
الركائز الأربعة لمشروع الإصلاح الهيكلي للمنظومة الصحية بالمغرب
تعد التجربة الناشئة والحديثة للتعاضدية العامة لموظفي الإدارات العمومية كمؤسسة مواطنة تساهم في تدبير قطاع الحماية الإجتماعية والصحية الوطنية، تجربة ناجحة، خاصة بعد تولي قيادة مجلسها الإداري من طرف الرئيس الحالي مولاي إبراهيم العثماني والذي أرسى دعائم حكامة إدارية ومالية ناجحة لحماية وتطوير منظومة الخدمات الاجتماعية والإدارية للتعاضدية العامة.
حيث أن مشروع تعميم الحماية الاجتماعية يعد ورشا حقيقيا مخصصا لجميع المغاربة يعكس بأكثر من طريقة الاهتمام الخاص الذي يوليه الملك محمد السادس للقضايا الاجتماعية ولتحسين الظروف المعيشية للمواطنين.
ويسير هذا الورش المجتمعي الكبير، الذي أطلقه الملك، بخطى ثابتة، وذلك بفضل التعبئة الجماعية حول هذا المشروع متعدد الأبعاد وانخراط جميع الإدارات والجهات الفاعلة المعنية، بما في ذلك مؤسسة التعاضدية العامة لموظفي الإدارات العمومية، وذلك بهدف تحقيق تعميم فعال للحماية الاجتماعية على جميع المواطنين في أسرع وقت ممكن.
ومن خلال تعبئة تمويلات هامة، وإحداث إطار تشريعي مناسب وإطلاق مشروع إصلاحي لهيكلة النظام الصحي الوطني مؤخرا، تم استيفاء جميع الشروط لنجاح هذا الورش الذي يمثل نقطة تحول حاسمة على مسار تحقيق التنمية المتوازنة والعدالة الاجتماعية والمكانية، عبر المحددات الآتية:
– النظام الصحي: نحو مراجعة شاملة
مما لا شك فيه أن توسيع قاعدة المستفيدين من التأمين الإجباري عن المرض (22 مليون مستفيد إضافي خلال عامي 2021 و2022) يتضمن إصلاحا شاملا للنظام الصحي، تم توضيح معالمه خلال مجلس الوزراء برئاسة جلالة الملك في 13 يوليوز الماضي.
ويعتبر المشروع قانون إطار المتعلق بالمنظومة الصحية الوطنية، تم إعداده تنفيذا للتعليمات الملكية السامية لمراجعة المنظومة الصحية لتكون في مستوى ورش تعميم الحماية الاجتماعية الذي أمر به الملك.
ويستند مشروع الإصلاح الهيكلي هذا على أربع ركائز أساسية، أولها اعتماد حكامة رشيدة تروم تعزيز آليات تنظيم عمل الفاعلين وتعزيز الحكامة الصحية والتخطيط الترابي للعرض الصحي على جميع المستويات (الإستراتيجية، والمركزية والإقليمية).
وعلى المستوى الاستراتيجي، ينص هذا الإصلاح على إنشاء هيئة عليا للصحة ووكالة للأدوية والمنتجات الصحية ووكالة للدم ومشتقاته.
ويتعلق المحور الثاني بتنمية الموارد البشرية، لا سيما من خلال صياغة قانون الوظيفة العمومية الصحية، بهدف تحفيز الرأسمال البشري في القطاع العام، والحد من النقص الحالي في الموارد البشرية، وإصلاح التكوين، بالإضافة إلى الانفتاح على المهارات الطبية الأجنبية وتشجيع الكفاءات الطبية المغربية المقيمة بالخارج على العودة لممارسة المهنة في بلادهم.
وتتمثل الركيزة الثالثة في رفع مستوى العرض الصحي من أجل تلبية تطلعات المغاربة من حيث تسهيل الوصول إلى الخدمات الطبية وتحسين جودتها والتوزيع العادل لخدمات المستشفيات في جميع أنحاء التراب الوطني.
أما المحور الرابع، فيتعلق برقمنة النظام الصحي، من خلال إنشاء نظام معلوماتي متكامل لتجميع ومعالجة واستغلال المعلومات الأساسية المتعلقة بالمنظومة الصحية.
ويجب التأكيد في هذا الصدد أن “مشروع القانون الإطار المتعلق بالمنظومة الصحية الوطنية سيسمح بمعالجة كافة الجوانب والمشكلات التي يعاني منها النظام الصحي”.
ويبقى ورش تعميم الحماية الاجتماعية الذي خلقه الملك محمد السادس، من أبرز مقومات بناء الدولة المدنية الإجتماعية الحداثية، وحيث أن التنزيل الفعلي للجهوية لتقريب الخدمات وتحقيق العدالة المجالية الذي يعتبر رافعة العمل التعاضدي بالمؤسسة.
إن المساهمة الفعالة لمؤسسة التعاضدية العامة لموظفي الإدارات العمومية إلى جانب التعاضديات الشقيقة يعتبر واجبا وطنيا لإنجاز الورش الملكي للحماية الإجتماعية والصحية، وخدمة للمنخرط على مستوى التراب الوطني.