من أجل مدونة مؤسسة للأسرة

غالبا ما يثير جلاله الملك في خطابات العرش قضايا تهم الأحوال الاجتماعية للشعب وخطاب جلالته الأخير أتار قضية تعد من الركائز المهمة في السلم الاجتماعي ألا وهي مدونه الأسرة التي تعتبر النواة الأولى في بناء مجتمع متماسك ومتضامن في ما بين أفراده وتعد الزوجة والزوج الفاعلان الرئيسيان في تكوين الأسرة وبنائها فللزوجة أم الأطفال دور بالغ الأهمية في نجاحها كما في فشلها بالنظر للدور المحوري التي تمثله سواء بالنسبة للأطفال أو للزوج هذا الأخير الذي لا يكره كيف ما كان حاله أن ينعم بحب زوجته التي تنجب له أطفاله و لإدراك هذه المشاعر الإنسانية لابد من تواجد توازن قانوني في جميع مناحي الحياة و هذا التوازن لا يمكن أن يتأتى إلا بإطار قانوني يكرس التكافؤ في مسؤوليات الطرفين ولا يميل لكفة احدهما حتى يصبح أداة ضغط على الطرف الثاني الذي غالبا ما يكون هو الزوج و هذا مجسد في مدونة الأسرة لسنه 2004 والتي منحت حقوقا مبالغ فيها لصالح الزوجة ما أدى إلى عزوف الشباب الذكور على الزواج لما يلاحظه عن ظاهره الطلاق المتفشية في مجتمعنا ويكون الرجل اكبر ضحية في العملية و غالبا ما تكون الزوجة هي التي تطلبه لأنها تعلم أن لها أرباح كثيرة مادية ومعنوية اما الزوج فليس له اي امتياز بل قد يجد نفسه في السجن لعدم إيفائه بالمحكوم عليه.

إن مدونة الأسرة لسنه 2004 جاءت في ظروف اجتماعيه وأسرية مختلفة عن ما هي عليه حاليا ولأنها حققت مكتسبات معنوية ومادية مهمة للمرأة التي كانت حقوقها مهضومة لواقع أن المجتمع تطغى عليه العقلية الذكورية فجاءت المدونة بقوانين ومساطير تتيح للزوجة حرية التصرف من الناحية المعنوية في عمليه الزواج كمال في الطلاق لكن من الناحية المادية فهذه المدونة أقست على الزوج بتحميله المسؤولية كاملة و لوحده مصاريف النفقة على البيت في الزواج كما في الطلاق دون الأخذ بعين الاعتبار الحالة المادية للزوجة وقد تكون ميسورة أو على الأقل لديها استقلالية مالية ،وهنا لابد للرجوع لبعض التجارب في الموضوع.

فأي منطق هذا تحمله مدونة الأسرة أن تتخلى الزوجة و هي موظفة عن زوجها إثر فقدان شغله أو راتبه وتقرر الانفصال عنه دون إجراءات الطلاق لعدة أشهر وعند تسوية وضعيته المادية تطالبه بالنفقة، ويحكم لها بقوة القانون بأداء النفقة على كل المدة التي تخلت فيها عليه رغم انه هو بنفسه لجأ وقتها لعائلته في لقمة العيش وهذه واقعة معاشة وهناك واقعات يجب أخدها بعين الاعتبار لتصحيح الأخطاء العديدة التي تتضمنها مدونة الأسرة لسنة 2004.

إن إشارة جلالة الملك في خطاب العرش لمدونة الأسرة لها دلالات جد مهمة وتعني أنها ليس على ما يرام ، ومن هنا وجب على كل من يهمه الأمر في صياغة مدونة تتلاءم مع الواقع المعاش حيث يكون هدفها هو تأسيس أسرة تنعم بالحب والمودة وهذا لن يأتي إلا بالمساواة في الحقوق و الواجبات حتى يقدم الشباب على الزواج وتأسيس أسرة مع أطفال ينعمون بالدفء تحت حضن والديهم.

إن نجاح الأسرة هو عمل خالص للزوجة الصالحة والتي تولى اهتمام لزوجها وأطفالها دون الاعتماد على أوراق ضغط حتى لا تفكر في الطلاق فالأسرة السعيدة تبدأ بالنية الحسنة للزوجة أولا و للزوج بعدها ولابد ألا تحوم عليها نية الغدر والتي تتجلى في عدة عوامل ومن أهمها هو فرض مؤخر الصداق بقيمة تعجيزية وتستعمل للضغط عليه لينصاع لأوامر الزوجة. كما أن هناك نساء يقدمن على الزواج فقط لإنجاب طفل أو طفلين لتحقيق الأمومة الشرعية وبالتالي ضمان مبلغ مالي من مستحقات الفرض وتسارع الى طلب الطلاق ويمنحها القانون مصاريف العدة و المتعة وكأنها لا متعة لها فيه وهذا يحول المرأة وكأنها بضاعة وليس لديها غريزة متبادلة.

ان هذه الحقوق المبالغ فيها لصالح الزوجة يشجعها على طلب الطلاق لعاملين أساسيين وهو الربح المالي والربح المعنوي ، وهو المتمثل في حصولها على الحرية لمن ليس لهن الاحساس بدفئ الأسرة

فاذا كانت مدونة الأسرة التي قدمها في أول الأمر السيد سعد السعيدي في حكومة المرحوم اليوسفي وتم اجهاضها بمظاهرة مليونية بمدينة البيضاء قادها التيار الاسلامي رغم المظاهرة المليونية المضادة بمدينة الرباط والتي قادها المجتمع المدني خاصة الجمعيات التي تطالب بانصاف المرأة ما يعني ان التيار الرجعي هو من يتحكم في الأوضاع لأنه يستغل الدين ويدغدغ مشاعر المواطنين خاصة الطبقة غير المتعلمة.

و إدراكا من جلالة الملك على الأهمية القسوى للموضوع أقدم جلالته على تكليف لجنة مختلطة من نساء ورجال الدولة ترأسها المرحوم بوستة التي أفضت حينها لمدونة الأسرة لسنة 2004 مع الأخد بعين الإعتبار للظروف الإجتماعية و الاقتصادية لتلك الفترة، وهذه المدونة كانت قاسية على الزوج الدي حملته لوحده كل المصاريف المتعلقة بالزواج كما للطلاق ولو كانت الزوجة ميسورة وهذا يحط من دور الزوجة في مسؤولياتها المادية نحو بيت الزوجية.

فالتيار الإسلامي هو من يقف صدا على تحرير المرأة ومنحها حقوقها الانسانية وانصافها كما ينص على ذلك دستور 2011 فهم يعارضون و يجرمون الإجهاض وهذا المنع يؤدي إلى ارتفاع تكلفته ، فتعجز الطبقات الفقيرة عن تسديدها و بالتالي يحتفظ بالحمل الغير المرغوب فيه ويثمر أطفالا غير مرغوب فيهم، ويملأ الشوارع بأطفاله لأن الطفل دون رعاية والديه لن يكون سويا بكل تأكيد وهذا الأمر يجب على السيد وزير العدل الإنتباه إليه كي يتراجع عن فكرة فرض أداء النفقة للطرف المحتضن للطفل خارج بيت الزوجة والتي لم تكن سوى الأم وهذا ما تبحث عليه غريزيا كل الفتيات هي أن تصبحن أمّهات.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى