحثا عن الماء، بالرغم أن أغلب هذه العملية تتم في سرية تامة وخارج رقابة شرطة الماء، وهو ما جعل النزيف يستمر ويهدد أخر فرشة باطنية للمياه، مما يهدد معه حتى المياه الموجهة للشرب بأقاليم الجهة، الشيء الذي احدث أزمة مائية خانقة، حيت باتت تعيش ساكنة عدد من المناطق شحن مياه الشرب.

– الزراعة الموجهة للتصدير مهددة

من خلال الاحصائيات، يظهر جليا حجم الخصاص المسجل في التجمعات المائية بحوضي سوس وماسة بعد توالي سنوات الجفاف، مما يفسر ازمة العطش التي تجتاح منطقة سوس.

وبالمقابل، تشكل زراعة الحمضيات والخضروات أحد الأعمدة التي يتأسس عليها النشاط الزراعي بجهة سوس ماسة، سواء بالنظر للمساحات المزروعة، أو بالنظر إلى حجم الإنتاج، وأهميتها التصديرية فيما يتعلق بجلب العملة الصعبة.

هذه الأهمية التي يحتلها قطاع الحوامض الخضروات في الدورة الإنتاجية، أعطى للقطاع الفلاحي بسوس اهمية قصوى في النسيج الاقتصادي الجهوي والوطني، إلا أن مشاكل عدة أصبحت تؤثر على مكانته الاقتصادية والاستثمارية، منها ارتفاع كلفة انتاج الحوامض والخضروات بفعل تظافر مجموعة من العوامل المتعلقة بغلاء فواتير مياه السقي والزيادة في كافة مدخلات مسارات الانتاج.

في هذا الاطار، أصبح الفلاحون يؤدون الضريبة على القيمة المضافة المرتبطة باقتناء كافة المدخلات الزراعية من الأسمدة والمبيدات وهي العوامل الرئيسية في عملية تجويد الإنتاج الفلاحي. وهذا الأمر أدى إلى ارتفاع كلفة الانتاج وتقليص هامش الربح في ظل غياب اجراءات مرافقة، اقرار الضريبة المضافة على المدخلات الزراعية، لتجويد مسارات التصدير.

ويخوض منتجوا ومصدروا الحوامض بسوس، مثلا، حملة تصدير تعد الأكثر صعوبة، في السنوات الأخيرة، بسبب الزيادات الكبيرة في تكاليف النقل البحري بواسطة الحاويات، حيث عرفت مسارات اللوجستيك، استعمال الحاويات، زيادة في كلفة النقل تتراوج مابين 20 و50 في المائة مقارنة مع السنة الفارطة. كما سجل تكلفة النقل البواخر زيادة تراوح 50 في المائة من التكلفة الاعتيادية مقارنة مع السنوات الماضية.وهذه الزيادات في مجالات الإنتاج والتلفيف والنقل واللوجستيك تؤثر سلبا على هامش الربح لدى المصدرات والفلاحين، خاصة وأن الأثمان في الاسواق الدولية غير مستقرة ولا يتم الإفصاح عن قيمتها إلا في نهاية الموسم الفلاحي.

– مديونية الفلاحين في إرتفاع

خلقت هذه الوضعية أزمة بين الفلاحين والبنوك بالمنطقة،حيث أن ارتفاع نسبة الديون المتراكمة على الفلاحين بسبب تراجع مداخيلهم لسنوات عدة، وهذا الامر قلص من عمليات تسديد مستحقاتهم في الآجال المحدد.

ومن تجليات هذه الأزمة ايضا ارتفاع عدد الدعاوى القضائية ضد الفلاحين والمنتجين،والمتعلقة بالشيكات بدون رصيد الخاصة، وكذا تسجيل تزايد عدد الكمبيالات غير المؤداة، وأدت هذه الوضعية إلى توقف البنوك عن إجراء عمليات الاقتراض الموجهة للفلاحين، منها المتعلقة بالقروض الموسمية. وقد سببت قلة السيولة المالية لدى الفلاحين إلى عدم دفع مستحقات الموردين بالنسبة لتعاملات الموسم الفارط.

ما رأيك؟
المجموع 12 آراء
0

هل أعجبك الموضوع !

+ = Verify Human or Spambot ?

مقالات ذات صلة

‫9 تعليقات

  1. لا أظن أن الفلاحة في هذه المنطقة معرضة للخطر بسبب الجفاف لأنها أصلا هي منطقة فلاحية بامتياز وذالك لكثرة التساقطات المطرية.

  2. تبين بعد فاجعة الزلزال الذي ضرب مناطق الحوز أن المنطقة غنية بالماء والدليل على ذالك الشلالات التي انفجرت فيها العيون وكيف يعقل ان تكون هذه المناطق معرضة للخطر بسبب الجفاف.

  3. بالفعل عرف المغرب خلال السنوات الماضية ظاهرة الجفاف وقلة المياه وذالك راجع إلى انحباس الأمطار مما تسبب في تضرر العطاء النباتي والزراعي.

  4. على وزارة الفلاحة أن تدعم الفلاح البسيط الذي يعيش عتبة لايعلمها سوى الله سبحانه وتعالى وذلك راجع إلى ضعف الامكانيات المادية.

  5. يجب على وزارة الفلاحة على دعم جهود الفلاح البسيط حتى يضاعف من مردوديته في الإنتاج وذالك راجع في آليات جديدة ومتطور في السقي ….

  6. مثل هذه المواضيع تحرك عاطفة القارئ فيلهج بالدعاء بنزول الغيث اعتقادات منه بان الفلاحين المذكورين بمثل هذا المقال والمنحدث عنهم في قنوات التلفزة المغربية هم الدراويش من الفلاحين الصغار. ولا يعلم انهم يقصدون من يستنزفون ماء البلاد ليطعموا الاوربيين الذين يتمتعون بخيرات المغرب باثمنة احيانا اقل مما هي عليه في المغرب وكذلك يحتفظون بالمقابل المادي في بلدانهم وبنوكهم. ويحتسبون عليها الرسوم والصرائيب ضد ناهبي البلاد.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
close button
إغلاق