الملاعب المقابر: “أذاهب أنت إلى الملعب، لا تنس حجز قبرك “

بحسب التسجيلات التي جرى نشرها تباعا لحادث مقتل شابة من بين الجماهير التي حجت لمركب محمد الخامس زوال يوم السبت، لم يظهر ازدحام كبير خارج عن السيطرة، ولا أعدد  غفيرة من الجماهير ، بل كان هناك عدد محدود منهم أمام أحد أبواب الملعب، السؤال الذي يطرح نفسه، كيف سمحت قوات الأمن للجماهير أن تحتشد قبالة أحد أبواب الملعب؟ أقول هذا وقد دخلت ذات الملعب يوم الجمعة (يوما قبل مقتل الشابة)، وعاينت تنظيما محكما لم يترك مجالا للاحتشاد، وكيف أنهم يراقبون طوابير الجماهير  منذ مدخل الشوارع المتاخمة للملعب، وعاينت ذات الشاحنة الزرقاء (مدفع مائي) في مكانها، فما الذي وقع يوم الجمعة ولم يقع يوم السبت حتى زهقت روح مشجعة؟

بداية دعونا نمعن النظر في ذلك التجمع الجماهيري قرب باب الملعب، فلعل الخطأ الأول هو التغافل عن الجماهير حتى احتشدت قرب الباب، فلا هم فتحوا الباب، ولا هم فرقوا الحشود قبل الاحتشاد، وهذا خطأ تتحمله قوات الأمن مباشرة، لأنها هي المسؤولة دون غيرها عن حفظ الأمن العمومي هناك، ودعونا نرى كيف تحركت الشاحنة الزرقاء صوب المكتظين، وفتحت فوهات مياهها لتقصفهم وتخلق حالة من الرعب والهلع في صفوف الجماهير الآمنة المسالمة التي جاءت فقط لتتفرج على  مباراة في كرة القدم، وليس للمشاركة في مظاهرة أو مسيرة تهدد الأمن العام، لذلك لم يكن لاستعمال خراطيم المياه ما يبرره، لأنه لم يكن هناك أي شغب أو عنف، بل إن ذلك الازدحام يفرض على قوات الأمن أن تتدخل بليونة وسلاسة ومهارة لتفكيكه دون خسائر وبلا عنف، وهذا هو الخطأ الثاني، وهو أيضا خطأ تتحمله قوات الشرطة.

لكن الخطأين الأمنيين على جسامتهما فهما مجرد أعراض لأمراض تنظيم المباريات الكبيرة، وبيع تذاكرها، والسهر على توفير السلامة للجماهير قبل وأثناء وبعدها، فعملية طبع التذاكر وبيعها يلفها غموض كبير جدا، لا يعلمه إلا المكلفون بها، هل تطرح التذاكر لتكون رهن إشارة الجماهير أم لتتحول إلى تجار سوق السوداء الذين يحتكرونها ليلهبوا ثمنها أضعافا مضاعفة؟ كيف تنفُد التذاكر في نقط البيع الرسمية لكنها تزدهر في رحبة “المارشي نوار”؟ هل يحتكر تجار السوق السوداء تلك التذاكر صدفة أم أن الأم يتعلق بشبكة منظمة وممتدة؟ ثم كيف يمكن حماية الجماهير من التذاكر المزورة في زمن تطور وسائل التزييف؟ وهنا تتجلى مسؤولية الشركة المنظمة التي اقترفت الخطأ الثالث، ونظنه أصل الجريمة لأن مقتل شابة في يوم مباراة كرة قدم  لا عنف فيها ولا مواجهات، هو جريمة…

إنه لمؤلم ومخيف أن تتحول تذكرة مباراة إلى ما يشبه تذكرة الموت، وتتحول الملاعب إلى ما يشبه المقابر، ويصبح الخارج من الملاعب مولودا، والداخل إليها “في الشك”…

احموا الجماهير، أو العبوا كرتكم بلا جماهير، ولا تجعلوا مباريات كرة القدم مآتم وفواجع، أو أغلقوا تلك الملاعب و”هنيونا كاع”.

نترقب ما ستسفر عنه نتائج التحقيقات الأمنية والقضائية التي قيل إنه جرى فتحها، فنحن لن يغلبنا تنظيم مباراة كرة قدم، و”اللي فرط يكرط”.
 

مقالات ذات صلة

تعليق واحد

  1. مكاين كورة ومكاين جمهوررر،
    دسارة والفوضى.
    زمان كانت الملاعب اقل وأصغر وكانت الكورة وكان الجمهور.
    خاص شي حجر صحي ديال عشر سنين إلى تقادو

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى