هل سيرحل سجين الأمس كبير سجاني اليوم عن إدارة السجون ؟‎

لازالت إدارة السجون وإعادة الإدماج ,أو ” إعادة التربية ” سابقا   ومنذ مدة موضع تساؤلات جمة بخصوص النجاح الفعلي  لهذا الإدماج  الذي ربطت الإدارة إسمها به , أو نسبة السجناء الذين تلقوا التربية على يد السجانين , وأدمجوا  فعلا داخل المجتمع المغربي بفضل هاته الإدارة , ومدى إستجابتها للنتائج المتوخاة منها على مستوى التهذيب وتجانسها مع السياسة الجنائية بالمغرب , وهل فعلا تم تحقيق ماسمي حينها بأنسنة نظام المؤسسات السجنية  أم أن الأمر مجرد مصطلحات للإستهلاك الإعلامي ,فقد تبين عدم إستقرارها كونها لازالت تبحث عن موضع قدم بين الإستقلالية التامة في التسيير والتدبير ,  والتبعية تارة لوزارة العدل  وتارة لرئاسة الجكومة ,  فتأرجحت بين العديد من أنواع الهياكل الإدارية , التي ساهمت بشكل أو بآخر في عدم الإستقرار, ناهيك عن نوعية الأطر المؤهلة إن على المستوى المركزي بالرباط  والتي تعد بطانة للتامك , أو داخل سجون المملكة ., في ظل الأجواء المشحونة لدى بعض الموظفين الصامتين الصامدين الذين يطالبون منذ عهد ” بنهاشم ” وقبله  بتحسين الأوضاع والتعويض عن حمل السلاح وإعادة النظر في التعويضات والإدماج في سلاليم تتلائم والمسؤولية الجسيمة , والإهتمام بالمصالح الإجتماعية لهم من سكن وتطبيب, عوض سيل الإستقسارات والتنقيلات , والردع – كما سبق وأن هددت الإدارة كل من يفتح فاه للمناداة بمطالب نقابية,  وتشديد الرقابة على هواتف الموظفين وحساباتهم الفايسبوكية ,أمام هول ماوقع مؤخرا فيما يخص الترقية الإستثنائية التي إستفاد منها عدد من الحيتان الكبيرة” خبز الدار ماكلاه لبراني “, والإنتقادات الموجهة لليوم الوطني للسجين موازاة مع السخرية التي طالت  مسابقة الموظف المتميز .

من جهة أخرى , هل لإدارة السجون فعلا توجه تواصلي مع الرأي العام وهيئت له السبل الناجعة للمردودية المنتظرة , أم أن التخصص محصور فقط في صياغة بلاغات متشابهة في مجملها , سواء تلكم المتعلقة ببعض حالات الإنتحار أو الوفيات  التي ارتفعت في عهد ” التامك ” أو تلكم التي  تهدف  إلى نفي كل إنتقاد أو ملاحظة  وجهت لإدارة ” التامك ” مهما كلف الثمن ولو بالنفي الأجوف كما حصل مع الرسالة التي أكد المحامي زيان أنها بخط يد ” الزفزافي ” بعد أن تلقى الرأي الوطني – كاالعادة –  خبر نفي إدارة السجون وترتب عنها تشنج بينها وبين المحامي وصل إلى ردهات النيابة العامة ومطالبة النقابة بعزله,  وقضية تسريب شريطان مصوران للزفزافي من داخل سجن عكاشة , ناهيك عما سمي بالإنفتاح الإعلامي المتمثل في إستدعاء بعض المنابر الإعلامية مؤخرا لإنجاز مقالات حول سجن العرجات 1 ومايعرفه  من توسعة وجديد مظاهر عيش النزلاء به , والحديث عن سجن الزاكي الذي قالت عنه إدارة السجون , ماقالته منظمات وجمعيات حقوقية وسجناء سابقا ومنذ عدة سنوات ,  على لسان أحد موظفيها أنه لم يعد صالحا نظرا لعدم إستجابته لظروف الإسقرار, فهل زيارة الجدران والخرسانات الخرساء والفضاءات والساحات يعد إنفتاحا إعلاميا ؟ أم أن مجالسة السجناء بجميع تلاوينهم والحديث إليهم حول ظروف العيش والمعاملات والحقوق هو الإنفتاح الحقيقي  مع نقل مشاهد عن حياتهم اليومية ونتائج إستفادتهم من الخدمات الإجتماعية التي خصصت لها مديرية خاصة لتدبير هذا المحور, والإطلاع عن كثب عمن يستفيد من الخلوة الشرعية والإفراج المقيد , والتجول حرا طيلة اليوم , ومن لاتطاله  مسطرة الترحيل  بعيدا عن الأهل , والمستفيدون  أو المحرومون من إستكمال دراستهم ,  و تجربة منع القفة  مالها وماعليها ، وهل من احصاء لعدد موظفي السجون المتابعين امام المحاكم لارتكابهم جرائم ومخالفات على رأسها المخدرات ، وأسباب هيجان بعض المعتقلين الدين يشتكون تعسفات بعض رؤساء المعاقل مما يؤدي الى قتل بعضهم كما وقع مؤخرابمكناس للراحل لعميريني الذي تم تكريمه قسرا في اليوم الوطني للسجين بمسرح محمد الخامس , فهل يعد الموظف الراحل عبد الكريم لعمريني سجينا ؟ أين بلاغ إدارة التامك هنا ؟ , والكيفية التي تطرح اكثر من علامة إستفهام فيما يخص نقل السجناء عبر حافلات نقل المسافرين من العرجات إلى محاكم الرباط سلا  دون إستعمال سيارات الدولة , الأمر الذي تسبب قبل شهرين في رفع الجلسات على حالتها لعدم إحضار المتهمين في الوقت ,, وحقيقة ماجرى للطبيبة رقية دريوش,وفحوى تقرير اللجنة الحقوقية الدولية التي زارت  الشهر الماضي سجني تولال واصفة أوضاع الحراس بالمتردية  فأين بلاغات خلية التواصل في إدارة التامك في كل ماذكر ؟

 

لقد كان يعتقد البعض على أن وصول  الدكنور  صالح التامك المتخصص في تحليل الخطاب باللغة الأنجليزية , والذي وضع كسجين رأي وراء القضبان في عهد الحسن الثاني   بتولال مكناس,ضمن المجموعة التي حوكمت سنة  1977 لدفاعه حينها عن الأطروحة الإنفصالية والذي راكم تجربة في مجال  الدفاع عن حقوق الإنسان خارج المغرب أكثر من الداخل, سيضفي على منظومة السجون طابعا وطعما مغايرا به النكهة الحقيقية لكرامة السجين والسجان , لكن خاب ظنهم .

 

وللإشارة , فالمفهوم الجديد للسلطة الذي أراده عاهل البلاد لشعبه يعني إعادة الإعتبار للمواطن واستعادته لمواطنته كاملة غير منقوصة الحقوق والواجبات مسجونا كان أو طليقا, فهي فلسفة تستهدف بناء مجتمع تؤسس فيه علاقات جديدة بين المواطن ومسؤوليه , علما أن المسؤول أكثر حرصا على على كرامة وسلامة مرؤوسيه تكون فيه سلطة القوانين هي السائدة وحدها لاتسلط المسؤول أو بطانتة كما الحال للتامك.

 

لقد أصبح المتتبعون ينتقدون القانون المنظم للمؤسسات السجنية  و ينتظرون إرتقائه وسموه إلى النقاش العمومي , فيما يرى غالبية العاملين بقطاع السجون  أن  الارضيّة أصبحت الآن اكثر خصوبة لرحيل “التامك” صوب جهة تبعده على الأقل فيما تبقى من عمره عن السجن والسجانين وينعم بمهام لها علاقة ” بريحة ولاد العم ” في الصحراء عله يجد بها مرتعا لتصريف تكوينه الأصلي داعيا الخالق له بالمغفرة مما جناه بتسييره لمرفق السجون المغربية .وسط إبتهالات الحراس بأن يحل محله رجل من نظير الحموشي .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى