تجريح قضاة النيابة العامة في النظام القانوني المغربي‎

ناقشت الأستاذة الدكتورة نوال التغدويني أطروحتها تحت عنوان “تجريح قضاة النيابة العامة في النظام القانوني المغربي”، وذلك في رحاب كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية بفاس، تحت إشراف الدكتور عبد العزيز العتيقي وبحضور رئيس وحدة العدالة الجنائية الأستاذ الدكتور محمد بوزلافة باعتباره عضوا في لجنة هذه المناقشة، إلى جانب الأستاذ الدكتور نور الدين العمراني والدكتور أمين أعزان والاستاذ بوهوش عبد السلام.
وقد تناولت الباحثة في هذه الأطروحة بتاريخ 24 مارس2018 مناقشة المادة 274 من قانون المسطرة الجنائية، التي تقضي بأنه “لا يمكن تجريح قضاة النيابة العامة”، وقد تبين للباحثة من خلال هذه المادة بأن المشرع المغربي لم يكن موفقا في منع تجريح هذه الهيأة القضائية وذلك تأثرا بما ذهب إليه المشرع الفرنسي في المادة 668 و 969 من قانون المسطرة الجنائية الفرنسي.
ولكي تبين فشل تشريعنا الجنائي في ما ذهب إليه بخصوص المادة المذكورة، قامت الباحثة بتقسيم أطروحتها إلى بابين، خصصت الأول لدراسة مفهوم التجريح الذي قارنته بمخاصمة القضاة، وذلك من أجل أن تنتهي إلى تحديد المركز القانوني للنيابة العامة ما إذا كانت هذه المؤسسة القانونية فعلا هي طرف في الخصومة الجنائية أم ليست كذلك، فتأكد لديها أمام هذا التساؤل وبعد استبعاد كل النظريات التي كانت تناصر عدم تجريح قضاة النيابة العامة، بأن هذه الهيأة القضائية لم ينعتها المشرع الجنائي بهذه الصفة مطلقا في قانون المسطرة الجنائية حتى يمكن التسليم بالقاعدة الفقهية القائلة بأن الخصم لا يمكن أن يجرح خصمه، وهذا ما جعل منها أن تقترح مجموعة من الاقتراحات المتعلقة بتعديل المادة
274 من ق.م.ج أو حذفها، وبصفة خاصة أمام الإعلان عن استقلال النيابة العامة عن وزير العدل، وذلك بمقتضى القانون رقم 106.13 الذي تأكد من خلال المادة 25 منه بأن عمل هذه الهيأة القضائية في طبيعته، هو عمل قضائي محض يخضع إلى مقتضيات المادة 275 من ق.م.ج ، وليس عملا إداريا حتى يمكن التسليم بعدم تجريح قضاتها .
أما في الباب الثاني فقد ناقشت فيه الباحثة نطاق تجريح قضاة النيابة العامة في المادة الجنائية من جهة، وكذا في نطاق المادة المدنية من جهة أخرى، بحيث تبين لها في النطاق الأول بأنه يجب تجريح هؤلاء القضاة انطلاقا من صفتهم القضائية و ليس انطلاقا من العمل الذي يقومون به أثناء تحريك الدعوى العمومية. أما في المادة المدنية فقد تبين لنفس الباحثة بأن النيابة العامة إذا كانت طرفا أصليا فلا يمكن تجريح قضاتها، أما إذا كانت طرفا منضما فيجب تجريحها، وذلك باعتبارهم قضاة إضافيين إلى قضاة الحكم وليس مجرد طرف فقط.
ولكي تصل الباحثة إلى ما انتهت اليه من وجوب تعديل المادة 274 أو حذفها من قانون المسطرة الجنائية، فإنها اعتمدت على منهج تحليلي ساعدها على اقتراح البدائل إلى جانب ما وجهته من انتقادات إلى اللغة المستعملة في صياغة هذه المادة التي هي لغة إنشائية وليست لغة خبرية وذلك انطلاقا من القول المأثور على أن العرب لا تبدأ بالنفي أو الاستفهام.
وأمام هذا التقسيم فإن لجنة المناقشة منحت لها لقب دكتور في الحقوق بميزة مشرف جدا مع التوصية بالطبع والنشر، وذلك تأسيسا على كون موضوع الأطروحة لم يتم دراسته أو مناقشته أكاديميا، على الصعيد الدولي أو الوطني بصفة مطلقة، ولكون أن مثل هذا الموضوع أصبح يتلاءم مع قانون 106.13 المشار إليه أعلاه، ومن ثم فإنه سيكون مصدرا اقتراح أو مدخل للمشرع الجنائي الذي يسعى قريبا إلى تقديم مشروع حول المادة 274 الانفة الذكر.
ومما يلاحظ بخصوص مناقشة أطروحة الأستاذة نوال التغدويني، أن أعضاء لجنة المناقشة اقتصرت مناقشتهم على بعض الشكليات التي تتعلق بالطباعة فقط، أما الموضوع فلم يتجرأ أحد منهم مناقشته مما جعلهم أن يجمعوا على أن هذه الأطروحة هي الأطروحة
الوحيدة التي نوقشت في الجامعات المغربية و هي تحظى بهذا التقدير المتعلق بعدم مناقشة موضوعها بسبب كونها أطروحة جامعة مانعة في كل جزء منها سواء من حيث اللغة أو التقسيم أو التبويب أو الهوامش أو المراجع المعتمدة.
واخيرا وللاشارة فان الدكتورة نوال التغدويني هي محامية بهيئة المحامين بالرباط.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى