close button

قالها الملك وفي قوله حكمة بالغة.. لا مصالح ضيقة تعلو فوق مصلحة الوطن

محمد منفلوطي_ هبة بريس

قالها الملك، وفي قوله حكمة ودلالات عميقة بالغة، ففي خطاباته السامية بعد تبصري وإشارات قوية تحمل في طياتها تحذيرات لكل من سولت نفسه تغليب مصالحه الشخصية الضيقة على المصالح العليا للبلاد والعباد…

قالها الملك وهو يتربع على عرش أسلافه الميامين في خطاب الذكرى الرابعة والعشرين لعيد العرش المجيد، قالها وهو يشدد أن لا تساهل مع أي شكل من أشكال سوء الحكامة والتدبير والاستعمال الفوضوي واللامسؤول للماء.

قالها الملك، بأن مجال تدبير الموارد المائية يتطلب المزيد من الجدية واليقظة انسجاما مع البرنامج الوطني للماء لفترة 2020-2027 الذي حرص جلالته على بلورته داعيا للتتبع الدقيق لكل مراحل تنفيذه.

خطاب الملك في شقه المتعلق ب ” مجال تدبير الموارد المائية”، هو رسالة للجميع سلطات ومواطنين، وحتى القطاع المعني…. رسالة مفادها أن العالم يعيش على وقع جفاف حاد وارتفاع مخيف في درجات الحرارة، ونذرة التساقطات المطرية وانعكاسات ذلك على الفرشة المائية….وبالتالي فلاتساهل مع الفوضويين الذين يساهمون في سياسة الاجهاد المائي…لاتساهل مع الاستعمال اللامسؤول للماء….

نعم، لا مصالح ضيقة خاصة على حساب المصالح العليا للوطن المواطنين، فالأمر لا يحتمل المزيد ونحن نعيش على وقع شبح العطش نتيجة قلة التساقطات المطرية وانخفاض حاد في منسوب معظم السدود والوديان، ضمن أزمة عطش غير مسبوقة، وبالتالي تبقى المسؤولية مشتركة بين جميع المتدخلين مسؤولين ومواطنين لوضع اليد في اليد والعمل على ترشيد مياه الشرب تفعيلا لمضامين الخطاب الملكي السامي، سيما وأن كثيرين لازالوا لم يستشعروا الخطر القادم ولم يتعاملوا مع الوضع بنوع من الحزم والمسؤولية، فترى من الناس من يستنزف مياه الشرب والفرشة المائية عبر اطلاق العنان للأنابيب المطاطية سقيا لحدائق سكناهم وفيلاتهم الراقية دون حسيب ولارقيب، ومنهم من تراهم منهمكين في تنظيف وغسل سياراتهم الشخصية، والبعض الآخر منغمسا في تنظيف محلاتهم التجارية ومقاهيهم كل مساء استقبالا لزبنائهم…ومن الناس من يعمد على تخريب القنوات الناقلة لمياه الشرب عبر السدود والوديان وما ينتج عن ذلك من تسربات مائية واستنزاف لهذه المادة الحيوية…

نعم، لا تساهل مع من يغلب مصلحته الشخصية على المصلحة العامة كيفما كان موقعه وحدود مسؤولياته، فالأمر لا يحتمل المزيد، فنحن نعيش على وقع مقلق نتيجة شح المياه، يتطلب منا جميعا مواطنين ومواطنات ومسؤولين ومسؤولات للعمل جنبا لجنب لمواجهة هذا الخطر القادم انسجاما مع الرؤية الملكية السامية التي دعا فيها إلى التصدي للممارسات الفوضوية والاستعمال اللامسؤول للماء….

في خضم ذلك، علينا جميعا الوقوف وقفة رجل واحد على قلب رجل واحد، لنسأل ونسائل عن مآل دورية وزير الداخلية عبد الوافي لفتيت التي حذر فيها في وقت سابق من خطورة الوضع، وإلى أي حد تم تفعيل مضامينها من قبل المسؤولين مركزيا وجهويا واقليميا، وهي الدورية التي دعا فيه الوزير إلى تنفيذ الإجراءات اللازمة للإدارة الرشيدة للموارد المائية وضمان توفير مياه الشرب للسكان، من خلال تطبيق القيود على تدفق المياه الموزعة على المستخدمين، مع حظر استعمال مياه الشرب في غسيل السيارات والآلات، وكذا ري المساحات الخضراء وملاعب الجولف باستخدام المياه التقليدية (مياه الشرب أو المياه السطحية أو الجوفية)..

هنا بإقليم سطات على سبيل المثال لا للحصر، هنا تعرف المنطقة نذرة كبيرة في التساقطات المطرية، وما تلتها من انعكاسات كبيرة على حقينة السدود والمياه الجوفية، إضافة إلى انخفاض منسوب مياه وادي أم الربيع وسد الدورات المُزوِّد الرئيسي لمختلف المناطق القروية والحضرية…

هنا بهذا الاقليم لازالت مظاهر الاستهلاك العشوائي للماء ماضية في طريقها، إذ أن سياسة الحفر العشوائية للآبار لازالت متواصلة بالعديد من الجماعات دون رقيب ولا حسيب، ناهيك عن تسجيل بين الفينة والأخرى لحالات تخريب للقنوات الناقلة لمياه الشرب على مستوى جماعتي امزورة واكدانة من قبل مجهولين تارة ومن قبل رعاة تارة أخرى، وما ترتب عن ذلك من ضياع لكميات كبيرة من المياه الصالحة للشرب التي كانت في طريقها للمواطنين في زمن العطش…

كما أن خطر تنامي محلات غسل السيارات بالمدينة وتفريخها، وارتفاع منسوب تعبئة بعض حمامات السباحة العامة والخاصة، يبقى قائما يُسائل الجهات المعنية لضبط العملية وتقنينها قبل فوات الأوان، فهي التي( المسابح) كان من المفروض أن تكون مجهزة بنظام إعادة التدوير تفعيلا لمضامين دورية وزير الداخلية…

قالها الملك حفظه الله وفي قوله حكمة بالغة وتحذير لكل من سولت له نفسه العمل على المساس بالأمن المائي والنيل منه عبر ممارسات عشوائية فوضوية، فذلك أمر لا يجب التساهل معه.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى