الزميل “بلقاسم” ينال الدكتوراه في القانون العام والعلوم السياسية

ناقش مساء الثلاثاء الماضي الزميل الطالب الباحث محمد بلقاسم أطروحته لنيل الدكتوراه في القانون العام والعلوم السياسية تحت اشراف عبد الرحيم المنار اسليمي.

وبعد نقاش دام 5 ساعات من طرف لجنة من الاساتذة وهم أحمد بوجداد، احمد البوز ، عمر الشرقاوي، الحسين اعبوشي، سعيد خمري، قررت اللجنة منح صفة دكتور في القانون العام والعلوم السياسية، بميزة مشرف جدا وتنويه بالعمل مع توصية بنشر الأطروحة المعنونة: بـ البرلمان المغربي ما بعد دستور 2011 دراسة في السياق السياسي، والسلطات و”البروفايلات”

أطروحة دكتوراه الطالب الباحث محمد بلقاسم، البرلمان المغربي ما بعد دستور 2011 دراسة في السياق السياسي والسلطات والـ”بروفايلات”، تحت إشراف الدكتور عبد الرحيم المنار اسليمي

تفاصيل ملخصة لاطروحة الزميل بلقاسم في العناوين التالية

خلاصات عامة

يمكن تقديم الخلاصة الرئيسة للأطروحة في كون المؤسسة البرلمانية قد ظلت حبيسة ما قبل دستور 2011 ورهينة للسلطة التنفيذية.
فرغم الزخم الذي رافق دستور 2011، والصلاحيات الواسعة التي منحت للبرلمان وجعله سلطة قائمة الذات إلا أن الممارسة كشفت أن البرلمان لم يستطع أن يتغلب على سطوة الحكومة ويثبت ذاته كسلطة موازية للسلطة التنفيذية.
إن استمرار و”صمود” فكرة عقلنة العمل البرلماني جعلتنا أمام مؤسسة تابعة، وعطلت إمكانية بناء مؤسسي يهدف إلى خلق نوع من التوازن بين السلط.
في الجانب المتعلق بـ”البروفايلات”، يسجل سطوة نموذج للأعيان المحليين متعددي المهام التمثيلية تجعل من استثمار غالبية البرلمانيين في العمل التشريعي والرقابي وتقييم السياسات العمومية والدبلوماسية البرلمانية، بمنسوب ضعيف يزيد من تعميق هشاشته متغيري التكوين الأكاديمي والتنشئة السياسة.
إن تحكم الأغلبية في البرلمان يقلص دور البرلماني في مجال التشريع، ما يجعل التزكية السياسية تجعل البرلماني تابع وغير منتج ويهمه الحصول على الصفة في الكثير من الأحيان.
لقد ظل البرلمان رغم الإصلاح الدستوري التي شهده المغرب يحمل صورة نمطية كبيرة لدى المجتمع المغرب، خصوصا أن المعارك التي يعرفها البرلمان تظل هامشية ومرهقة، لدرجة أن هناك “شبه إجماع” على وجود تراجع كبير في مستوى العمل البرلماني منذ أول برلمان إلى الولاية العاشرة.
بخصوص الخلاصة مرتبطة بحالة الطوارئ الصحية التي فرضها فيروس كورونا، والتي استهلكت قرابة نصف الولاية المدروسة، وأن عقد مجلس النواب لدوراته في ظل حالة الطوارئ الصحية، كان إلزاميا لأنه لا يمكن مخالفة الدستور بعدم عقد الدورة الربيعية التي تزامنت مع الانتشار الواسع للفيروس.
وفي هذا الصدد فإن الصيغة التي اعتمدها مجلس النواب بخصوص حضور النواب، تظل على صواب لأنها غلبت أولا حماية الأفراد من الفيروس، وهو مبرر السلطات العمومية في المغرب لإعمال حالة الطوارئ الصحية، ومن جهة ثانية ضمنت استمرار المؤسسة البرلمانية في القيام بدورها.
لكن في المقابل يمكن تسجيل أن البرلمان لم يستطع الخروج عن منطق التبعية للحكومة فيما يخص طبيعة جدول أعمالها أو النقاشات التي شهدها، حيث حضر النواب كعنصر مكمل للسلطة التنفيذية وليس سلطة مستقلة.
كما تم تسجيل خفوت صوت الصراع السياسي الذي غالبا ما يسم عمل المؤسسة البرلمانية في سنتها الأخيرة قبل الانتخابات، حيث لوحظ أن أغلب النقاشات السياسية تتجه للبحث عن الحلول للإشكالات التي يعاني منها المواطنون، أكثر من الصراع السياسي بين مكونات الأغلبية والمعارضة.
لذلك فإن مثل هذه الحالات الاستثنائية تتطلب تعديلا للنظام الداخلي لمجلس النواب بما يضمن إدخال الإجراءات الاستثنائية في حالة الطوارئ وخصوصا الصحية، أو إعطاء مكتب مجلس النواب صلاحيات واسعة لتدبير الجائحة.
خلاصات الفصل الأول
لم يحظ البرلمان قبل بمثل هذا النقاش الذي شهده سنة 2011، خصوصا بعدما أعلن الملك في خطاب 9 مارس الذي وصف من طرف كثيرون بالتاريخي، أن هدفه هو توطيد مبدأ فصل السلط وتوازنها، وتعميق دمقرطة وتحديث المؤسسات وعقلنتها .
إن تاريخ الإصلاحات السياسية في المغرب يشهد على “تفرد” فترة دستور 2011 وما تلاه، حيث شهد المغرب توافقا غير مسبوق بين الأحزاب السياسية، والمؤسسة الملكية حول طبيعة الإصلاحات التي أعلن عنها الملك في خطاب 9 مارس، وتبنتها مذكرات الأحزاب السياسية المرفوعة إلى اللجنة الملكية الاستشارية لصياغة الدستور.
لقد تفاعلت المؤسسة الملكية في المغرب مع مطالب الشارع المغربي، وباستقرائنا لنص الخطاب الملكي لـ 9 مارس يتضح على أن ملامح دستور المملكة لسنة 2011 قد عمل على تمكين جميع المؤسسات من اختصاصات واضحة، وإقرار فصل السلط وهو المبدأ الذي يجب أن يتضمنه أي دستور ديمقراطي، غير أن هذه المرتكزات تبقى خاضعة للتأويل البرلماني والديمقراطي.
لقد خرج البرلمان أقوى من هذا الإصلاح الدستوري وقد أصبح المشرع الوحيد وأضحى يرى سلطاته التشريعية في المراقبة تتوسع وتتقوى، وهو ما يمكن أن نطلق عليه بالبرلمانية الجديدة.
لقد ساهمت الفترات الاستثنائية التي مر بها البرلمان، وما تلى ذلك من مضاعفات انعكست على الأداء التشريعي ونوعية الرقابة البرلمانية للعمل الحكومي وطبيعة الأدوار التي زاولها في نطاق وظيفته التمثيلية.
لقد حدثت تحولات مهمة في البرلمان، لدرجة أن هناك من وصفه بالتحول الذي عرفه “أهل الكهف لما استفاقوا، كل شيء تغير، البناية في المستوى، حضور وازن للمرأة، العديد من الوجوه الشابة، فضلا عما خوله دستور 2011 لهذه المؤسسة من صلاحيات على المستويين التشريعي والرقابي، كما أن المعارضة بموجب هذا الدستور أضحت تحظى بصلاحيات واسعة .
ومرده هذا التحول الكبير الذي شهده البرلمان يعود إلى كونه “انطلق من وضعية ضعف سياسي ومؤسساتي، ومن علاقة غير متكافئة وها هو قد أصبح يمثل اليوم مؤسسة لا يمكن تجاوزها في النظام السياسي، وهي غير مثالية بطبيعة الحال، لكننا في وضعية جيدة وفي طريق التطور والنمو .
وعلى غير عادة الدساتير السابقة فإن الدستور المغربي لسنة 2011 ضمن مشاركة الجميع في صياغته، عبر “حوار وطني وتشاور ونقاش، وأنه تمت صياغته على أساس توافقي، فلم يكن مفروضا أو ممنوحا، بل تم التفاوض حوله من طرف كل الجهات والأطراف المعنية”
ومع الحركات الاحتجاجية التي شهدتها المنطقة سنة 2011، ومعها المغرب فقد تحولت إلى دينامية تجددت معها المطالب بالإصلاحات السياسية والدستورية، في المملكة المغربية، والتي شهدت أخر تعديل للدستور سنة 1996.
لقد خرج البرلمان المغربي وفقا لهذه الرؤية أقوى من هذا الإصلاح الدستوري وقد أصبح المشرع الوحيد وأضحى يرى سلطاته التشريعية في المراقبة تتوسع وتتقوى.
المتأمل في المشهد السياسي المغربي سيلاحظ على أن البرلمان قد ساهم بشكل كبير في مسيرة البناء الدمقراطي الذي شهدته المملكة وإن اتسمت هذه المساهمة بالفتور والضعف في العديد من المحطات في التاريخ السياسي الوطني.
كما أن الشروط السياسية التي في ظلها يتم تكوين المؤسسة البرلمانية واختيار أعضائها وبالخصوص منها طبيعة الممارسة الانتخابية، وأسلوب الاقتراع وطريقة تشكيل الخريطة السياسية، لم تساعد إلى اليوم على تحقيق تجربة برلمانية ناجحة تمكن من بناء مصداقية سياسية تجعل من البرلمان مؤسسة تحظى بثقة المواطن .
بالعودة إلى بروفايلات الولاية العاشرة فإن “السعي نحو المناصفة الذي رفعه الدستور” لم ينعكس على مخرجات الزيادة العددية للنساء المنتخبات في مجلس النواب عن طريق اللائحة الوطنية، لأنها لم تقد لتمكين سياسي حقيقي، بقدر ما قادت لإدخال نهج جديد يعيق إلى حد كبير الترشح والفوز خارج اللائحة الوطنية المخصصة للنساء.
فضلًا عن ذلك تحول نظام “الكوطا” في الكثير من الدورات الانتخابية من آلية للتمكين السياسي والنهوض بالتمثيلية النسائية، إلى آلية لإعادة الإنتاج الاجتماعي وأداة لخدمة وتعزيز سياسات المحسوبية والريع الحزبي .
شهدت التمثيلية السياسية للنخب النيابية خلال الولاية التشريعية العاشرة خصائص مشابهة لتركيبتها في المراحل النيابية السابقة، حيث مالت في غالبية تركيبتها الاجتماعية للنخب الاقتصادية (فئة رجال الأعمال) ذات التوجه الرأسمالي الليبرالي والمنخرطة في المشهد السياسي أساسا من أجل الدفاع عن مصالحها، بغض النظر عن اختلافات هذه الفئة في المرجعية السياسية والتراكم الحزبي.
فئة رجال الأعمال تواجدت بنسب متفاوتة في حزبي الأصالة والمعاصرة والتجمع الوطني للأحرار، كما تصدرت فئة الموظفين ورجال التعليم والأساتذة الجامعيين قائمة الفئات في تشكيلة النخب البرلمانية لحزب العدالة والتنمية.
الأعمال الحرة احتلت المرتبة الأولى بما مجموعه 108 نواب؛ فيما الموظفون يصلون إلى 69 برلمانيا، لكن المثير هو وجود 4 نواب كانوا عاطلين قبل ولوجهم البرلمان، إذ تم تصنيفهم في خانة بدون مهنة.
100 نائب برلماني لا يتوفرون على الباكالوريا، و5 نواب من أصل 395 لم يتلقوا أي تعليم و1.27 نائبا لم يحصلوا على أي مستوى دراسي.

من خلال ما تقدم، يلاحظ على تنوع التركيبة السوسيومهنية لأعضاء البرلمان قد تغيرت بكيفية ملحوظة بروفايلاتهم، كما أن استقراء الجرود الإحصائية يثير العديد من الملاحظات نجملها فيما يلي:
1. إعادة ترتيب حضور الانتماءات المهنية لدى البرلمانيين لفائدة فئات سوسومهنية جديدة وخاصة رجال الأعمال الذين احتلوا خلال انتخابات 2016 صدارة التمثيل ب 24 في المئة على حساب فئات أخرى ظلت إلى وقت قريب تتصدر القائمة وخاصة رجال التعليم وفئة الموظفين.
2. ارتفاع مستوياتهم التعليمية بعدما أصبح ثلثا أعضاء مجلس النواب تقريبا يتوفرون على شهادة الباكالوريا وتقلص بشكل كبير عدد النواب الذين لم يجتازوا الابتدائي.
التحولات الاجتماعية التي راكمها المغرب أثرت على النخبة البرلمانية في حجمها وملامحها ومدى تجددها واستمرارها، فبخصوص هذه النخبة فنادرة هي الأعمال المرصودة لعلاقتها بالتحولات الاجتماعية التي شهدتها بلادنا في سياق التساؤل حول مدى حمل هذه التحولات.
البرلمان المغربي لا يتوفر على أية استقلالية مالية، إذ تعتبر في هذا الصدد الإدارة البرلمانية مثل باقي الإدارات العمومية إذ من حق البرلمان أثناء كل سنة على غرار الإدارات العمومية الأخرى.
منذ إحداث أول برلمان في المغرب سنة 1963، لم يعترف القضاء الدستوري بالشخصية المعنوية والاستقلال المالي للبرلمان، حيث ظل خاضعا في تدبيره المالي والإداري لسلطة الحكومة.
الخصاص القائم على مستوى عدد الموظفين، حيث تظهر الإحصائيات توفر البرلمان بمجلسيه على حوالي 600 موظفا رسميا، أي تقريبا بمعدل موظف لكل برلماني، وهو رقم ضعيف مقارنة بما هو موجود في عدد من التجارب المقارنة، خاصة عندما نأخذ بعين الاعتبار أن أغلبهم من الأعوان، وأن النسبة العالية منهم تعمل في المصالح الإدارية والمالية بينما يقل عددهم في اللجان، وهي التي تمثل العمود الفقري للعمل البرلماني.
هذا الأمر يرتبط بعدد من العوامل، منها: عدم امتلاك البرلمان للقرار على مستوى عملية التوظيف، التي تبقى خاضعة لموافقة وزارة المالية، وخضوع الكثير من التوظيفات داخله لاعتبارات تتعلق بالانتماء السياسي أو العائلي عوضا عن المعايير القانونية والفنية والعملية والخبرة، علاوة على عدم ملائمة المسار المعرفي لمعظم الموظفين مع “بروفايل” الوظائف التي تحتاجها المؤسسة البرلمانية.
عند الاضطلاع على الهيكل التنظيمي للمجلسين يتضح أن هناك نقاط تنذر بوجود بعض من الخلط وعدم الانسجام يتجلى ذلك في عدد من الجوانب، يبدو من بينها:
 الخلط القائم على مستوى الهيكل التنظيمي لمجلسي البرلمان بين اختصاصين هامين التشريع والمراقبة تضطلع بهما مديرية واحدة، مع أن التمايز الموجود بينهما يتطلب وجود خبرات وكفاءات مختلفة، ويفرض بالتالي وجود مديرية خاصة بكل وظيفة لها الخبرات والكفاءات الخاصة بها.
 افتقاده لمصالح تضطلع بتأمين العلاقة مع المواطنين وهيئات المجتمع المدني ، سيما في ظل الأهمية التي أخذ يحظى بها هذا الجانب المرتبط بالديمقراطية التشاركية في العديد من برلمانات العالم، في ظل إعطاء دستور 2011 الإمكانية للمواطنين لتقديم ملتمسات للتشريع، وإن كان البرلمان، وخاصة مجلس المستشارين، قد انتبه في الفترة الأخيرة لهذه المسألة عندما أقدم على إحداث منصب مستشار عام مكلف بالمجتمع المدني والهيئات النقابية للقيام بهذه المهمة، لكن دون أن يتم النص عليه في المنظم الإداري الخاص بالمجلس.
 التداخل الموجود في المهام والاختصاصات بين الهياكل الإدارية المختلفة لمجلسي البرلمان، وخاصة على مستوى مجلس المستشارين. فعلى سبيل المثال لا الحصر، فإن المهام المتعلقة بالدراسات والبحث تبدو موزعة بين وحدات إدارية متعددة داخل المجلس الواحد، فهي قد نجدها ضمن اختصاصات مديرية التشريع والمراقبة البرلمانية، ومديرية الاستراتيجية والأنظمة القانونية، علاوة على أن هناك مركز خاص بالبحوث والدراسات يفترض فيه أنه وجد أصلا للقيام بهذه المهمة.
 الاختلاف الموجود بين مجلس النواب ومجلس المستشارين، حتى ولو كان وضع المنظم الإداري لهذا الأخير سنة 2014 كانت قد فرضته، الحاجة إلى الملائمة بين الهياكل الإدارية التي يتوفر عليها المجلسين. ذلك أن قراءة المنظم الخاص بكل مجلس يبرز إلى أي حد لا يزال الفارق قائما بينهما، ليس فقط على صعيد عدد الوحدات الإدارية الموجودة في كل منهما وإنما أيضا على مستوى الصلاحيات والمهام التي تضطلع بها تلك الوحدات (مثلا التواصل يضطلع به في مجلس النواب قسم خاص تابع مباشرة للكتابة العامة، بينما يعد في مجلس المستشارين من المهام المحقة بمديرية الشؤون الخارجية والتواصل.

أهمية طرح الموضوع
اختيار موضوع “البرلمان المغربي ما بعد دستور 2011 دراسة في السياق الساسي والسلطات والبروفايلات” للبحث ومجالا للاشتغال، ساهمت فيه العديد من الاعتبارات الموضوعية والذاتية.
وتتمثل الاعتبارات الأولى الموضوعية، في الإيمان بدور المؤسسة البرلمانية في الديمقراطية، باعتبارها السلطة القادرة على الحد من السلطة التنفيذية وبالتالي خلق التوازن بين السلطتين في النظام السياسي.
أما الثاني: وهو اعتبار ذاتي متمثل في تتبع عمل المؤسسة البرلمانية لقرابة عقد ونصف من الزمن، وهو ما خلق لدي قناعة بضرورة وضع المؤسسة البرلمانية تحت مجهر الدراسة الأكاديمية والعلمية.
وفيما يتعلق باختيار الولاية العاشرة فإن مرده إلى بحث البرلمان بعد فترة مقدرة من الإصلاح الدستوري لسنة 2011، والذي وصل لأزيد من خمس سنوات وهي فترة في نظري كافية للدراسة بعيدة عن ضغط الشارع والذي ارتبط بالاحتجاجات التي شهدها المغرب ومعه المنطقة.
لقد تميزت الولاية العاشرة بمرور مسافة كافية على لحظة الانتظارات الكبرى التي حملها الزمن الاحتجاجي في علاقته بصلاحيات البرلمان، وبغلق لحظة الولاية التاسعة التي كانت في الواقع نوعا من الاختبار الحاد لقدرة الفاعلين على تفعيل كل السلط التي منحها الدستور للمؤسسة البرلمانية باعتبارها أساسا ولاية تأسيسية شهدت في العمق نوعا من كتابة وإعادة كتابة الميثاق التأسيسي لـ2011، من خلال الأنظمة الداخلية لمجلسي البرلمان والقوانين التنظيمية المهيكلة للعلاقة بين البرلمان والحكومة.
إن جاذبية النقاش العمومي حول المؤسسة البرلمانية وإن كان في غالبه بحمولة سلبية، هو ما دفعني للبحث عن أسباب هذا التناقض بين الاهتمام بالمؤسسة البرلمانية وفي الوقت ذاته انتقادها بطريقة تصل حد التجريج في بعض الأحيان.
تزامن البحث مع جائحة كورونا مرتبطة بحالة الطوارئ الصحية التي فرضها فيروس كورونا، والتي استهلكت قرابة نصف الولاية المدروسة، حتم علي ضرورة إخضاع هذه الفترة للدارسة الأكاديمية.
القيمة العلمية:
يعتبر مجال دراسة دور البرلمان داخل النسق السياسي المغربي وبنية الدولة، من بين أهم الجوانب الأساسية التي دفعتني لفتح المجال أمام البحث في هذا الموضوع، وهي محاولة لفهم طبيعة الدولة، فإذا كان أستاذي حسن طارق قد طرح فكرة أننا أمام دستور “السياسات العمومية”، وذلك بعد سنة من اعتماد الدستور سنة 2012، وهو سعي حثيث إلى الدفع “ببرلمانية” الدولة، فإن الممارسة بعد عشر سنوات من دستور 2011، تبين أننا نتجه إلى الشكل الرئاسي للدولة من خلال “هيمنة” منطق السياسات العامة.
وبذلك نكون في محاولتنا لفهم هذا التحول “الطبقي” بمفهمومه الجغرافي طبقة عليا وأخرى سفلى لشكل النظام المغربي، قد عدنا إلى نقاش الفصل 19 من الدستور السابق، وجدلية المكتوب والضمني، لكن هذه المرة بصيغة نقاش السياسات العامة، والسياسات العمومية.
بالإضافة إلى ذلك ما تكتسيه المؤسسة البرلمانية من أهمية على مستوى البحث العلمي باعتبارها أحد أبرز المؤسسات في مراقبة تدبير الشأن العام، بالنظر إلى الآليات الدستورية والقانونية التي تتمتع بها هذه المؤسسة.
كما أن السعي إلى فهم منطق اشتغال الدولة يستدعي بالضرورة تحليل النخب البرلمانية ونمط إنتاجها وتداولها والمنطق الاجتماعي والسياسي لسلوكها.
إشكالية البحث:
تهدف إشكالية الموضوع للبحث في هوية المؤسسة البرلمانية والسياق السياسي الذي أنتجها والسلطات المحددة بمقتضى الدستور، مع وضع الولاية العاشرة تحت مجهر التدقيق لاستخراج البرلمان على ممارسة هذه السلطات، في الإنتاج التشريعي وذلك انطلاقا من تحليل سوسيولوجي لبروفايلات البرلمانيين، وقياس مقدرواتهم في العمل البرلماني، وصولا إلى تقييم دور هذه المؤسسة داخل التوازنات الدستورية بالمغرب بعد وثيقة 2011.

تابعوا آخر الأخبار من هبة بريس على Google News تابعوا آخر الأخبار من هبة بريس على WhatsApp

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
close button
إغلاق