“الكارطة”.. رفيقة رمضان لتزجية الوقت و علماء الدين: “ماشي حرام”

تزامنا و شهر رمضان الكريم ، و تنويعا لسلسة برامجها و مقالاتها خلال الشهر الفضيل ، تفتح هبة بريس هاته النافذة شبه اليومية من ”فسحة رمضان” لتسلط الضوء على مجموعة من العادات و التقاليد و الهوايات التي يمارسها المغاربة و تميزهم خلال أيام هذا الشهر …

“الكارطة” أو لعب الورق ، هي واحدة من بين اشهر اللعب التي يتم اعتمادها من طرف فئات واسعة من أبناء الشعب المغربي لتزجية الوقت خلال شهر رمضان ، هاته اللعبة اختلف حولها عامة الناس و معهم علماء الدين غير أنها تظل واحدة من العادات اليومية للعديد من المغاربة في شهر رمضان خاصة بعد صلاة التراويح.

في رمضان أغلب المقاهي الشعبية تطفئ شاشات التلفاز و تعوض صدحات الشوالي و أهات رؤوف خليف و ترانيم فارس عوض و تغريدات فهد العتيبي بطاولات مخصصة للعب الورق و بالضبط “الرونضة” ، هاته اللعبة التي يتقنها الصغير و الكبير معا و التي يكثر لعبها في هذا الشهر الفضيل.

قانونها سهل و بسيط جدا حيث تتطلب لاعبين اثنين أو أربعة حسب الاختيار ، توزع الأوراق بالتساوي بين اللاعبين على شكل مراحل ثم يشرع الكل تباعا في رمي ورقة من يده و “أكل” ما تيسر له من “القاعة” حسب القانون المعمول به ، و على طاولة اللعب يوجد ما يسمى ب “الخلاص” و هي عبارة عن ثماني قطع صغيرة يسميها العارفون بخبايا اللعبة ب “البونت” فضلا عن ست قطع طويلة الحجم و تدعى “الحبل” ، هذا الأخير يساوي في قوانين اللعبة خمسة قطع صغيرة.

تنطلق اللعبة بعد توزيع الدفعة الأولى من الأوراق فيصيح أحدهم “رونضة” ، و قبل أن يمنحه صاحب “الخلاص” قطعة صغيرة يصيح أخر “رونضة في جوج” ، يحتدم اللعب و ينهمك الكل في جمع أكبر حصة من الأوراق على إيقاع التنابز و التراشق اللغوي و المستملحات.

“الكارطة” ليست حكرا على الشيب بعينهم ، كما أنها لا تلعب بالضرورة في المقاهي ، فغير بعيد عن هاته الأخيرة و بالضبط في “راس الدرب” يجتمع شباب الحي بعد عودتهم من صلاة العصر ب”الكراج” الذي تحول مؤقتا لمسجد ، يلبسون “فوقيات” بيضاء و يجلسون القرفصاء أو على قطع “كرطون” يداعبون الورق لتمضية الوقت في انتظار ظهور زملاء اخرين لهم مازال لديهم “السوفل” لإجراء مقابلة في كرة القدم.

“ميسة” ، “جبتها بالراي” ، “ترينكة” ، “دفع صغير” و غيرها مصطلحات يتم تداولها بكثرة أثناء لعب “الرونضة” ، هاته اللعبة التي دخلت المغرب من أوروبا حيث و حسب مراجع تاريخية فقد ظهرت لأول مرة في إيطاليا بداية القرن العشرين إبان الحرب العالمية الأولى حيث يحكى أن الجنود الإيطاليين هم أول من اخترع هاته اللعبة لتمضية الوقت في الثكنات العسكرية ، غير أنها و حسب ذات المراجع القليلة التي تحدثت عن الأمر لم تكن في بداياتها بنفس عدد الأوراق و لا القوانين التي هي عليها الآن و كان اسمها في الأول “تيك” ، و لما دخلت المغرب في فترة الاستقلال تم تحيينها و تغيير شكل أوراقها و قوانينها إلى أن أصبحت واحدة من أكثر لعب الأوراق شعبية في المغرب.

و في الوقت الذي يستغل عدد كبير من الشباب و الشياب أوراق “الكارطة” لتمضية الوقت في شهر رمضان ، يبرز طرف ثان يتخذ موقفا معاكسا من الناحية و الشرعية الدينية ، هذا الأمر الذي أكد في شأنه أحد أعضاء المجلس العلمي الأعلى بأنه ليس حراما و بأن لعب “الكارطة” ليس محرما دينيا إذا ما كان لغرض الترفيه ، قبل أن يستطرد بأن الأمر يصبح حراما إذا ما كانت “الكارطة” تجنب صاحبها المحافظة على صلاوته في وقتها أو تلهيه عن العبادة، خاتما تعقيبه بأن “الكارطة ماشي حرام و لا تفطر لكن يجب أن لا تلهي الشخص عن العبادة”.

هكذا هي اذن بعض من عادات المغاربة في هذا الشهر الفضيل ، صلاة و عبادة و ترويح عن النفس يختلف شكلا و مضمونا من شخص لآخر، لكل هواياته و طريقته في تمضية الوقت ، فبين عاشق للرياضة و “الفوتينغ” و التسوق و الإبحار في عالم الحواسيب و مشاهدة الأفلام و بين أخرين فضلوا “ضميس” الكارطة على إيقاعات “رشم و خلص” حتى يطلع الفجر…

مقالات ذات صلة

‫2 تعليقات

  1. الماركة تكون محرمة إذا ما كان الغرض منها القمار بالمال.أما اللعب من أجل الترفيه فليس حراما ولو كانت في وقت الصلاة.

  2. عن أبي هريرة رضي الله عنه أنه كان وأصحابه إذا صاموا يحفظون صيامهم من اللغو والرفَث وقول الزور، ومن كل ما يُفسده أو ينقص أجره، كانوا يخشون على أنفسهم وهم على ما هم عليه من الاستقامة والصلاح، ولكن كيف هي حال الصائمين في هذا الزمان الذين يكثُر في مجالسهم اللغو وقول الزور، ويتعرضون لكثيرٍ من المُنقصات، بل والمبطلات أحيانًا، أين هم من حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي أخرجه البخاري من حديث أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “مَن لم يَدَع قولَ الزور والعملَ به والجهل، فليس لله حاجة أن يدَع طعامه وشرابه”

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى